الخبر وما وراء الخبر

لماذا دخل النظام السعودي في حربه الدموية على سوريا و العراق و اليمن؟

169

ذمار نيوز| بانوراما الشرق الأوسط | أحمد الحباسي

هناك سؤال ملح يطرحه المتابعون منذ فترة و لا يجد جوابا مقنعا رغم ما تعج به الساحة الاعلامية العربية من محللين و خبراء عسكريين و خبراء في الاستراتيجيات السياسية، هذا السؤال مفاده لماذا دخل النظام السعودي في حربه الدموية على سوريا و العراق و اليمن؟؟ و لماذا سخر النظام كل أمواله النفطية لتمويل هذه الحروب العبثية التي يعلم الجميع أنها لن تربح النظام شيئا بل ستزيد من ارتفاع منسوب الكراهية ضده في كل الدول العربية؟؟

يقول بعض المحللين في محاولتهم تفسير هذا التخبّط العشوائي السعودي أنه من متطلبات العلاقة التي يرتبط بها النظام مع اللوبي الصهيوني في أمريكا و من متطلبات رغبته في اقامة علاقات متينة مع العدو الصهيوني، طبعا لا بد من التذكير أن انخراط النظام في هذه العلاقة الاثمة ليس وليد اللحظة و ليس من متطلبات مشروع الفوضى الخلاقة التي حاول بوش استثمارها لضرب البنية العراقية في كل عناوينها العسكرية و العلمية و الاقتصادية بالخصوص بل هو انخراط سابق في الزمان و يرجع الى فترة حكم الملك فيصل و ربما الى ما قبل تلك الفترة .

في الحقيقة علاقة ال سعود بال صهيون ليست سرية و هي مدار ابحاث و دراسات كثيرة تناولتها وسائل الاعلام العالمية و هذه الابحاث تقول أنه كان للملك عبد العزيز الفضل في اخماد الثورة الفلسطينية في بدايتها سنة 1936 و أن هناك عدة وثائق بريطانية تؤكد هذا الدور المتآمر و بإمكان المتابعين الاطلاع عليها في كتاب “شبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبد العزيز ” للكاتب خير الدين الزركلى.

هنا يجب التذكير أن الشعب الفلسطيني قد تفطن مبكرا للدور السعودي الصهيوني البريطاني المشبوه و كانت هناك عدة كتب و دراسات منشورة تفضح هذا الدور و تشير بأصابع الاتهام للملك عبد العزيز كعميل درجة اولى خدم بداية انطلاق المشروع الصهيوني في توطين اليهود في ارض فلسطين المغتصبة كما تؤكد عدة وثائق أن الملوك السعوديين قد باركوا سقوط القدس في يد الصهاينة حتى تصبح الكعبة هي مزار العرب الوحيدة و هو ما سيدر اموالا خيالية على النظام و هذه المباركة اللئيمة لم تكن الا أحد أكبر المواقف السعودية دناءة و سقوطا تلتها محاولة ارهاق النظام المصري في حرب اليمن حتى فقد الجيش المصري كل مقومات صموده في حرب 1967 التي اعتبرها ال سعود لحظة فارقة للتخلص من الزعامة المصرية و من الرئيس عبد الناصر شخصيا.

الى حين اطلاق السعودية لمبادرة الملك عبد الله للسلام في مؤتمر القمة المنعقد في بيروت سنة 2002 كانت العلاقة بين ال سعود و قيادات “اسرائيل” الارهابية تتراوح بين نصف العلن و نصف السرية و السرية الكاملة لكن الجميع يعترفون اليوم انه بداية من سنة 2006 قررت المملكة كشف كل الاقنعة الزائفة و الدخول في علاقة علنية مع الصهيونية مع ما تتطلبه الامر من اعلان الوليد ابن طلال نفسه ان “اسرائيل” لم تعد العدو و اعلان الملك عبد الله بأن الدول العربية مستعدة للقبول بالصلح مع “اسرائيل” دون ضمانات مسبقة، هذا الانخراط السعودي الكامل كشفته وثائق ويكيليكس الشهيرة حين تحدثت عن مقال للأمير نايف بن عبد العزيز طالب فيه القيادة السعودية بضرورة تقوية العلاقات مع الكيان الصهيوني مع تقديم آيات المديح للقيادة الصهيونية التي كانت تقوم في تلك الفترة بالذات بهجومات مدمرة على القطاع تسببت في استشهاد عدد كبير من الاطفال و النساء و الشيوخ.

من الضروري الحديث على أنه بقدر تقرب ال سعود علنا من الصهاينة منذ 2006 فقد تزامن ذلك مع بداية اعلان العداوة السعودية مع النظام السوري و لعل ما يتحدث عنه البعض من مساهمة النظام السعودي في عملية اغتيال رفيق الحريري بالاشتراك مع الموساد الصهيوني و بعض الاجهزة الغربية الامريكية و الفرنسية التي ارادت ضرب الاستقرار في لبنان لتسهيل عملية اسقاط التفاهم السوري اللبناني و اخراج القوات السورية من لبنان حتى يسهل ضرب البنية التحتية العسكرية لحزب الله بالإضافة الى أن صدور القرار الدولي 1559 و ما حكى عن تآمر الحريري و السعودية و فرنسا لفرض حالة من الامر الواقع على الرئيس السوري لإجباره على اخراج قواته من لبنان قد شكل بداية الحرب المعلنة سعوديا و اسرائيليا على سوريا .

عندما اعلن الرئيس بوش عبارته الشهيرة ” من ليس معنا فهو ضدنا ” عقب هجمات 11 سبتمبر 2001 كان لافتا ان النظام السعودي قد سارع بإعلان تأييده لكل الخطوات العسكرية الامريكية لضرب العراق ، هذه الخطوة السعودية المنتظرة بعد تنامى العلاقات مع “اسرائيل” جاءت لتؤكد مرة أخرى انخراط النظام في الرؤية الامريكية للمنطقة و التي تعتبر أنه قد أصبح من المفروض التخلص من كل الانظمة العربية المشاغبة و على رأسها العراق و سوريا و ايران ، انخراط فرض على النظام اطلاق حملة اعلامية غير مسبوقة ضد القيادة العراقية الجديدة و ضد الرئيس السوري بشار الاسد و ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية تحت ذريعة موضوع النووي كما فرض عليه تقديم الدعم السياسي الكامل لضرب حزب الله عن طريق حرب 33 يوما الصهيونية التي وجدت دعما كاملا من الجامعة العربية برئاسة العميل عمرو موسى، لكن مع بداية هبوب رياح الثورات العربية في المغرب العربي و في اليمن استشعر النظام المارق الخطر و كان منتظرا ان يوجه قوته النارية الجوية ضد الاطفال و الشيوخ و النساء بواسطة جيش من الانذال ارتكبوا مجازر وحشية مروعة لا تقل فظاعة عن المجازر الصهيونية لكن من الواضح اليوم أن النظام قد فقد فى اليمن اخر ورقة توت كانت تستر بعض عوراته .

لعل الفشل السعودي في اليمن رغم عدم توازن القوى العسكرية قد احبط نظام الانذال في السعودية و لعل النظام اليوم يبحث عن الطريقة المناسبة للخروج من الدوامة اليمنية بعد مقولة “الثورات لا تقهر” هي من المقولات الثابتة التي لم يدمرها اعصار التاريخ على مر العصور ، أيضا يمكن القول اليوم ان الشعب اليمنى قد قدم درسا نفيسا للأمة العربية سيبقى في الذاكرة و الوجدان بعد أن تمكن هذا الشعب من تلقين القوات و النظام السعودي دروسا قيمة و غير مسبوقة في التمسك بالأرض و العرض بل هناك اليوم من لم يصدق الانتصار اليمنى و السوري نتيجة ما وفره نظام الانذال و العدوان من مليارات و اسلحة و ابواق اعلام لربح معركة ارادها الصهاينة ان تكون بيد سعودية ماكرة لكن الأيادي السورية اليمنية تمكنت من قطعها هذه المرة لتؤكد ان خيار الشعوب لا يقهر و ان “اسرائيل” و السعودية تبقيان اوهن من بيت العنكبوت .