الخبر وما وراء الخبر

لم يتبقَّ إلّا شكراً (إبليس)؟!

172

بقلم / زيد البعوة

شكراً سلمان.. شكراً ترامب.. شكراً نتنياهو.. شكراً إبليس!!..

بما أن الشيطانَ الرجيمَ عاصَرَ كُلّ الأنبياء وكل العصور؛ بصفته العدوَّ اللدودَ لأبينا ادم وللإنسان بشكل عام، لكن الشيطانَ اليوم يعيش أزهى العصور التي عايشها منذ أن طرده الله من الجنة، وكما هو معروفٌ عنه أنه توعَّدَ بأن يعملَ ما بوسعه من أجل أن يغويَ الناسَ ويجلب أَكْبَر قدر منهم إلى قعر جهنم، حيث أنه طلب من الله أن يجعلَه من المُنْظَرين إلى يوم القيامة، وها هو اليوم يحتفلُ بطول عُمُرِه، وبالإنجازات التي حقّقها، والتي كان أبرزها وأَكْثَرها جدوائية هي في عصرنا الحاضر والتي لم يحتَج فيها إبليس أن يُتعِبَ نفسَه، فقد لاقى استجابةً لم يكن يتوقعها حتى أنه اليوم صار له عبيدٌ يعبدونه كما كان يعبد الوثنيون الأصنام، وصار الحكام والوزراء والمسؤولون العرب والمسلمون وغيرهم يعملون لصالحه ووفق ما يريد.. إليكم بعض النماذج التي يرتاح لها إبليس..

سوف نبدأ من أصحاب “شكراً سلمان”، ولا شك أنكم تعرفونهم حقَّ المعرفة، وتعرفون أَيْضاً من هو سلمان بن عبدِالعزيز الذي يقودُ أَكْبَرَ عدوان عالمي اليوم على وجه الأرض على الشعب اليمني، ويقتل ويدمر ويحاصر ويفعل كُلّ المحرّمات بحق الإنسان اليمني كإنسان، وبحق المواطن اليمني العربي كعربي وبحق المسلم اليمني كمسلم، بحق الأطفال والنساء وبحق الشيوخ والعجزة، وحتى المكفوفين.

وليس هناك داعٍ للشرح أَكْثَر، فالمطلوب أنه رغم كُلّ ما فعله سلمان وأمريكا، خرج بعضُ اليمنيين وللأسف من المرتزقة والمنحطين والسفلة ليقولوا بأعلى أصواتهم (شكراً سلمان)، شكراً على ما فعلته بشعبنا!، شكراً على ما دمّرت من مدارس ومستشفياتٍ ومساجدَ وطرقات!، شكراً على الدماء التي سفكتها، شكراً على العدوان، شكراً على السودانيين والجنجويد وبلاك ووتر والإمارات وداعش الذي جلبتهم لاحتلال بلدنا وشكراً وشكراً!!.

هل هم مجانين فقدوا عقولَهم!، لا والله، هل هم سكارى؟!، لا والله، هل هم محشّشون، لا والله، بل صاحين في أتم الصحة والعافية بالنسبة للعافية البدنية، لكن قلوبهم خاليه من الإنسانية ومن المبادئ العربية ومن القيَم الإيمانية والإسْلَامية صاروا مجرد عبيد خونة عملاء، لا دين لهم ولا ضمير، لا يفرقون بين الحق والباطل ولا بين النور والظلام، أشباه البشر وَأدعياء على العروبة ومسلمين بدون إسْلَام..

والنوع الآخر على المستوى العربي والعالمي بعد العدوان الذي شنته أمريكا على سوريا خرج بعض السياسيين والمثقفين العرب من دول الخليج ليقولوا (شكراً ترامب)، ليس فقط بلسان الحال والمقال بل مباركون ومهنئون وفرحون ومستبشرون بالضربة التي وجّهتها بارجات أمريكية إلى قاعدة جوية عربية إسْلَامية سورية مجاورة لدول الخليج، ليس فقط على مستوى السياسيين والإعلاميين، بل حتى على مستوى الملوك والزعماء الذي يلقب بعضهم نفسَه بخادم الحرمين الشريفين وملك الإنسانية وغيرها من الألقاب الكاذبة، شكراً ترامب ونحن إلى جانبك بل ونحن سندفعُ قيمة الصواريخ، وسوف ندفع لكم مبالغَ طائلة على جهودكم في سبيل النيل من أُمّتنا وإضعافها واستهدافها.

وهناك نوع آخر أشد خبثاً وانحطاطاً لم يعد حتى يستحي، فبما أن الكيانَ الصهيوني الملقَّب بـ “إسرائيل” عدو العرب والمسلمين جميعاً بلا استثناء لكن اليوم هناك من يهرول مسرعاً ليقبل أقدام اليهود ويكسب ولاءهم، خرج بعضُ الأعراب ولن نقولَ العرب والمتأسلمين ولن نقولَ المسلمين ليقولوا (شكراً نتنياهو) بكل بجاحة وبكل قلة حياء، لا يحترمون مشاعر الفلسطينيين ولا مشاعر العرب والمسلمين ولا حتى الآيات القرآنية التي تقول إن العدو الحقيقي للعرب والمسلمين هم اليهود والنصارى. رموا بكل هذه الأشياء عرض الحائط وانطلقوا وراءَ مرضهم وحقدهم وعمالتهم وخستهم ودناءتهم..

لم يتبقَّ إلّا أن نسمع اشخاص عرب ومسلمين وهذا ليس ببعيد يقولوا بأعلى أصواتهم (شكراً إبليس) على الروح الخبيثة التي غرستها في نفسونا شكراً لأنك جعلتنا منحرفين وضالين، شكراً لأنك جعلتنا سُذّجاً ومطايا لليهود والنصارى، شكراً لأنك جعلتنا ملاعين.