الخلاف القطري السعودي.. نقطة اللاعودة
بقلم / طالب الحسني
اعترف وزير الشؤون الخارجية في الإمارات أنور قرقاش ان أزمة حادة يمر بها مجلس التعاون الخليجي، هذا الأخير قال أيضًا أن للصبر حدود، ينطوي هذا التصريح على تهديد لقطر من التحالف السعودي الإماراتي البحريني، يتزامن أيضًا مع تسعير الحرب الإعلامية التي تشنها السعودية والإمارات على قطر، ويبدو أن هذا التحالف لم يكتفي بإطلاق المؤسسات الإعلامية والسياسية فحسب بل أطلق أيضًا الضوء الأخضر للمؤسسات الدينية التي بدأت بإسقاط صلة متعلقة بانتساب أمراء قطر إلى شيخ الوهابية محمد بن عبد الوهاب، الصدمة كانت أن الدوحة أطلقت بيان أكدت أنها لم تدعي يوما من الأيام بانتسابها إلى محمد بن عبد الوهاب .
هل تنتقل الحرب الكلامية إلى ما هو أكثر؟
الاحتقان السعودي القطري وملفات الاشتباكات بين الطرفين قديم جديد ومتصاعد، ومن يتذكر أحداث سحب السفراء من هذه الدول أعني السعودية البحرين الإمارات من قطر في العام 2014 سيسترجع أجواء هذا الصراع نفسه، والمفارقة الكبيرة أن الحرب العسكرية في 96 كانت بين هذه الدول نفسها وبين قطر مضاف إلى تلك الدول مصر، كانت تسعى هذا الحرب إلى الإطاحة بالأمير القطري حمد بن خليفة آل ثاني.
النائب السابق في مجلس الأمة الكويتي واللواء المتقاعد ناصر الدويلة اعتبر الهجمة الإعلامية السعودية الإماراتية على قطر بأنها انفلات خطير في الاتزان السعودي، وقال في تغريدات على تويتر أنها تشبه إعلان الحرب، والخيط الرفيع الذي علق البعض عليه في وساطة كويتية قطع بالمرة، ويبدو أن الكويت وعمان وهما الدولتان التي لديها علاقات مع قطر أقرب منها إلى السعودية والإمارات والبحرين، قررتا الوقوف على مسافة بعيدة وانتظار ما ستسفر عنه هذه العاصفة.
بالعودة إلى ما تسمية قطر ليلة الهجوم عليها في قنوات السعودية والإمارات يمكن الوصول بوضوح إلى أنه كان هناك قرار من السلطات السعودية بمهاجمة قطر ولم يكن البيان الذي استندت إليه السعودية سوى الشرارة التي فجرت الاحتقان الكبير، إذ أنه كان بالإمكان الانتظار لتوضيحات أكثر من الدوحة حول البيان قبل فتح الهواء واستضافة محللين وكتاب من كل من مصر والإمارات والسعودية والبحرين لمهاجمة قطر بصورة لا تتناسب مطلقا مع الموقف القطري والبيان.
أين سيتوقف الخلاف وهل هناك آمال للعودة؟
ملفات اشتباكات عديدة بين السعودية وقطر، البعض قديم متعلق بعلاقات قطر الكبيرة بالإخوان المسلمين ودعمهم في مصر وتونس واليمن وفلسطين والسودان، وحساسية السعودية من الإخوان، هذه الحساسية لها علاقة بنزعة مرتبطة بالفكر الوهابي الذي يختلف في أجزاء كبيرة منه عن فكر الإخوان، من زاوية الإسلام السياسي، والبعض جديد مرتبط بالجماعات التكفيرية التي تدعمها كل من مصر وقطر في سوريا، إذ أن السعودية تدعم تيار وجماعات من بينها جيش الإسلام الذي يضم عشرات الفصائل أبرزها صقور الشام ولواء جند التوحيد ولواء الإسلام يلقى دعما من السعودية وفرضت السعودية علوش لمفاوضات جنيف ضمن الوفد المحسوب عليها، بينما فيلق الرحمن وجيش الفسطاط ومعهما أجناد الشام وفصائل أخرى يقاتلون تحت لواء جبهة النصرة يتلقون دعما قطريا، هذه الجماعات تخوض حروب عنيفة فيما بينها إن كان في غوطة دمشق أو في مناطق أخرى، ينسحب الأمر إلى الوضع الليبي والأوضاع في اليمن وإن كان الأمر يختلف كثيرا جدا إذ أن حزب الإصلاح لديه قدرة كبيرة على النفاق وتدرك السعودية أنها بحاجة كبيرة له ميدانيا مثلما هو الحال مع قطر، لكن ما يبرز بصورة أوضح هو الصراع الإماراتي القطري في المحافظات الجنوبية فأجندات قطر في المحافظات الجنوبية المرتبطة بهاشم الأحمر وبالإصلاح وبعلي محسن لم تعد قادرة على التموضع لا العسكري ولا السياسي بعد منح الإمارات لأجنداتها الضوء الأخضر ببسط سيطرتها وإنهاء أي شكل من أشكال النشاط الإخواني وصولا إلى إحراق مقرات الإصلاح في عدن.
قطر، إيران، حماس، حزب الله، السياسة الخارجية السعودية المستفزة:
يتعدى الأمر أن السعودية تريد من قطر أن تصعد ضد إيران بنفس القدر الذي تقوم به الرياض والمنامة، فرغبة السعودية تصل إلى محاولة فرض رؤيتها الخارجية على دول الخليج وتحدد علاقات هذه الدول بالمحيط الإقليمي والدولي، لكن هذه الرغبة لم تتجاوب معها قطر في أكثر من مناسبة، فالدوحة لم تصعد لا إعلاميا ولا سياسيا ضد إيران خلال أزمة الحج واستشهاد المئات من الحجاج الإيرانيين، بينما سحبت كل من السعودية والإمارات والبحرين سفرائها بعد إحراق السفارة السعودية في إيران، وهو ما اعتبرته السعودية خروج قطر عن الإجماع الخليجي، وتطول المواقف الذي لا تعزف الدوحة على نفس الموال السعودي وصولا إلى الموقف القطري الأخير من إيران وحماس وحزب الله الذي أثار غضب السعودية ودفع بها إلى تأزيم العلاقة لإيصالها إلى نقطة اللاعودة.
هذه الأحداث التي ذكرتها انتزعت منها الموقف الأمريكي البريطاني لأنه بحاجة إلى قراءة منفصلة تماما .