الخبر وما وراء الخبر

اليمن بين مطرقة تناقض الفعل والحديث الأمريكي وسندان التعنت السعودي؟!

135

بقلم / هشام الهبيشان

تزامناً مع الوقت الذي رحب المجلس السياسي الأعلى في اليمن، المشكل بتحالف من مجموعة قوى وطنية بالداخل اليمني ، بأي موقف دولي يدعم الحل التفاوضي والسياسي في اليمن، عادت من جديد الأحاديث والتحليلات والتصريحات عن إحياء مؤتمرات خاصة لحلّ الأزمة ووقف الحرب العدوانية المفروضة على الدولة اليمنية ،وهنا بالذات تسود حالة من التشاؤم في خصوص الجدوى من عقد هذه المؤتمرات، لأنّ أغلب المطلعين على تداخلات الحرب على الدولة اليمنية وما تبعها من تغيير في قواعد الاشتباك، يعلمون ويدركون أنّ عقد جلسات مشاورات أو لقاءات أو مؤتمرات بخصوص الشأن اليمني في ظل محاولة السعودي فرض شروطه كاملة على الطاولة، ولهذا لن ينجح أي مؤتمر بسبب وجود صعوبات ومعوقات كثيرة ليس أولها ولا آخرها الموقف السعودي.

من تابع بالأمس تصريحات وزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين الخاصة بالملف اليمني ، وخصوصاً تصريحات وزير الدفاع ، جيمس ماتيس الذي أكد ، خلال زيارته العاصمة السعودية الرياض، أنه يجب إنهاء الصراع العسكري في اليمن من خلال إيجاد حل سياسي برعاية أممية، وقال إن الولايات المتحدة ستعمل مع شركائها وحلفائها على تحويل الصراع في اليمن إلى طاولة المفاوضات برعاية أممية، ولكن هذا الحديث الأمريكي سمعه اليمنيون كثيراً ،وفي الوقت الذي يسمع به اليمنيون هذه التصريحات تستمر أمريكا بتوفير الغطاء السياسي والعسكري لاستمرار الحرب العدوانية على اليمن ،ومن خلال هذا التناقض الواضح بين الفعل والحديث الأمريكي سيتأكد لأي متابع للملف اليمني أن أي حديث عن مؤتمرات وحلول سياسية خاصة بالملف اليمني هو حديث “ترفي بالمرحلة الحالية “رغم أن المجلس السياسي الأعلى في اليمن” رد على هذه التصريحات الأمريكية بالقول “أنهم يؤكدون على موقفهم الثابت من السلام العادل الذي يحفظ لليمن سيادته وكرامته وسلامة أراضيه” كما رحب المجلس الأعلى بأي موقف دولي يدعم الحل التفاوضي والسياسي “بما في ذلك خارطة الطريق التي قدمتها الأمم المتحدة ووزير الخارجية الأمريكي السابق كأرضية للتفاوض ولتشمل الجانب السياسي والأمني والعسكري”. وأشار المجلس إلى الاستعداد للمضي في المفاوضات دون شروط مسبقة مع وضع أسس لتعزيز الثقة وإيقاف “العدوان”، في إشارة إلى العدوان السعودي- الناتو الخليجي – الأمريكي، ورفع الحصار المفروض على اليمن.

وهنا ،وفي الوقت الذي عادت فيه الأحاديث والتحليلات والتصريحات “الإعلامية “عن إحياء مؤتمرات خاصة لحلّ الأزمة والحرب العدوانية المفروضة على الدولة اليمنية، تسود حالة من التشاؤم في خصوص الجدوى من عقد هذه المؤتمرات مستقبلاً، لأنّ أغلب المطلعين على تداخلات الحرب على الدولة اليمنية وما تبعها من تغيير في قواعد الاشتباك، يعلمون ويدركون أنّ عقد جلسات مشاورات أو لقاءات أو مؤتمرات تضمّ شخصيات من طرفي المعادلة اليمنية أو طرفاً واحداً، لن ينجح بسبب وجود صعوبات ومعوقات كثيرة.

ومن خلال استعراض اللقاءات والمؤتمرات التي عقدت، في هذا الإطار، نجد أنّ كلّ ما قامت به هو إشباع الإعلام بالصور النادرة عن نجاحات الدول الوسيطة في التفاوض وعن فرص للتقدم المأمول، مع أنّ تلك الدول جميعها تدرك أنّ الوصول إلى نتائج فعلية ليس ممكناً في هذه المرحلة، وفي حال التوصل إلى حلّ ما فإنه سيكون مرحلياً، أو خطوة في طريق طويل صعب ومعقد، ستبقي اليمن في معمودية النار حتى وقت غير محدّد.

المؤتمرات والمفاوضات الخاصة بالملف اليمني والتي عقدت في أكثر من مكان ، لم تتمكن من تحقيق أي إنجازات في ظل غياب نوايا صادقة لدى أطراف العدوان على اليمن ،كما أن هناك العديد من الصعوبات والمعوقات المتمثلة بـبعض القوى اليمنية “حزب الاصلاح الاخواني ومؤيدي هادي “وداعميهم وتمسكهم بالشروط نفسها التي أفشلت المؤتمرات السابقة، وقد كان “مؤتمر الكويت “مع احترامنا للمضيف وثقتنا بنواياه الحسنة” الذي عقد العام الماضي شاهداً على مهزلة سياسية وأخلاقية، حيث اتضح أنّ المطلوب، من وجهة نظر هذه القوى ، هو تسليمها واحتكارها للسلطة.

لقد تعلمنا من التاريخ دروساً بأنّ أزمات دولية – إقليمية محلية مركبة الأهداف، كالحرب العدوانية التي تدار حالياً ضدّ اليمن،انه لا يمكن الوصول إلى نتائج نهائية لها بسهولة، لأنها كرة نار متدحرجة قد تتحول في أي وقت إلى انفجار إقليمي، وحينها لا يمكن ضبط تدحرجها أو على الأقلّ التحكم بمسارها، فالحلول والتسويات تخضع للكثير من التجاذبات والأخذ والردّ قبل وصول الأطراف الرئيسية المعنية إلى قناعة شاملة بضرورة وقف الحرب، وفي هذه الحال، لا يمكن التوصل إلى حلّ في المدى المنظور، ما لم تنضج ظروف التسويات الإقليمية والدولية، واليوم من الواضح أنّ جميع المعطيات الإقليمية والدولية في هذه المرحلة، تشير إلى تصعيد واضح بين الفرقاء الإقليميين والدوليين، وهذا بدوره سيؤدي إلى المزيد من تدهور الوضع في اليمن وتدهور أمن المنطقة ككلّ.

ختاماً، من كلّ ما تقدم نستنتج أنّ جميع هذه المؤتمرات لا يمكن التعويل عليها، كنافذة للخروج من تداعيات الحرب على اليمن، والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم وبقوة: ماذا بعد كلّ هذه المؤتمرات؟ وماذا سيستفيد اليمنيون الذين هم في وسط هذه الحرب العدوانية ويتحملون كلّ تداعياتها من هذه المؤتمرات إن عقدت ؟!.

كاتب صحفي أردني