الخبر وما وراء الخبر

ما لم يفهمْه العدوان

117

بقلم / محمد المنصور

سألتني إحدى الفضائيات عن سِــرِّ صمود الشعب اليمني كُلَّ هذه الفترة رغم شراسة وقوة العدوان، ومحدودية الإمْكَانيات اليمنية بالمقابل؟.
فأجبت محاولًا بما معناه:
* ثقة الشعب اليمني المطلقة بعون الله ونَصْرِه في مواجهة المعتدين ظلت العنصرَ الأهمَّ في المعادلة، فالشعبُ اليمني تعرَّضَ، ومنذُ عقود من الزمن، لسياسات إضعاف ممنهج سياسي واقتصادي وأمني وعسكري وثقافي، اضْطلعت بتنفيذه القوى العميلةُ للسعوديّة وأَمريكا التي تصطفُّ اليوم مع العدوان وتحارِبُ من أجل تمرير مشروعه التدميري لليمن والمنطقة.
* حنكةُ وشجاعةُ قائد الثورة السيد عَبدالملك الحوثي في مواجَهة العدوان، من خلال فضح أَهْدَافه ومراميه الاستعمارية الأَمريكية الصهيونية الخطيرة على حاضر ومستقبل الشعب اليمني، وهو ما كان له أثرُه الفاعلُ في تعبئة الجماهير لمواجهة العدوان.
لقد كان السيدُ القائدُ عبدُالملك الحوثي عند مستوى التحدّي التَّأريخي الذي فرَضَه العدوانُ السعوديّ الأَمريكي التحالفي المجرمُ على اليمن، بكل أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والتربوية والجهادية، لقد أدرك السيدُ القائدُ طبيعةَ العدوان وأَهْدَافه وهمجية وسائله، فعمل على استنهاض جماهير الشعب اليمني العظيم ووعيها ودورها الحاسم في صُنع معادلة الصمود والانتصار.
لقد أذهَلَ صمودُ اليمنيين العالَمَ، وقَلَبَ حساباتِ العدوان ونظرياتِه رأسًا على عقب.
خاطب السيدُ القائدُ عَبدُالملك الحوثي، تحالُفَ العدوان بعد أيام قلائل من انطلاقته، محذرًا من مغبة التمادي في إجرامهم، وبلسان الواثق أكّد من أن العدوانَ لن يحقّقَ أَهْدَافَه مهما فعل.
اليوم وبعد مرور عامين من العدوان الآثم نقولُ: صدقت أيها القائد وخاب العدوانُ السعوديّ الأَمريكي التحالفي المجرم وخسر.
* وأضفت إلى العنصرَين الآنفَي الذكر من عناصر الصمود عنصرًا آخر يتمثل في وحشية وهَمَجية وضخامة حجم واتساع العدوان السعوديّ الأَمريكي، الذي استفز مشاعرَ اليمنيين الأحرار، وحرَّك في وجدانهم كُلَّ مشاعر التحدّي والإصرار على الصمود والمواجهة مهما كانت التضحيات.
لقد سقطت ذرائعُ ومبرراتُ العدوان السعوديّ الأَمريكي على اليمن مع أولى الغارات الجوية التي استهدفت منازلَ المواطنين الآمنين في قرية الدجاج بجوار مطار صنعاء الدولي، وراح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى.
سقطت ذرائعُ العدوان السعوديّ الأَمريكي على اليمن ومزاعمُه بدعم الشرعية والتصدّي للخطر الإيراني باستهداف صواريخه وقنابله الذكية للمطارات المدنية، والطرق والجسور، والموانئ، والجامعات والمعاهد والمدارس، ووسائل الاتصال وَالمعالم التَّأريخية والآثار وغيرها؛ بهدف تدمير كُلّ مؤسّسات الدولة اليمنية – المدنية والعسكرية – وكُلّ مقدرات اليمنيين، وما بنوه خلال مائة عام بتعبير المفكر الراحل محمد حسنين هيكل.
كشَفَت الأحقادُ المزمنةُ لمملكة داعش السعوديّة على اليمن وحضارته وهُويته من خلال العدوان الهمجي الذي أعلن عنه سفيرُها عادل الجبير من واشنطن غداةَ الـ 21 من مارس 2015م، بتخطيط ودعم أَمريكي صهيوني بريطاني ضمن أجندة تدمير شعوب المنطقة وتفتيتها.
فهم اليمنيون أن العدوانَ السعوديّ الأَمريكي التحالفي هو استهدافٌ لوجودهم ومستقبلهم.. فكان الصبر وكانت التضحيات والصمود هي خيارَهم المعبِّرَ عن انتمائهم الديني والوطني والإنْسَـاني.
* أمَّا رابعُ عناصر الصمود -من وجهة نظري- فهو شعور اليمنيين بالخِذلان من الأشقاء والأصدقاء، وما سُمِّيَ بالمجتمع الدولي الذي بارك العدوانَ والحصارَ والقتل والتدمير، فلم يستنكرْ إلا القلةَ القليلةَ من الدول والأحزاب والقوى العربية والإسلامية.
شعورُ اليمنيين بمظلوميتهم المقدَّسة، ولّد لديهم مشاعرَ الكبرياء والأنفة والاستبسال والشجاعة، فلم يظهَرْ منهم خور أَوْ ضعف أَوْ استجداء لأحد في هذا العالَم الموبوء بالنفاق والتبعية الذليلة لقوى الهيمنة والمال الحرام.
وبالنتيجة سقطت أوراقُ التوت الذرائعية عن العدوان السعوديّ الأَمريكي ليغدوَ سلسلةَ جرائم إبادة ومجازرَ وحشية، وحصار خانق يتكشفُ يوميًا عن أرقام مهولة للشهداء والجرحى والمهددين بالموت جوعًا وأمراضًا ونزوحًا ما يصِمُ السعوديّة وأَمريكا وبريطانيا وفرنسا وتركيا والإمَارَات وقطر والسودان والبحرين والكويت ومصر والأردن والمغرب وغيرها من دول التحالف، بوصمة العار الأبدي، ويرفع اليمنيين إلى مقامات الأبطال والشهداء والقديسين.
عامان انصرما من زمنِ العدوان غيرِ المشروع وغير المبرَّر، تضعضعت فيه أحوالُ دولة الشر السعوديّة، سياسيًا واقتصاديًا وأَخْلَاقيًا وعسكريًا.. لم يتحقق للمجرم محمد بن سلمان ما كان يطمَحُ إليه من إنْجَاز ومُجْدٍ يعبُرُ من خلاله إلى مصافِّ الكبار والخالدين في التَأريخ.
صمد اليمنيون؛ لأنهم أصحابُ حق وقضية عادلة، وانكسر المعتدون وتحالفهم ومرتزقتهم؛ لأنهم محكومون بنزواتهم الشريرة، وأطماعهم ومشاريعهم الاستعمارية، وبوسائلهم الوحشية وأساليبهم القذرة.
عامان انصرما من زمن العدوان استخدم خلالهما كُلَّ أسلحة الدمار بما فيها المحرّمة دوليًا، وجلب الجيوش والمرتزقة والإجراميين من مختلف الجنسيات، وأنفق آلافَ المليارات لشراء الذمم والولاءات والأسلحة فكانت النتيجةُ حسرةً عليهم وهزيمةً ساحقةً تنتظرُهم في عامِهم الثالث بإذنِ الله.