لماذا تحارِبُ السعوديّةُ اليمنَ؟.. المبرّرات واستشراف النتائج
بقلم / الشيخ محمود سعيد ممدوح
1- عندما بدأ عبدُالعزيز آل سعود في تأسيس مملكته استعانَ بعدد كبير من البدو وأسكنهم في هجر، وأطلقوا عليهم إخوانَ مَن أطاع الله تعالى، وكان يرسل لهم كبارَ شيوخ الدعوة النجدية كعبد الله بن بليهد ومحمد بن إبراهيم آل الشيخ يعلمونهم الدعوةَ الوهابية، وكان لإخوان من أطاع الله حروبٌ شرسة مع المسلمين في الجزيرة العربية ولهم أخبارٌ شنيعة في القتل وإبادة الخصم، واشتهرت شدَّتُهم جداً لا سيما بعد موقعة الطائف التي أَكْثَروا فيها من القتل والذبح ومن ضحاياهم مفتي الشافعية وحامل مفتاح الكعبة الشيخ الشيبي وغيرهم.
وبدخول عبدالعزيز آل سعود لجدة تغيّرت مصالحه، وانقلب على جيشه وحاربهم وشردهم وأفناهم.
2- ونال اليمنَ نصيبٌ كبيرٌ من حروب عبدالعزيز آل سعود وأرسل على اليمن حملة قادها ابنه فيصل بن عبدالعزيز، فدخلت اليمن وقتلت وأسالت الدماء إلى أن وصلت الحديدة، واستولى عبدالعزيز على أراضيَ شاسعة كانت تحتَ حكم الإمام يحيى بن حميد الدين الحسني عليه السلام.
3- واليمنيون شعبٌ مسلمٌ أهلُ حكمة هم أرقُّ قلوبا وأطيب أفئدة كما قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، ولهم تواجُدٌ كبيرٌ وانتشارٌ ظاهرٌ جداً في الحجاز على مر العصور، وقد قال الإمام الشافعي: مكة والمدينة يمانيتان، وكان ينبغي بعد استقرار الأمور في الحجاز واليمن أن تنعَمَ هذه البلاد بالهدوء والاستقرار، وتحدُثُ نهضةٌ إسْلَاميةٌ كبيرة، لا سيما اليمنيون شعبٌ محب للعمل والعلم، وله آثارُه الحسنة في الجزيرة العربية ولا سيما في الحجاز.
4- لكن السعوديّين يحملون الفكرَ الوهّابي المعارِضَ للزيدية في الشمال وللشافعية الصوفية في تهامة وحضرموت، فتوجّهت الدعوة الوهّابية بقوة لليمن وأنشأت لها عشراتِ المراكز في أنحاء اليمن، وكان لهذا الفكر التدميري أثرُه في التحارب والتدابُر والتكفير والتبديع.
5- وشاء الله تعالى بعد طول ظلم وتبديع وإقصاء أن تقومَ مدرسةُ آل البيت الزيدية باليمن بتنظيم نفسها، وتنشأ بعض المراكز العلمية لها، وظهر فيها علماءُ كبارٌ بلغوا مرتبةَ الاجتهاد منهم: العلامة مجد الدين المؤيدي، والعلامة بدر الدين الحوثي، والعلامة محمد بن الحسن العجري وغيرهم، وبدأ نشاط علمي وامتد من صعدة الهادوية إلى صنعاء وعمران وغيرهما والمحبون يذكرون جهودَ الشهيد العلامة المرتضى بن زيد المحطوري في مركز بدر وغيره، وجهود البحّاثة الكبير السيد عبدالسلام الوجيه في مُؤسّسة الإمام زيد بن علي عليهما السلام.
6- والوهّابيون لا يرضون بمجاورة دولة زيدية لهم، أو فكر زيدي بمشروعه الكبير بجانبهم فكانت حرب السعوديّة على اليمن التي لا يوجد أي مبرر شرعي لها، بل إن مواثيقَ الأُمَـم المتحدة تمنعُها، وهذه الحربُ تدخُّلٌ سافر في شؤون الغير، وأقول:
أ- التذرُّع بشرعية عبدربه هادي حُجَّةٌ باطلة، فعبدربه استقال، وهرب، ومدةُ صلاحيته انتهت، وبحسب السياسة الشرعية الإسْلَامية لا يصلحُ أن يكونَ حاكماً إسْلَامياً.
ب- أي شرعية يتكلمون عنها وهم الذين سعَوا لإسقاط شرعية غيره الظاهرة ظلماً وعدواناً؟!.
ج – عبدربه هادي منصور لا يمكنه الجلوس حتى في عدن، وهو أَصْبَح جزءً من مشروع الإمَارَات التي تسعى للسيطرة على الجنوب وتأييد الحركات الانفصالية.
د- المكون الشعبي في اليمن يشمَلُ الشمال وهم زيدية، والوسط وهم تهامة الشافعية وهم يقفون مع أنصار الله (الحوثيين) إن لم يكن حباً فيهم فبغضاً في السعوديّة، وكذا الأمر في حضرموت إلا القاعدة وأعوانها ومرتزقة الوهّابية.
7- أرى أن أَهْدَافَ الحرب على اليمن قد فشلت تماماً بعد مُضي أَكْثَرَ من سنتين من القتل والدمار، لكن بقيت أطماع الإمَارَات وعُملاء الوهّابية، والحقيقةُ أن السعوديّة خسرت كَثيراً من جرّاء هذه الحملة الظالمة، والتي ارتدت آثارُها السيئةُ على الشعب في جزيرة العرب، والسعوديّة تتمنى الخروجَ منها، لكن المستفيدَ الأَكْبَرَ وهو تاجرُ السلام الأَمريكي يربَحُ ويربح، ومن مصلحته استمرارُ القتل وتدميرُ السلاح ليدخُلَ في صفقات تعويضية كبيرة جداً.
فمتى نفهَم؟ ونقف مع ديننا وقول الحق تبارك وتعالى (إنما المؤمنون إخوة)، قاتَلَ اللهُ المادَّةَ المفسدة والجهلَ والعصبية المفسدة حتى لبعض العلماء أو مَن انتسب للعلم في مُؤسّسات وجمعيات ومؤتمرات.
*مصري، من علماء الأزهر