الخبر وما وراء الخبر

وضع العدوان بعد عامين!!

172
بقلم / علي احمد جاحز
لايزال العدوان غارقا في مستنقع الورطة الكبيرة التي دخلها في لحظة نشوة وخيلاء دون ان يضع في اعتباره اي حسابات لاحتمال الوصول الى مثل هذه المآلات البالغة التعقيد والصعوبة ، فهو في البداية كان لايرى شيئا امامه سوى كلفة حرب خاطفة ستعيد اليمن الى حضيرة الوصاية ، غير انه اليوم بات يدرك تمام الادراك انه كلما اوغل اكثر في الحرب كلما تعقدت الامور اكثر وصارت امنيته ابعد منالا.
في الذكرى الثانية للعدوان على اليمن ، مثلما هو حري بنا ان نقف على احداث ومتغيرات عامين ساخنين عصفت باليمن والمنطقة ، فانه حري ايضا بدول ومكونات العدوان ومن يقف خلفها ومن يدور فيفلكها ان يقفوا بجدية وبعيدا عن الحماقة والطيش اللامحسوب ، على كل ما احدثته مغامراتهم الحمقاء في العدوان على اليمن من نتائج بدت كارثيتها عليهم اكبر واشد من كارثيتها على اليمن .
لم يعد ثمة شك في ان العدوان وخاصة المملكة التي تولت كبر المغامرة ، تدرك حجم المأزق الذي وقعت فيه وضحالة المستنقع الذي تغرق فيه ، غير انها لم تعد تمتلك القدرة على اتخاذ اي قرار من شأنه ان ينقذها بالمقام الاول ويقيها تفاقم المأزق وضيق الخيارات والغرق اكثر في وحول التبعات والنتائج المرتدة .
ومن هذا المنطلق ، نستطيع ان نقول ان الحلول المتاحة امام العدوان للحصول على مكاسب سياسية تحفظ للسعودية مثلا وضعها الاقتصادي والعسكري والنفوذ الجيوسياسي في المنطقة كانت في الشهر الاول من العدوان اكثر نوالا من الشهر الثاني وفي الشهر السادس اكثر نوالا من الشهر التاسع ، وهي الان بعيدة المنال وضمن خيارات صعبة ومعقدة وكل خيار اصعب من الاخر وكلفته اعلى من الاخر.
غير ان الوقت لايزال متاحا امام دول العدوان ومن ورائها امريكا في ان توقف قطار التورط المنزلق بلا فرامل ، وتراجع خطواتها العدوانية التي اوصلتها الى هذه الورطة التاريخية في اليمن ، ومن ثم تقرأ نتائج وتبعات استمرارها في مواصلة التورط اكثر في العدوان ، وهو ما سيجعلها تبحث عن مخارج مثالية واقعية ان كانت بالفعل تريد الخروج من الورطة وبأقل كلفة ممكنة .
بدا من خلال جلسة مجلس الامن الاخيرة ان المجتمع الدولي لايزال يعطي الضوء الاخضر للعدوان ليستمر ، وهو ما بدا واضحا من حديثه عن الترتيبات الانسانية ومناطق اللاجئين والمساعدات وو الخ ، وهي اشارة واضحة على ان تجربة عامين من الحرب والحصار على اليمن لم تفرز قناعات بعد بضرورة ايقاف الحرب والبحث عن حلول سياسية تشكل مخرجا جيدا للمتورطين ان لم يكن المخرج الامثل حاليا .
هذا فيما يخص وضع دول العدوان من منظور ناصح لها ، اما فيما يخص وضع اليمن كدولة وشعب وجغرافيا ، فان الامر قد يبدو مختلفا الى حد كبير، وهذا الاختلاف قد لاتدركه انظمة الخليج التي تقرأ الامور بعيون مغرورة ومتعالية ، بيد ان الامريكي والبريطاني يدركونه ويتحركون بناء عليه في الدفع بالسعودية والامارات للغرق اكثر في العدوان على اليمن وذلك ضمن سيناريو لعبة كبيرة لاتستهدف اليمن وحسب بل تستهدف تلك الدويلات المنفوخة بالفراغ السياسي والعسكري والمعزولة عن العمق العربي والاسلامي وان كانت تدعي انها تمثله وتتحرك نيابة عنه .
الاختلاف بين وضعنا ووضعم بعد مرور عامين على عدوانهم الاحمق علينا ، يمكن ان يلخص في انهم يغرقون ويتورطون في جريمة تاريخية بعدوانهم علينا وباستمرارهم في هذا الطريق المفخخ والمكلف والمجهول الخاتمة ، بينما نحن نتحرك في اطار الحق المكفول وندفع كل هذا الصلف والعدوان من منطلقات الحق والقضية العادلة وبلا كلفة ولا التزامات للخارج ونعرف وندرك جيدا الى اين نحن ذاهبون ونتحرك في مساحة امكاناتنا بدون ان نضع رقابنا في قبضة يد خارجية.
العدو يعرف والمجتمع الدولي ايضا يفهم انه وايا كانت الخيارات التي ممكن ان تطرح للحل وللخروج من المعركة فانها ستحسب مكاسب لليمن وللشعب اليمني الذي صنع بصموده معجزة كبرى ، ولن يكون المخرج السياسي في هذه المرحلة محرجا لليمن باي حال .
اليمن في طريقه الى الخلاص والانتصار وكل المراحل الماضية ونتائجها تقول ذلك ، وهذا ما يجعل ثقتنا بالله وبنصره في كل مرحلة اكبر من سابقتها .