المحاضرة الثانية للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بعنوان “لعلكم تتقون” رمضان 1438هـ 29-05-2017 ( نص + فيديو )
https://youtu.be/Y1jAIO9Ue6Q
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وتقبل الله منّا ومنكم في هذا الشهر الكريم الصيام والقيام وصالح الأعمال إنه سميع الدعاء وهو أرحم الراحمين.
حديثنا مستمرٌ عن التقوى كغايةٍ أساسيةٍ للصيام حينما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
فهو هنا حدد لنا غايةً أساسيةً ومهمةً يهدف الصيام إلى تحقيقها في واقعنا هي التقوى والتقوى موضوعٌ أساسي تحدثنا بالأمس عن أهميتها وتحدثنا عن النتائج المترتبة عليها وهي نتائج في غاية الأهمية بالنسبة لكل إنسان مسلم.
اليوم أيضاً نستمر في الحديث عن التقوى من هذا المنطلق بإعتبار أهميتها الكبيرة في ما يترتب عليها في الدين من نتائج مهمة لكل إنسان مسلم وقضية أساسية لا يمكن الإستغناء عنها ولا التجاهل لها ولا التهميش لها ولا الغفلة عنها إلا ويكون لذلك نتائج سيئة جداً على مستوى الدين والإلتزام الديني.
لأهمية التقوى الكبيرة في الدين أنه لا قبول للأعمال الصالحة إلا بها، مهما عملت من عملٍ صالح ومهما تقربت إلى الله من قرابين من الأعمال الخيرة والأعمال الصالحة مهما فعلت ومهما قدمت لا يمكن أن يُقبل ذلك منك إلا بالتقوى وأن تكون من المتقين، وهذه مسألة أيضاً مهمة جداً تدل على الضرورة القصوى للعناية بهذه المسألة والتركيز عليها والإستفادة من شهر رمضان في صيامه وقيامه وصالح الأعمال فيه لتحقيق التقوى في واقع الإنسان المسلم.
الله سبحانه وتعالى حكى لنا في كتابه الكريم حكايةً تاريخيةً مهمةً فيها الكثير من العبر والدروس وفي مقدمة هذه الدروس الأهمية الكبيرة للتقوى قال جلّ شأنه ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ ) ابني آدم أبينا آدم عليه السلام ( بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ) كل منهما قدم قرباناً إلى الله سبحانه وتعالى أحدهما تقبل الله منه قربانه والآخر لم يتقبل الله منه قربانه، لاحظوا ما أكبرها من حسرة ومن خسارة والبعض قد يهدم نفسه قد يغش نفسه قد يجلس فترات طويلة ويتوجه في هذه الحياة لفتره طويلة بعيداً عن التقوى يعتبر أنه يعمل الكثير من الأعمال الصالحة وأن له في مجال أعمال الخير والبر والإحسان إلى الناس نشاطًا واسعًا وأنه يعمل ويعمل ويفعل ويفعل من الأعمال الصالحة هنا وهناك في مجالات متعددة ولكن بعيدًا عن التقوى فيمضي حياته على هذا الأساس يمضي عمره بناءً على هذا كيف ستكون حسراته يوم القيامة عندما يكون ما قدمه من الأعمال أعمال الخير أعمال إحسان قرابين معينة أعمال تقرب بها إلى الله فيكتشف أنها يوم القيامة تحولت إلى هباءٍ منثور ( وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا)، هباء مثل ذرات الغبار الصغيرة التي لا قيمة لها ولا أهمية لها ولم يتحقق له من ورائها اي نتيجة، هنا في الآية المباركة عندما يقول إذ قرا قربانا ، كل منهما تقرب إلى الله بقربان، فتُقُبّل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر، (قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ) تحركت فيه نزغة الشيطان وحالة الحسد والحقد (قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) وهذه نقطة في غاية الأهمية إنما يتقبل الله من المتقين، القاعدة الأساسية والمرتكز الأساس لقبول الأعمال الصالحة والقرب التي نتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى هي التقوى (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) مهما عملتَ ومهما قدمتَ ولكن من غير التقوى ومن غير إلتزامٍ بالتقوى وبعيداً عن الإنطلاقة المستندة إلى التقوى في النيّة والهدف والتوجه والإسلوب .. إلى غير ذلك، إذا خرجت عن نطاق التقوى فما من قبولٍ لعملك مهما كان، هو عمل حابط (حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) غير مقبولٍ عند الله سبحانه وتعالى وليس له من آثار او نتائج إيجابية لا على نفسك ولا في الواقع من حولك ولا فيما يترتب عليه من نتائج في الدنيا والآخرة عند الله سبحانه وتعالى.
فإذاً لهذا الإعتبار لهذه الأهمية للتقوى من المهم أن نستفيد من شهر رمضان من صيامه من قيامه من الأعمال الخيّرة فيه ولدينا هذا التوجه ونمتلك هذا الحرص في تحقيق التقوى في واقعنا، لأنه إذا كانت هذه المسألة غائبة عن ذهنيتنا وغائبة من اهتمامنا ولا وجود لها في توجهنا فستكون استفادتنا ضئيلة جداً أو منعدمة، استفادتنا من الصيام في شهر رمضان ومن ما في شهر رمضان من عوامل تساعدنا على تحقيق التقوى في واقعنا فنفقد هذه النتيجة المهمة وكما هو لدى البعض ينحصر اهتمامهم في هذا الشهر المبارك او نظرتهم غلى صيام شهر رمضان وغيره ممافي هذا الشهر من قرب إلى الله سبحانه وتعالى كعملية انتاج للحسنات يعني تركيز فقط على الثواب تركيز فقط على الأجر، الثواب والأجر يتحقق إذا تحققت التقوى، النتيجة المهمة هي التقوى، إذا تحققت تحقق معها الثواب والأجر وبقية ما يؤمّله الإنسان من بركات هذا الشهر في صيامه وقيامه إذا لم تتحقق التقوى لن تتحقق بقية النتائج، فلا ثواب ولا أجر بل يكون واقع الإنسان كما ورد عن النبي صلوات الله عليه وعلى آله (رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صيامه إِلَّا الْجُوعُ والظمأ وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلا السَّهَرُ والتعب).
فعلاً، رُبَّ صائم ولربما الكثير الكثير من الصائمين حظهم وما يتحقق لهم من الصيام او ما لحقهم من هذا الصيام هو ظمأ هذا الصيام وهو جوع هذا الصيام، أما الأجر أما الثواب أما الفضيلة أما القربى إلى الله سبحانه وتعالى أما الآثار الطيبة التربوية والنفسية للإنسان من هذا الصيام فتكاد تكون منعدمة لدى الكثير، بل للاسف البعض قد يكون خلال شهر رمضان في نهاره أو في ليله يعصي الله سبحانه وتعالى يهدر أعز وأقدس وأشرف الأوقات التي ينبغي اغتنامها لأهداف كبيرة لمكاسب عظيمة لنتائج طيبة ومهمة للإنسان في حاضره في الدنيا ومستقبله في الدنيا ومستقبله الكبير والأبدي والدائم في الآخرة، كيف نستفيد من صيام شهر رمضان لتحقيق التقوى، كيف هي الطريقة؟
أولاً: التوجه الذهني والتركيز النفسي على هذه المسألة، لأنه كما قلنا إذا كانت غائبة من ذهنيتنا واهتمامنا فلن نستفيد كما ينبغي نركز نلتفت إلى هذا الجانب، عملية الصيام هي عملية ترويض وعمليه فيها تحكم وسيطرة على رغباة النفس وشهواتها، لاحظوا ما الذي يؤثر على الإنسان فيبعده عن التقوى أو يفقد التزامه الديني الذي هو جوهر التقوى.
أول عامل من العوامل السلبية المؤثرة في الإنسان التي تنحرف به عن تقوى الله سبحانه وتعالى رغبات النفس وشهواتها وهواها فالكثير من الناس لرغبة نفسه لشهوة نفسة لرغبة نفسه قد لا يلتزم قد يخالف الله قد يعصي الله سبحانه وتعالى وينجر وراء شهواة هذه النفس ورغبات هذه النفس فيحيد عن تقوى الله سبحانه وتعالى ويقع والعياذ بالله في المعصية لله، في المعصية لله، ويجره الشيطان في خطواته نحو المعصية خطوة خطوة ، حالة التقوى إما منعدمة لديه أو ضعيفة لديه ينجر شيئا فشيئا فشيئا، يسول له الشيطان ، يمنيه ويؤثر على نفسيته فينجر بدفع الرغبة، بدافع الرغبة ، بدافع الهوى، بدافع الشهوة ، حتى يصل إلى المعصية ، ليس عنده قوة إرادة يعاني من ضعف في إرادته في تماسكه النفسي ، ما عنده تماسك في نفسيته، ضعيف أمام هوى النفس، ضعيف أمام ميول النفس ، ضعيف أمام رغبات النفس شهوات النفس، فيسقط في العصيان والعياذ بالله
عملية الصيام هي عملية تربوية ترويضيه نتعلم فيها ومنها التحكم بالنفس امام رغباتها ، امام شهواتها امام رغباتها في الطعام ، وهي رغبة أساسية لدى النفس، رغبة فطرية رغبة ملحة ورغبة غريزية في الإنسان رغبته في الطعام حتى والإنسان يشعر بالجوع ويتلهف ويرغب للطعام يرى نفسة في موقع التحكم على هذه النفس التحكم السيطرة على هذه النفس فيمتع بإرادة ينمي في نفسه قوة الإدارة ، إدارة حره يمتنع عن تناول الطعام ، أيضا أمام الظمأ، عندما يعاني من الظمأ، وفي كثير من البلدان وفي كثير من الحالات مع الحرارة أيضا تشدد حالة لأضما أكثر من حالة الجوع فيحس بحاجته الغريزة إلى حاجة ان يتناول الماء وأن يشرب الماء مع معاناته مع الظمأ فيتحكم بنفسه ويمتنع من ذلك هنا يتمنى فيه قوة الإرادة والسيطرة والتحكم بالنفس، هذه عملية ترويضيه ، هذه فيها عملية تربوية ، تربية على قوة الإرادة وعلى السيطرة وعلى الامتناع حتى لا تكون ضعيفة مجرد أن يكون لك ميل رغبه نفسية أو شهوه نفسية لشي ما فتكون سريع السقوط وسريع الوقوع في ذلك ، لا ، تمتنع ، حتى عندما تتصاعد هذه الرغبة هذا الميل لدى النفس إلى الماء إلى الطعام إلى مختلف أنواع الأشربة والمطعومات ـ تمتنع وتسيطر.
كذلك عن الرغبة الجنسية، فالإنسان كذلك ممنوع من زوجته خلال النهار من شهر رمضان الزوجة كذلك ممنوعة عن زوجها الالتزام الديني فالصيام يفرض على كليهما الامتناع عن الذات فهنا السيطرة أهم الجوانب تشكل أو تمثل رغبه وحاجة غريزية في نفس الإنسان، فيما يتعلق بالطعام والشراب والرغبة في الزوجة، هذا الامتناع هذه السيطرة خلال شهر رمضان خلال نهاره وهذا الامتناع عن الطعام والشراب والمعاشرة للزوجة له أهمية كبيرة في تقوية الإرادة لدى الإنسان وقوة السيطرة على النفس في رغباتها وتوجهاتها، بقدر ما تتحقق هذه السيطرة على النفس أنت هنا تسد ثغرة خطيرة جدا هي أكبر ثغرة يدخل من خلالها الشيطان في عملية الوسوسة للنفس والتأثير على النفس والجر للإنسان إلى المعاصي والإخراج للإنسان عن حق التقوى، هذا جانب، الجانب الآخر كثير من التشريعات والمسؤوليات التي حملنا الله إياها ويفرضها علينا الواقع هي مسؤوليات تحتاج إلى صبر إلى تحمل، وفي واقع الحال إن كل الأمور المهمة في هذه الحياة حتى خارج الاعتبار الديني خارج اعتبار المسؤولية الدينية مسؤولياتنا الفطرية لهذه الحياة تحتاج إلى تحمل تحتاج إلى صبر.
كثير مما نواجهه في هذه الحياة من التحديات من المشاكل من العوائق من الصعوبات تحتاج إلى صبر، الصبر قضية أساسية يحتاج إليها الإنسان في مشواره في الحياة وفي رحلته في الحياة وإلا إذا فقد الإنسان الصبر ينهار، والكثير من الناس في هذه الحياة ينهار نفسيا، يتحطم نفسيا بل البعض يصاب بمرض نفسي وتنهار قواه النفسية وتحمله وطاقته في مواجهة صعوبات هذه الحياة ومشاق هذه الحياة أمام الصعوبات التي يمكن أن نواجهها في هذه الحياة أمام المتاعب أمام المشاكل أمام التحديات وللتحمل في النهوض بمسؤولياتنا الدينية والمقدسة وهي مسؤوليات نحتاج إليها في هذه الحياة لها علاقة بهذه الحياة، لها علاقة بإصلاح هذه الحياة لها علاقة بالحد من مشاكل هذه الحياة مثل مسؤولية الجهاد في سبيل الله في مواجهة الطغاة الظالمين الأشرار المفسدين المجرمين، هذه الفئات التي تلعب دورا سلبيا وتخريبيا في واقع الحياة معظم مشاكل الناس في هذه الحياة معظم مشاكلهم وراءها هذه الجهات، المجرمون المفسدون الظالمون المستكبرون الطغاة، فئات، كل فئات الشر كل الفئات التي ترتبط بالأجندة الشيطانية في هذه الحياة هي وراء الكثير والكثير من مشاكل الناس، من مشاكل البشرية في هذه الحياة هي الجهات التي تنتج الظلم وتمارس الظلم وتمارس الفساد وتمارس الطغيان وتمارس الإجرام وترتكب الجرائم فيعاني منها الناس في انعدام أمنهم وانعدام استقرارهم وتعاني منها البشرية على مستوى الاستقرار السياسي والاستقرار الاقتصادي والاستقرار الأمني يفقدون الناس الأمن والأمان والاطمئنان، يعاني منها أوتعاني منها البشرية على المستوى الاقتصادي فيزداد الفقر وتزداد معاناة الناس على المستوى الاقتصادي وتحدث المجاعات ويتولد عن المشكلة الاقتصادية الكثير من المشاكل الاجتماعية والمشاكل الأمنية والمشاكل المتنوعة في هذه الحياة، إذن علينا مسؤولية معينة، هذه المسؤولية يسميها الله الجهاد في سبيله.
الجهاد في سبيل الله هو عبارة عن التصدي لهذه القوى المجرمة، قوى الإجرام قوى الطغيان قوى الإفساد قوى الظلم التصدي لها والسعي لمنعها من ممارسة ما تمارسه من جرائم بحق البشرية من ظلم من نكبات وويلات ومآس تلحقها بالبشر والعمل على إقامة العدل وإقامة الحق وإعلاء كلمة الله وهي كلمة الخير كلمة العدل كلمة الإحسان، ما الذي يريده الله لعباده وما الذي يريده الله من عباده وما الذي يأمر الله به عباده؟ قال في آية جامعة (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى) هذه المجالات الثلاث تصب فيها توجيهات الله، تعليمات الله، فيها الإطار الجامع لكل التفاصيل التي يأتي بها الدين، العدل ونطاق واسع يشمل الكثير الكثير من توجيهات الله وتعليمات الله والتفاصيل التي أتى بها الشرع الإلهي (وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي) الذي ينهى الله عنه ويأمرنا أن ننهى عنه أن نتصدى له في هذه الحياة أن نعمل على مواجهته في هذه الحياة، كذلك اشتملت عليه هذه العبارات الثلاث الفحشاء، المنكر، البغي، هذه شملت كل المفاسد شملت كل المظالم شملت كل الشرور شملت كلما يمكن أن ينتج عنه أمور سيئة وسلبية في واقع الناس كلما يمكن أن تتضايق منه البشرية كلما يمكن أن تعاني منه البشرية يدخل ضمن الفحشاء بما فيها من مساؤى وسلبيات اجتماعية تهد الحياة الاجتماعية، تفكك الأسر، تدنس النفوس، لها انعكاسات سلبية وفظيعة في الواقع.
المنكر أيضًا ويدخل ضمنه تفاصيل كثيرة هي كل ما يمكن أن نركز على مواجهته والتصدي له لآثاره السيئة في واقع الحياة البالغة السوء في كل مجالات الحياة على المستوى الأخلاقي على المستوى الاقتصادي على المستوى الأمني إلى آخره، والبغي وحالة البغي اليوم هي الحالة التي تعاني منها الشعوب بغي البغاة ظلمهم تعديهم على الناس بغير الحق.
كم هناك من حروب هي تدخل في إطار البغي اليوم العدوان السعودي الأمريكي على بلدنا هو حالة بغي ما يجري على الفلسطينيين هو حالة بغي ما يجري على السوريين هو حالة بغي ما يجري على العراقيين حالة بغي ما يجري على مختلف شعوب المنطقة، ما تعاني البشرية، وما يعاني منه المستضعفون في شتى أقطار الدنيا، البغي، لكي نتحمل مسئوليتنا في التصدي للبغي في التصدي للظلم في التصدي للشر في العمل على إقامة العدل على إحقاق الحق، لابد من الصبر لا بد من الصبر، كيف نتربى على الصبر الصبر في النهوض بالمسئولية، الصبر في طاعة الله، الصبر في الامتناع عن معصية الله، والسيطرة على النفس، والانتصار على هوى النفس، عملية الصيام هي عملية نتعلم منها الصبر أن نصبر عند الظمأ تظمى تشعر بالظمأ وتعاني من الظمأ ويزداد الضغط النفسي والجسدي عليك من ذلك فتتعلم أن تصبر وأن تتحمل والصبر هي حالة تحمل باختصار الصبر حالة تحمل في النفس والجسد، عند الجوع مثلا تعاني من الجوع والضغط النفسي عند الجوع والضغط البدني عند الجوع فتتعود على أن تصبر وأن تتحمل وهكذا نتعود ونتروض على الصبر عند حالات المتاعب النفسية والمتاعب الجسدية.
كلما تعود الإنسان على الصبر كلما امتلك القدرة على التحمل وبالتالي القدرة على النهوض بالمسئولية، القدرة على الالتزام، المنعة النفسية، القوة النفسية تتنامى حالة من القوة النفسية والطاقة النفسية والامتلاك للقدرة بشكل أفضل وبشكل أكبر، لكن يحتاج الإنسان إلى استحضار الذهنية لهذا بمعنى إذا لم تركز في ذهنيتك ونفسيتك على أنك عندما تعيش أجواء الصيام وتستشعر أثناء الصيام هذا التجلد هذا التصبر تستشعره وتسعى إلى الاستفادة منه كحالة نفسية من التحمل النفسي والتحمل البدني إذا لم تستحضر هذا فيمكن أن يغيب عنك، يتجه فقط تركيزك إلى ألانتظار لوقت الإفطار ولحينما يأتي العشاء والاستعداد عند ذلك أن تتجه إلى الأكل والشرب بكل نهم لتعوض هذه الحالة التي عانيت منها أثناء الصيام فاتجه كل تركيزك إلى الانتظار للإفطار حينما يأتي الليل وبالتالي تتجه بشراسة كبيرة ورغبة عارمة وتوجه كبير جدا إلى أن تقضم وتأكل أقصى ما تستطيع أكله من الطعام لتملأ به بطنك ومن الشراب لتملأ به ظمأك حتى تعوض عن نفسك ما قد عانيته من الجوع والظمأ أثناء الصيام، لا.
لاحظوا حتى عندما يأتي المساء يحاول الإنسان أن يكون توجهه للشراب والطعام وهو يشرب الماء أو يشرب العصائر أو يأكل من الطعام بدون نهم شديد، بتماسك بوقار بتروٍ بتأدة، وليس باتجاه وكأنه خرج من سجن فيتجه فورا إلى الأكل والشرب بكل نهم وقوة ويأكل بشكل كبير جدا، يتعب نفسه طوال الليل، لا، يحاول الإنسان يتماسك، فإذن عملية الصيام نستفيد منها التعود على السيطرة على النفس، على تنمية الإرادة والقوة والسيطرة والتحكم أمام رغبات النفس وأمام شهواتها، نتعود من الصيام الصبر ونحن نحتاج إلى الصبر في كل شيء، في الالتزام الديني في الابتعاد عن المعصية، في طاعة الله سبحانه وتعالى حتى فيما خالف هوى النفس ورغبة النفس، أو صعب على النفس أو رأت فيه النفس المشقة عليها، وللنهوض بالمسؤوليات المهمة نحتاج إلى التقوى، أن نتقي الله فلا نفرط فيها، لأننا إن فرطنا في مسؤولياتنا الكبيرة ترتب على ذلك نتائج سيئة في حياتنا وفي مستقبلنا يوم القيامة، كم من المظالم تنتشر في هذه الأرض؟ كم من المفاسد تنتشر في هذه الأرض نتيجة التقصير؟ نتيجة الإهمال في النهوض بالمسؤولية، لاحظوا الأكثر من البشر لا يزالون متنصلون عن مسؤولياتهم في التصدي للظلم والظالمين والفساد والمفسدين والطغاة وطغيانهم، وهذا يفيد أولئك، يزداد ظلمهم يزداد استبدادهم يزداد طيغيانهم، تزداد المظالم تزداد المآسي، تكبر النكبات والويلات على البشرية، لكن كلما استشعر الناس التقوى كلما تحملوا مسؤولياتهم كلما تحسن واقع الحياة وكلما كان لذلك أثرا إيجابيا في واقع الحياة.
أيضا من الفوائد المهمة في صيام شهر رمضان، وينمي التقوى والإحساس الخيِّر في نفس الإنسان والإحساس بمعاناة الآخرين، أنت أثناء الجوع حاول أن تتذكر الآخرين الذين يعانون من الجوع، الكثير من الناس خصوصا في هذه المراحل التي تعاني منها الأمة من الحروب والمشاكل الكبيرة والويلات والمآسي والنكبات من ظلم الطغاة والمجرمين، الكثير من الأسر تعاني، المشكلة الاقتصادية اليوم مشكلة كبيرة تعاني منها شعوبنا بالدرجة الأولى، عندنا في بلدنا في اليمن مع العدوان السعودي الأمريكي الكثير من الأسر تعاني في مختلف المحافظات تأتي إلى صنعاء حتى في المدينة، في الأمانة ومحيط صنعاء، تأتي إلى إب، تأتي إلى الحديدة، تأتي إلى تعز مختلف المحافظات، الكثير من الأسر، في المدن أيضا هناك الكثير من الأسر تعاني، في محيط المدن، النازحون أيضا يعانون معاناة كبيرة، الكثير من الأسر تعاني في سد جوعها، تعاني في توفير لقمة العيش، تعاني في توفير الخبز لتأكله وتسد جوعها به، أنت عندما تحس بالجوع حاول أن تحس بالآخرين الذين يعانون من الجوع، الذين يصعب عليهم توفير لقمة الخبز، عندما تعاني من الظمأ تذكر معاناة الآخرين، هذا يساعدك، حينما تحس أنت من معاناة الجوع حاول أن تحس بمعاناة الآخرين، وهذا جانب مهم يساعدك على التقوى، على أن تتقي الله في الآخرين من حولك، لأنه ما آمن من بات شبعانا وجاره جائع، لا يليق بك كمؤمن أن تكون أنانيا لا تفكر إلا بنفسك، وإذا امتلأ بطنك من الطعام لم تعد تذكر الآخرين ولم تعد تحس بالآخرين وبمعاناتهم، هذا إذن جانب آخر يساعد على ذلك.
أيضا تنمية الروح الخيِّرة، الكسر لشهوة النفس وطمع النفس ورغبة النفس وهوى النفس يترك أثرا إيجابيا في معنويات الإنسان، يشده إلى الله سبحانه وتعالى فيشعر بالقرب من الله سبحانه وتعالى، يشعر أيضا بصفاء الذهن، ذهنيته، ويشعر في وجدانه بالتوجهات الإيجابية والخيِّرة نحو الآخرين أيضا، هذا يساعد أيضا على فعل الخير في هذا الشهر وعلى الاهتمام بالقرب الأخرى، فيكون الإنسان مهيأً لأن يتفاعل مع تلاوة القرآن على نحو أفضل، بأن يتفاعل مع الإنفاق والإحسان إلى الآخرين على نحو أفضل، بأن تتنامى فيه روح الخير والرغبة في روح الخير على نحو أفضل، بأن تتحسن أخلاقه وسلوكياته مع الآخرين على نحو أفضل، طبعا هناك لدى البعض العادة السيئة وهي ناجمة وناتجة عن تصرف خاطئ، يعني البعض يتصور أنه أثناء الصيام من المفترض أن يكون ضيق النفس، سريع الغضب سريع الانفعال ومتجهما وعبوسا، يظن ذلك ظنا يعني فيتفاعل على هذا الأساس، يبني على العبوس يبني على التجهم، يبني على أن يكون ضيقا، ومنفعلا على طول لماذا؟ لأنه صائم، هذه قضية ليست صحيحة، ليست من لوازم الصيام، ربما تصبح حالة نفسية إذا بنى الإنسان عليها، يعني نتجت عن تصور له أنه لا بد من ذلك، لا بد أن أكون عبوسا ومتجهما ومنشد النفس ومنقبض الخاطر، لا، على العكس.
الصيام هو يساعد أن تكون في نفسيتك منشرح النفس ومرتاح البال، وصارح البال أيضا، ما تكون عبوسا متجهما مشدودا ومنفعلا وتكاد تنفجر في الآخرين، لا، لا تبني على ذلك أصلا، لأنه هي مسألة وهمية يعني، خاطر معين، ظن وهم معين ينشأ عنه هذه الحالة النفسية، وإلا لا لزوم لذلك أصلا، بالإمكان أن تكون صائما حسن الخلق وحسن التعامل مع الآخرين لأنه كما قلنا الصيام وأجواء شهر رمضان هي تساعد على الانطباع النفسي انطباع الخير، انطباع التفاؤل، الانطباع الطيب في النفس والوجدان، الإحساس بالقرب من الله، وهذا يضفي على النفس الاطمئنان، (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ولا سيما وأنه مطلوب فعلا في شهر رمضان الإكثار من ذكر الله، التسبيح الاستغفار، وهكذا أيضا العناية بتلاوة القرآن الكريم، والتأثر بالقرآن الكريم، كل ما في شهر رمضان إذا توجه الإنسان وتفاعل هو، من صيام من تلاوة ومن ذكر لله سبحانه وتعالى، من فعل للخير، هو يساعد على الانطباع النفسي الإيجابي، أنه نفسيتك تحمل الروح الخيرة، ومطلوب منا يا أيها الأعزاء الإخوة والأخوات في هذا الشهر الكريم أن نحرص على فعل الخير في كل اتجاه من الاتجاهات وأن ندرك قيمة هذا الشهر الكريم في فعل الخير، كل الأعمال الصالحة هي مضاعفة في هذا الشهر، وهي تساعد على تنمية التقوى، فعل الخير بنفسه.
العمل الصالح إذا كان مبنيا قاعدة التقوى ينمي فيك حالة التقوى، حالة المنعة، حالة الالتزام الديني، حالة التوجه الديني والاستقامة والتوجه نحو الله سبحانه وتعالى، وهنا نخم كلمتنا في هذا الليلة بهذا النص المهم عن النبي صلوات الله عليه وعلى آله وهو يتحدث عن شهر رمضان، هذه الرواية عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في آخر جمعة من شهر شعبان، على إطلالة شهر رمضان ومَقْدم شهر رمضان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: “أيها الناس، إنه قد أظلكم شهر” يعني أقبل إليكم شهر على الأبواب “فيه ليلة خير من ألف شهر”، هذا شيء يجب أن نستحضره في شهر رمضان، ليلة القدر قال الله عنها في القرآن: (وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر)، ليلة عظيمة ليلة مباركة ليلة فضيلتها وفضيلة العمل فيها شيء عظيم مضاعف إلى هذا المستوى من المضاعفة، خير من ألف شهر، قد تساوي عمرا بأكمله، ثم تقدر فيها وتكتب فيها، يكتب فيها للبشر أمورهم.
في هذه الليلة نفسها ليلة القدر، عندما تأتي يقدر الله فيها أمور العالمين، وأمور كل فرد من البشر كل أمر حكيم يكتب في هذه الليلة، يعني ليلة القدر بالتحديد، “فيه ليلة خير من ألف شهر وهو شهر رمضان فرض الله فيه عز وجل صيامه، وجعل قيام ليلة منه بتطوع صلاة كمن تطوع سبعين ليلة فيما سواه من الشهور” هذا في بقية ليالي شهر رمضان، في غير ليلة القدر، المضاعفة فيه بهذا المستوى من المضاعفة للأعمال كمن تطوع سبعين ليلة فيما سواه من الشهور، وجعل لمن تطوع فيه بخصلة من خصال الخير والبر كأجر من أدى فريضة من فرائض الله فيما سواه، فضل التطوع في شهر رمضان كأجر الفرض والفريضة فيما عداه من الشهور، بهذا المستوى، بهذه الأهمية وهذا المستوى من الأهمية والفضل، “ومن أدى فريضة من فرائض الله عز وجل فيه كمن أدى سبعين فريضة من فرائض الله عز وجل فيما عداه من الشهور، وهو شهر الصبر” وهو شهر الصبر، نتعود فيه على الصبر ونصبر، وإن الصبر ثوابه الجنة، وهو شهر المواساة، نتعود فيه على المواساة على الاهتمام بالآخرين، على الالتفات إلى الآخرين، وهو شهر يزيد الله تعالى فيه في رزق المؤمن، “ومن فطر فيه مؤمنا صائما” وفر له الفطر ليفطر، “كان له عند الله بذلك عتق رقبة”، فضيلة كبيرة كأنها أعتق رقبة من رق العبودية، ومغفرة لذنوبه فيما مضى، “فقيل له يا رسول الله: ليس كلنا يقدر على أن يفطر صائما” يعني البعض من الناس ظروفهم صعبة، ما عنده قدرة وإمكانات، “فقال: إن الله تعالى كريم، يعطي هذا الثواب من لا يقدر إلا على مذقة من لبن يفطر بها صائما، أو بشربة من ماء عذب أو تميرات لا يقدر على أكثر من ذلك”، يعني يعطيك الله هذا الفضل والأجر حتى بحسب ظروفك.
إذا كنت لا تمتلك من الإمكانات والقدرات أن تقدم شيئا، للآخرين، للصائمين الآخرين إلا شربة الماء العذب، لا تقدر على أكثر من ذلك هنا ستنال هذا الأجر، أو تميرات أو يسيرا من الطعام حسب ما تستطيع، ما كان بمقدورك، قدم بمستوى ما تقدر، لا يقدر على أكثر من ذلك، أما أن تتباخل لا، تقدم شربة من ماء عذب ولديك ما تستطيع أن تقدمه لمن يحتاج من يعطيه ما يفطر عليه، البعض يعاني من ظروف كهذه، لا يجد ما يفطر عليه، “ومن خفف فيه عن مملوكه خفف الله عنه حسابه، فهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره إجابة وعتق من النار”، فما أحوجنا إلى أن نغتم فرصة هذا الشهر وأن نسعى فيه في كل الاتجاهات إلى تنمية التقوى في أن نسيطر على رغبات أنفسنا وشهواتها فنمتنع عن الحرام وعما يسخط الله سبحانه وتعالى، وأن ننمي في أنفسنا التقوى فنطيع الله، ونتجه فيما علينا أن نعمل وبصبر، وأن نتقي الله في أن نتحمل مسؤولياتنا، فنتحمل المسؤوليات الكبيرة ونحن في مرحلة نحتاج فيها إلى أن ننمي في أنفسنا التقوى لتحمل المسؤوليات، مرحلة خطيرة، مرحلة حساسة، مرحلة مليئة بالظلم مليئة بالفساد، مليئة بالمنكر، مليئة بالطغيان.
اليوم نعاني على مستوى الخطر الأمريكي، على مستوى الخطر الإٍسرائيلي الكبير، وبالأمس اجتمع قادة الكيان الصهيوني المجرم في خطوة خطيرة جدا ومؤلمة لكل إنسان مسلم واستفزازية بشكل كبير عندما اجتمعوا في نفق تحت المسجد الأقصى، تحت حائط البراق، هذه تعتبر عملية استفزازية وفيها استهانة كبيرة بكل هذه الأمة، يعني أن الإسرائيلي اليوم لم يعد يخشى الأمة بكلها، ولم يعد يبالي بها بكلها، العالم الإسلامي بكله لم يعد يعطيه أي اعتبار، لماذا؟ لأنه استفاد بشكل كبير من قوى النفاق التي أغرقت الأمة في مشاكل كثيرة وصراعات جانبية كثيرة حتى أصبح المسلمون ينشغلون ببعضهم بعضا ولم يعد لديهم الفرصة الكافية للتحرك لمواجهة الخطر الإسرائيلي، ولكن الامتداد للخطر الأمريكي والإسرائيلي هو ذلك الخطر الذي تمثله قوى النفاق العميلة بكل وضوح للأمريكي والإسرائيلي، والتي تشتغل في داخل الأمة شغلها التخريبي والإفسادي والتفكيك للأمة من الداخل، كل هذا لصالح أمريكا ولصالح إسرائيل، نحتاج إلى تقوى الله، نحتاج إلى الصبر، نحتاج إلى التحمل، نحتاج أن نمتلك هذه الطاقة الإيمانية القوية حتى نكون أقوياء في أن نتحمل مسؤولياتنا كما ينبغي وكما يلزم.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم لما يرضيه عنا، وأن يتقبل منا ومنكم في هذا الشهر الكريم صيامه وقيامه وصالح الأعمال فيه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..