شعار الصرخة.. تداعياته وسر تحفظ المعنيين تجاهه.
بقلم / نوح جلاس
كثر الجدال حول الشعار الذي يهتف به أنصار الله، وزادت التساؤلات حوله على الرغم من وهن حجج تلك التساؤلات، ولكن نضع في المجهر جانب واحد من تلك التساؤلات تجاه هذا الشعار موضحين تداعيات تمسك أصحابه به، وسر تحفظ المعنين به “صهيو أمريكاء” في مواقفهم ضده.
في الماضي البعيد كان جدال الناس وشجارهم حول موضوع الشعار الذي يهتف به أنصار الله يقتصر فقط في إنكارهم عداوة أنصار الله لأمريكاء وإسرائيل واصفين موقفهم بأنهم يرددون الموت لأمريكاء وإسرائيل ويقاتلون اليمنيين فقط دون سواهم!؛ حينها لم نكن نعرف بأن أنصار الله يقاتلون أذيال أمريكاء طيلة سنين وكنا مستبعدين تماماً بأن أمريكاء تأبه لهذا الشعار وهذا التحرك وتضعه بعين الإعتبار.
جرت الأيام واحتدم الصراع أكثر وعرفنا تماماً وبلا أدنى شك بأن أمريكاء قادت حروباً بالوكالة ضد أنصار الله وتوّجت حروبها بالتدخل المباشر على الشعب عامة!؛ ولو أن أمريكاء مازالت متحفظه عن موقفها أمام الرأي العام المحلي والقومي والدولي إزاء العدوان على اليمن، إلا أن حقيقة تدخلها بصورة مباشرة لم تعد غامضة.
حسناً، لماذا لم تتدخل أمريكاء في قمع أنصار الله وشعارهم منذ كانوا قلة قليلة؟، ولماذا اليوم لا تحارب أنصار الله فقط؟.
الجواب هنا، لأنها حريصة على عدم لفت الأنظار نحو أي شخصية أوجماعة تحمل مشروعاً حقيقياً كفيلاً بفضحها.
فهي تلمع الشخصيات والجماعات التي تحمل مشروعاً يخدمها، وتصوب أنظار العالم والأمة الإسلامية خاصةً صوب تلك الجماعة أو تلك الشخصية بغرض الإلتفاف حولها؛ وذلك عندما قدمت “بن لادن” وتنظيمه كقوة حقيقية تخدم الإسلام وتهدد قوى الشر بغرض تأليب مشاعر المسلمين والتفافهم حول ذلك التنظيم ودعمه بكل الوسائل؛ وهذا ماحصل بالفعل، حيث استطاعت أمريكاء بذلك الديكور الذي وضعته لـ “بن لادن” أن تفكك الإتحاد السوفييتي وتحصل على موطئ قدم لتصول وتجول بحار الأمة وأراضيها تحقيقاً لمشاريعها الإحتلالية والتدميرية في كل بقاع الإسلام، إضافةً إلى المشروع السامي الذي يركز على أكسدة الرونق الحقيقي للدين.
فما نراه اليوم في العراق وسورياء وليبياء وأفغانستان من إرهاب وتدمير وتشويه للدين، يضعنا في الصورة التي نرى من خلالها أمريكاء وهي تستبيح الأرض والعرض وتقدم الدين بصورة بشعة للعالم متزينةً برداء الفارس المحارب المدافع عن الأمة من الخطر “الإرهاب”.
وهنا نجد بأن أمريكاء حريصةً كل الحرص على عدم الإصطدام المباشر بأي شخص أو جماعة تحمل المشروع الحقيقي المتمثل في شن العداء ضد الكيان المعادي للأمة بمجمله، وذلك لتجنب إثارة مشاعر المسلمين ولفت انتباههم وزرع موقف في قلوبهم من هذه الجماعة، خوفاً من الإلتفاف حول حَمَلة هذا المشروع بما يؤدي إلى تكوين كيان كبير وواسع يحمل مشروع العداء للأعداء الحقيقين.
وبما أن الأعداء لايجرؤون على المواجهة المباشرة مع أي جماعة تحمل روحية العداء ضدهم وتعلن ذلك أمام العالم، نجد بأن الدرع الواقي والحصن الحصين الذي يحمي أي شخص أو جماعة أو مجتمع أو شعب أو أمة من مكر أولئك، هو حمل العداء لهم والإجهار به وترجمته إلى واقع ومواقف لها حضورها وتأثيرها الفاعل ضدهم، وذلك عبر التحرك في شتى المجالات وتوظيف كل الإمكانات ضدهم، سواءً كانت إمكانات بسيطة عند مستوى القول والإجهار، أو كبيرة تتيح الفعل؛ فكلها مؤثرة ولها ضربتها القوية في جوف ذلك العدو.
ويكفي لأن نحمل العداء لهم ولو بداخل نفسياتنا، لأن النفسية هي المحرك والدافع الذي يجعلنا نترجم مابداخلها ونتحرك على أساسه، موظفين كل مابين أيدينا في سبيل الوصول لتحقيقه.