عامان للخلود…والقادم مزيدٌ من الصمود..
بقلم / نوح جلاس
بعد أن ثار الأحرار في وجه الأشرار؛ ووصلت هتافات المستضعفين إلى جميع أوكار المستكبرين كي تزعزع عروشهم وتنهي طغيانهم وتمحوا وجودهم؛ وبعد أن كان نفوذهم يتلاشى والمؤشرات بقوةٍ خارقة للعادة تؤول إلى نفودهم؛ فزع ذاك العدو وفك شراعات الطغيان كي يبدأ رحلته البحرية على دماء أهل الحرية؛ وجند قواربه الخليجية وزوارقه العربية المدمجة بمحركاتٍ عبرية؛ وسلحها بأفتك الأسلحةِ ووفر لها الغطائات الجوية وأزال من أمامها كل العوائق موفراً الغطاء الإعلامي والسياسي؛ وألجم الأفواه الأممية وكتم الأصوات الإنسانية؛ وأعاد توجيه القوانين الحقوقية والدولية كي تصبح أحد سهامه المضادة معززةً كل معطياته، وبدأ رحلته الدموية معلناً عن إنطلاقها من داخل بيته الشيطاني.
في السادسِ والعشرين من مارس 2015 إبان الهيجان الثوري الذي خالف كل القوانين المعهودة في صفحات الحروب والثورات؛ وصلت قوارب الرحلة الدموية كي توقف هذا الهيجان خوفاً من غرقها وغرق سفينتها مع رُبانها.
وفي السادسِ والعشرين من مارس 2017 بعد عامين من العدوان الجبان وما احتواها من الأحداث المتشابكةِ والمعادلات غير الموزونة والسيناريوهات المتناقضة مع الفرضيات والنظريات التي وضعها أؤلئك الذين يبدو أنهم قد نسوا خارطة وجغرافية المكان الذي تشير إليه بوصلةُ التاريخ بأنه مقبرة الغزاة؛ فما الذي جرى؟.
عامان من الدمار والقتل والحصار؛ لاقى العدو القوة والإرادة والإصرار؛ عامان بسط فيهما العدو يد الظلم والإستكبار، ولكنه تلقى صفعةً بيدِ الحرية والإنتصار؛ عامان بسط فيهما يد الجُبن والخداع، فتلقى صفعةً بيدِ الإرادة والإندفاع؛ عامان إرتكب فيهما المجازر والمذابح وشكل أنهاراً دموية، إلا أنه فوجئ بصفعة يد الصلابة والصمود المدوية؛ عامان من الحشد لجميع ثعالب العالم الماكرة، نهشت لحومها الأسودُ العظيمة الثائرة.
عامان بدى فيهما أطفالنا رجالاً أشداء أقوياء وداسوا هامات الطغيان وهَوَت لهم طائرات الإجرام نعالاً تحت الأقدام.
عامان بدَت فيهما نساؤنا كالجبال شامخاتٍ راسيات، تحطمت على صخرة صمودها كل ما أعده أؤلئك الأقزام، فصارت تحت أقدامها رماداً وحُطام.
عامان بدى فيهما رجالنا جنوداً من جنود اللهِ العظام، فكانوا كطوفان قوم “نوح” وأغرقوا عُباد الأصنام، وكانوا ريح قوم “عاد” فاستأصلوا أوتاد الظلام؛ عامان توجَ الشعب نفسه في كل ميدان بوشاح عزةٍ وخلودٍ ونقش على جبين أبناءه في العظمةِ أجل وسام.
عامان خلد الشعبُ اليمني اسمه على صفحات التاريخ كاتباً ذلك بدمائه الزكية، وبنى له صرحاً عظيماً على سفح الدنياء بانياً له بأجساد الشهداء العظماء؛ صرحٌ سيتربعه كل من تجري في عروقه دماءُ الحرية وتتدفق في شرايينه دماء العزة والكرامة والإباء.
عامان لن يكونا المحطة الأخيرة التي وصل إليها شعب الإيمان والحكمة؛ فهذا الشعب قد أبدى استعداده على خوض معركة الوجود ضد الطغاة جيلاً بعد جيل إلى يوم القيامة..