الخبر وما وراء الخبر

اليمن.. فقه الانتصار

392

بقلم / أحمد فؤاد/ العهد الاخباري

في كل تطور إنساني تضيع نصف الحقيقة بشيطنة الفعل السابق عليه، أو المشابه له، خاصة مع أفعال بشرية تخضع للتأويل والمناقشة، كما تتأثر بظروف المجتمع وظروف البيئة الإقليمية والدولية.. اليمن “السعيد” لا يعد استثناء من القاعدة، فهو محكوم بما يحكم غيره من المجتمعات البشرية.

اليمن العربي الذي يقاوم ظلم عدوان سعودي سافر، عدوان مدفوع بحقد الأب المهووس بالزعامة، وطمع الابن المغرور بالقوة، ويبحث عن طريق للتوحد واستثمار صدمة الحرب في انتقال إلى يمن موحد حديث، تأبى عليه الأفكار المدفوعة والأقلام المأجورة إلا أن يسقط في أتون خلاف حول التدخل المصري في ستينات القرن الماضي.

مطلوب الآن من اليمنيين، وفقًا لمنظّري الفضائيات، أن يتوقفوا عن المقاومة، وأن يتنازلوا عن الشرف، ليستقبلوا قوات محمد بن سلمان بالورود والياسمين، مطلوب أيضًا أن يتحول اليمن من قلعة صمود عربي إلى فناء خلفي لحصون الرجعية، المرتبطة ولائيًا بالصهيونية وعضويًا بأسياد واشنطن.

شرف المقاومة في اليمن، وغيرها، مستمد ومنعكس في شرف كل مواطن وكل امرأة ومستقبل طفل.

الموازنة السعودية تعاني من عجز هو الأضخم في تاريخها على الإطلاق، وصل إلى 326 مليار ريال، في موازنة 2016، ورغم أن جزءا من العجز يرجع لتراجع أسعار البترول، إلا أن صفقات السلاح الجنونية التي تعقدها السعودية مع حليفها الأمريكي لا تدع مجالا للشك بأن أبطال اليمن كسروا اليد السعودية الطولى، المتمثلة في صنبور الريالات الطافح بطول العالم وعرضه.

السعودية التي لم تقرأ التاريخ ستدخله مثالا لغرور الدور، بعد انزلاقها في أتون كرامة ملتهب، شعب لا يعرف إلا السلاح حلا وطريقا، وتجيد رماله وجباله القتال على مثل هوى اليمني ورضاه.

والعام الحالي سيشهد طفرة جديدة لكلا الطرفين المتحاربين، طرف آمن بقدرته على مواجهة وهم الدور وهزيمة القوة والتكنولوجيا، وطرف يلجأ إلى أسواق العالم مستديناً للاستمرار في تقديم أبنائه على مذبح رغبات الوريث الطائش، الحكومة السعودية تبحث عن مساهمين في “أرامكو”، بينما يبحث اليمني عن أحدث ما في جراب السلاح السعودي ليدمره.

حرب اليمن تشبه في الخط العام لتطورها حرب الاستنزاف المصرية على جبهة قناة السويس، بناء وطني، ثم مساعدات الأصدقاء، وفي الأخير كسرت صواريخ السوفيت بأيدي رجال الجيش العربي المصري ذراع الكيان الصهيوني الطولى، التي جسدتها طائراته الأمريكية – للمفارقة.

كتبت حرب الاستنزاف طريقًا جديدًا لمصر، في ظرف استثنائي كفرت فيه الأمّة بإمكانيات الانتصار، وترسم حرب اليمن بمداد الدم الزكي طريق الخروج من مجتمعات الجهالة والتبعية للعم سام، نجح الاستنزاف وستنجح الأذرع الحاملة لنور وطنها الحافظة لكرامته.

لا تبحث اليمن عن وقف العدوان قدر بحثها عن الانتصار، انتصار يفتتح مشهدًا جديدًا للمقاومة، تكون الخيار الأول لكل حالم بمستقبل جديد، تكتب الصواريخ اليمنية في طريقها لضرب قواعد العدوان حقيقة الانتصار بالدم وغلبة الحق.

الحرب على اليمن تأتي كسلسلة طويلة في تاريخ الأرض اليمنية، حبة رمل على إحدى شواهق الجبال، الشعب قادر على قهر التفوق السعودي في السلاح، ويستطيع رد التخطيط السعودي إلى نار آكلة للبيت السعودي الحاكم ذاته.

* صحافي مصري