نحن لا نهزم.. وهذا هو السر!
بقلم / أم البنين مصطفى*
عريقة غدت تجربة المقاومة في العالم. منذ مهاتما غاندي إلى اليوم أضيفت إليها تجارب عديدة عممت وصارت نماذج يحتذيها كل من أراد النضال بوجه معتد غاصب، أو حاكم ظالم. هذه المقاومة صقلتها تجربة المقاومة الإسلامية في لبنان. وبعد أن أصبحت مقاومة حزب الله نموذجاً ملهماً. ها هو نموذج جديد ينضم إلى النماذج المقاومة وجدير بأن يحتذى، هو المواجهة بالأمعاء الخاوية. تجربة فلسطينية تكللت بالنصر المشرف بعد إضراب الأسرى في السجون الإسرائيلية عن الطعام، إضراباً استمر41 يوماً أجبر بعدها السجان الغاصب على الرضوخ لمطالب الأسرى والتي هي من أبسط حقوقهم الانسانية، كالسماح بإدخال الكتب والملابس والمواد الغذائية خلال زيارات منتظمة، وإنهاء سياسة الإهمال الطبي وغيرها من المطالب المحقة.
أشكال المقاومة إذاً ليست محصورة بالعمليات العسكرية. وحين يكون المطلب هو تحصيل الكرامة والحرية فإن الوسيلة حينها تتخطى الحدود المعروفة إلى الإبداع في الأسلوب. قاعدة تشبه إلى حد بعيد القول إن “الحاجة أم الاختراع”، فصارت وسائل المقاومة متنوعة بتنوع انتهاكات العدو وممارساته القمعية وجرائمه.
أشكال المقاومة هذه تكللت بأشكال من النصر أيضاً. بين نصر عسكري واضح على الأرض، ونصر معنوي يؤتي أكله على المدى الطويل (تماماً كما تصنع الشهادة)، ونصر يتمثل بمنع تحقيق أهداف العدو. والأمثلة اليوم كثيرة في عالمنا العربي حيث لا يخلو بلد من جور الملوك أو إرهاب الجماعات التكفيرية أو اعتداءات الجيش الصهيوني. وكان المقاومون للوصول إلى أهدافهم يرخصون الأرواح والدماء. هذا ما أذهل العدو الذي يخاف جنوده الموت رغم أنهم مددجون بأكثر الأسلحة تطوراً. وبعد ما لمسه العدو من العقيدة الراسخة لدى المقاومين والضربات الموجعة التي تلقاها بات يخاف هذه العقيدة ويحاربها بشتى الوسائل.
اذاً هذه العقيدة هي سر الانتصارات. بات مثبتا أن عقيدة الجهاد والشهادة هي الوحيدة القادرة على تحقيق نصر حقيقي غير مزيّف. هذه هي العقيدة ذاتها التي يقاتل بها أبناء المقاومة الاسلامية في لبنان وفلسطين في مواجهة الصهاينة أصحاب عقيدة العنف والإرهاب، وهي التي مكنت إلى جانب الإرادة الصلبة من تطوير التكتيكات القتالية وتطوير بعض الأسلحة. ويواجه بها أهل سوريا والعراق الجماعات التكفيرية التي تجاوزت في العنف والإرهاب والمجازر الجيش الصهيوني الأم. ويدفع من خلال هذه العقيدة أبناء اليمن مخططات السعودية وأطماعها فيه. بينما يحمل أبناء الثورة السلمية في البحرين هذه العقيدة من دون حمل السلاح وعلى الرغم من ذلك يرتفع يوماً بعد يوم عدد الشهداء الذين يقضون على أيدي نظام آل خليفة الجائر وجل مطالبهم إجراء إصلاحات في النظام كصياغة دستور جديد يتضمن مجلسا نيابيا كامل الصلاحيات وحكومة منتخبة.
ومهما طالت المدة بات معروفاً ان النصر حليف اصحاب هذه العقيدة التي تنطوي على بذل النفس دون تراجع لبلوغ الهدف الاسمى.
ومن السنن التاريخية ان النصر للمظلوم في نهاية المطاف ولطالما كان المظلومون في العالم يقدمون النفس التي هي أغلى ما يملكون من اجل نيل الحرية والكرامة. إذا ان الايام امام شعب البحرين مهما تمادت لن تبخل عليهم بالنصر وإنما سيل دماء الشهداء سيكون هو المؤدي لزوال حكم الطغاة الذين يمعنون في تهميش مطالب أكثرية الشعب ويعملون على سحب الجنسية منهم ثم إيداع رموز الحراك في السجون للتأثير على معنويات المتظاهرين والمعتصمين، وكل ذلك كان دون جدوى بل على العكس هو يزيد الحراك قناعة بضرورته وأهميته.
وفيما يقاتل ابناء اليمن تحت وطأة الحصار والتجويع والأمراض وآخرها الكوليرا ،بقيت معنوياتهم مرتفعة وارادتهم لم تهتز بل قاتلوا العدوان السعودي الأميركي بأقدام حافية وما ذلك إلا قتال عقيدة راسخة لا تهزها دولارات برائحة البترول والنفط ولا تزلزلها تحالفات دولية ولا كونية تقصف بطائراتها عزاءً من هنا أو فرحة مخطوفة من فم الحرب الشعواء من هناك.
سر النصر إذاً هو هذه العقيدة الممتدة في جذور الأرض والتي تصل إلى عنان السماء. بها انتصرت المقاومة الإسلامية في لبنان انتصارات مهدت للانتصار الكبير عام 2000 وحققت انتصار 2006. وبها حققت المقاومة الفلسطينية انتصاراتها على العدو الصهيوني عام 2009 وعام 2012. وبها سيحقق اليمن والعراق وسوريا وكل بلداننا العربية الجريحة انتصاراتها على المشاريع التقسيمية والتدميرية لصالح الاستكبار العالمي. بهذه العقيدة وحدها سينتصر أحرار العالم على أصحاب الفكر الإلغائي العدواني. ولن تكون العاقبة إلا بتحقيق العدالة والحرية..
*موقع العهد الاخباري