أزمة الخليج الثالثة!!
بقلم / أمين الشريف
أُسْبُوْعٌ واحدٌ كان كفيلًا بكشف الغطاء عن الخلافات الخليجيّة التي كانت تعالج بشكل سري؛ لتظهرَ في العلن وبشكل مزلزل لم يكن أبرز المتشائمين يتوقع حدوثه؛ لترسم ملامح أزمة جديدة في الخليج ربما تتسع لتشمل الشرق الأوسط برمته.
قطع السعوديّة والإمارات ومصر والبحرين علاقاتهما مع قطر لم يكن محض صدفة، خصوصًا أن بعض تلك الدول قد قامت بسحب سفرائها من الدوحة في السابق ثم عادت العلاقات بينهما بمبادرات ووساطات عمانية وكويتية، وهو ما يعني أن العلاقات بين كُلّ من قطر من جهة والسعوديّة والإمارات والبحرين من جهة أُخْـرَى كانت تسودها الهشاشة والضعف، وما كان مفاجئاً وغير متوقع هو إعْلَان هذه الدول إضافة لمصر قطع علاقاتها مع الدوحة وإعْلَان اغلاق الاجواء أمام الطيران القطري واخراج الدوحة من التحالف الإجرامي الذي تقوده السعوديّة على اليمن واغلاق الحدود مع قطر واغلاق المجال البحري والتبادل التجاري معها، ليس هذا فقط بل شن حمله اعلامية منظمة وبشكل متسارع على قطر بغية تركيعها ودفعها نحو الاستسلام تحت شروط مجحفة تخالف الواقع، فالسعوديّة وهي الراعي الأول للإرْهَاب من العالم فرضت على قطر شرط عدم دعم الإرْهَاب، الشروط السعوديّة تبدو مضحكه جداً فما تطالب به السعوديّة من قطر تمارسه هي نفسها وكأنه حلال لها وحرام على غيرها، ومع أننا لسنا بصدد الدفاع عن قطر كون الدولتين كلتاهما لهما باعٌ طويل في تمزيق الأمة العربية والإسْلَامية ودعم الجماعات التخريبية في عدد من البلدان العربية ومنها اليمن، إلا أن الحق لا بد أن يقال فالشروط السعوديّة هي شروط اذلال واستسلام تضعها على الدوحة وتدفعها نحو التركيع، وهذا ما يؤكد كلامنا كشعب يمني من أن السعوديّة انما تشن الحروب على الدول العربية وتحاصرها بغية إذلالها والوصاية عليها وهو ما يؤكد وللمرة ألف صحة خيارنا الذي اتخذناه وهو المواجهة مع قرن الشيطان وعدم الانصياع للكذب والتدليس والضغط الدولي والخليجي علينا بحجة إعَادَة الشرعية.
دخولُ تركيا على الخط هو الشي المهم فبينما كانت السعوديّة تعتقد أن الأزمة ستظل على المستوى الخليجي أَوْ العربي كحد أعلى وأنها تستطيع أن تبتلع قطر دون تدخل من أحد، فوجئت بزلزال مدوٍّ قادم من الشمال البعيد يحمل رساله واضحه (قطر ليست وحدها – قفوا عند حدكم أيها البعران).
رسالة السلطان العثماني أخلت بالوضع القائم وحنبت اللقمة في حلق السعوديّة فلا هي تستطيع الابتلاع لقطر ولا هي تستطيع التقيؤ والعودة للوراء، بما معناه أن الأزمة قد خرجت من نطاقها الخليجي خصوصاً بعد فشل وساطة امير الكويت وخرجت من نطاقها العربي بعد إعْلَان تركيا موافقتها على إرسال خمسة الاف جندي إلى قطر (لحمايتها)؛ لهذا فإن الأزمة تسير نحو التصعيد لا محالةَ وتعلن دخول الخليج في أزمته الثالثة بعد أزمة الخليج الأولى 1980م وأزمته الثانية عام 1990م.
ومن هنا فإنه ليس أمام السعوديّة والإمارات من خيار إلا أن تستمرَّ في تصعيدها، وهو ما يعني احتمال الدخول في الخيار العسكري وهو خيار صعب قد يلهب منطقة الشرق الأوسط بكاملها بعد دخول تركيا على خط الأزمة، أَوْ أن تتراجع للوراء وهو ما يعني انتهاء العربدة السعوديّة والإماراتية على دول الجوار بعد فشلهما في اليمن والآن قطر واعترافهما بضعفهما أمام القوه العثمانية.
لا أحد يستطيع أن يتنبأ بما قد يحدث فلندع ذلك للأيام القليلة القادمة.