النظام السعودي بين زمنين: من خلع سعود الى خلع بن نايف ..
بقلم / عبدالملك العجري
الصراع الداخلي على الحكم الذي تشهده اسرة ال سعود والذي كان اخرها خلع محمد بن نايف يعيد للأذهان مشهد الصراع بين ابناء الملك عبدالعزيز في ستينات وسبعينات القرن الماضي والذي انتهى بخلع الملك سعود وتولى فيصل الحكم الذي انتهى مقتولا على يد احد افراد العائلة المالكة انتقاما لأخيه الذي قتل في سياق الصراع الذي شهدته العائلة في عهد فيصل .
ما بين الحدثين ثمت تشابه من حيث الدوافع والادوات والظروف تجعل الذاكرة تستعيد مشهد الصراع السابق دون ان تحسم بتشابه النتائج نظر لفارق التعقيد الظرفي ان على المستوى العائلي او الاقليمي او الدولي .
من جهة يتجلى هذا الصراع كما لو انه احد استحقاقات انتقال الملك بين الاجيال وما تفريضه من كسر على تقاليد وترتيبات انتقال الملك خاصة وانه في نظام ال سعود يتخذ نظاما غير معهود في الانظمة الملكية التي ينتقل فيها الملك امن الاب الى ابنائه دون بقية العائلة وعادة يكون الى الابن الاكبر ,الامر الذي جعل مسالة انتقال الملك مدخلا للصراع خاصة في مراحل الانتقال الجيلي .
الملك فيصل قبل ان يقدم على خلع الملك سعود مهد لذلك بسلسلة من الاجراءات لتقليص صلاحيات سعود واستطاع ان يحشد لجانبه اهم ابناء عبدالعزيز ورجال الدين وعلى راسهم ابن باز بحجة مرض سعود وبعض التهم الاخلاقية .وقبل خلع سعود كان فيصل قد انهى زيارة هامة للولايات المتحدة حصل فيها على الضوء الاخضر للإطاحة بسعود مقابل الابقاء على قاعدة الظهران العسكرية الامريكية والتي طلب سعود من الرئيس الامريكي كنيدي ازالتها , كما فتح أسواق الشركات الكبرى الأمريكية البتروكيماوية الي السعودية دون اتفاقيات معلنة .
والمفارقة ان اليمن التي تتعرض لحرب عدوانية لها علاقة ما بالصراع العائلي كانت في لك الوقت تعيش حربا اهلية عقيب ثورة سبتمبر وتحول اليمن لساحة صراع اقليمي بين مصر والسعودية . والعلاقة بعبد الناصر وتهاون سعود مع النفوذ المصري في اليمن كان من ضمن ملفات الصراع ,ويقال انه من اجل افساد العلاقة بين عبدالناصر والملك سعود دبر حادثة اغتيال عبدالناصر
ابن سلمان يكرر نفس السيناريو كجزء من استحقاقات الانتقال الجيلي للملك لكن في ظروف ابلغ تعقيدا داخليا وخارجيا يجعل خطوته محفوفة بكثير من المخاطر والمغامرات, الصيغة السابقة لانتقال الحكم لم تعد قادرة لاستيعاب التغير الحالي,والضريبة التي عليه دفعها ملكفة جدا داخليا وخارجيا ماليا وسياسيا واخلاقيا لا تساوي عشر معشار الضريبة التي دفعها فيصل واخوته .
ابن سلمان ورث اكثر من ثلاثة امير يتنافسون على الحكم وعليه استرضائهم بينما فيصل عندما اطاح بالمللك سعود كان الصراع في اطار ما يقارب الخمسين اميرا وعشرة امراء هم الفاعلون , والتسوية التي استقر عليها الصراع حينها بانتقال الحكم من الاكبر فالأصغر ,وهذه لم تعد الصيغة التي تنظم عملية الانتقال بين ثلاثة الف امير متنافسين ,ولا هيئة البيعة يمكنها ان تضبط توزيع السلطة وقد ثبت انها هيئة شكلية قابلة للطرق والسحب .المهمة الاخرى وما هي الوظائف التي يمكن ان تلبي طموحهم , وكيف يستطيع منع التهديد المستقبلي الذي يشكله تقلدهم مناصب رفيعة في ظل بقاء صيغة الحكم مفتوحة امام الامراء الطامحين ؟, وكم من المليارات التي سيحتاجها لاسترضاء هذا الكم الهائل من الامراء ؟فالرشاوي التي يحتاج لتقديمها باستمرار لهم ستقضي على دولة الرفاه الصيغة التعاقدية بين بين الشعب والنظام السعودي ؟وماذا ستبقى للرؤية الاقتصادية عربون القبول به لدى مؤسسات المال الحاكمة في امريكيا, الشركات الامريكية والغربية وترامب ينتظرون مشاركة السعودي في اهم مؤسسات القطاع العام وعلى راسها ارامكو والصناعات والثروات المعدنية .وغير هذا وذاك الانفاق الباذخ على الصراعات الاقليمية وشراء الولاءات الاقليمية واسترضاء المجتمع الدولي في منطقة تمور بالاضطرابات .
يمكن القول ان ابن سلمان وصل للملك لكن ضريبة البقاء تحتاج لكنوز قارون ,والنظام السعودي لا يملك شيئا غير المال الذي يعتمد عليه في تامين بقاءه .
ايضا المهمة الاقليمية الاصعب امام ابن سلمان الملك التي عليه ان يدفعها ان اراد الاحتفاظ بلقبه هي العلاقة مع اسرائيل ,سياسة لي الذراع التي تبتز بها السعودية حاجة بعض الدول العربية للحصول على التنازلات المطلوبة كقضية تيران وصافير,هي سياسة تعلمتها من امريكا واسرائيل ,وخروج محمد بن سلمان منتصرا لن يمر الا عبر البوابة الاسرائيلية التي تتهيأ لاستقباله