نحن والعدو.. بين القلة والكثرة
بقلم/ هاشم أحمد شرف الدين
رغم أن الغلبة العددية كانت لصالح عدو المسلمين إلا أن الله تعالى أمر رسوله الكريم – صلوات الله وبركاته عليه وعلى آله – بتحريض المؤمنين على القتال..
ولما يعلمه الله من إمكانية تسرب الخوف إلى نفوسهم – بفعل غلبة عدد العدو – فقد شجعهم بتأكيده على أن “القلة الصابرة” ستغلب أضعافها..
قال تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ۚ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ.
أي أن كل مؤمن سيغلب عشرة من الكفار..
وعندما رأى الله فيهم ضعفا شجعهم أكثر بأن زاد من عدد المؤمنين الصابرين في مواجهة عدد عدوهم..
قال تعالى:
الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ۚ فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ
وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66) ..
أي أن كل مؤمن سيغلب اثنين من الكفار..
فماذا عن المعادلة العددية في العدوان الأمريكي السعودي على اليمن؟
وهل التفوق العددي فيه لصالح مقاتلي أعداء اليمن الأجانب ومرتزقتهم، أم لصالح أبطال الجيش واللجان الشعبية؟
قبل الإجابة، لنطالع هذه المعلومة:
هناك (23) جبهة يقاتل فيها أبطال الجيش واللجان الشعبية، بحسب وزير الدفاع في حكومة الإنقاذ الوطني..
لنحاول الإجابة:
من خلال مشاهد صد الزحوفات اليومية للعدو في أكثر من جبهة والتي نراها عبر الإعلام الحربي يمكن القول: إن التفوق العددي لصالح العدو، إذ نرى أبطالا يتراوح عددهم في كل جبهة بين الخمسة والعشرة يتولون صد الزخف، فيما نرى العدو يزحف بالعشرات وأحيانا بالمئات..
تتملكنا الدهشة وتغمرنا مشاعر الإعجاب بأبطالنا، ويعتاد الكثير منا هذا المشهد اليومي دون تأمل في سره، وهو “صبر القلة المؤمنة” كما أوضح الله تعالى في الآيتين السالفتين، والذي وجدنا في الثانية منها كيف خفف الله تعالى على المؤمنين وشجعهم على القتال والثبات بأن جعل معادلة غلبة المؤمنين هي: مؤمن يغلب اثنين من الأعداء، أي أن تحريض النبي للمؤمنين على القتال قام عندما كان عدد المؤمنين يساوي نصف عدد الأعداء..
فكيف يكون الحال عندما يكون عدد المؤمنين أكبر من عدد الكفار؟
بالتأكيد أن التحريض على القتال سيكون أقل جهدا باعتبار أن التساوي العددي مع العدو هو تخفيف آخر من الله، ودافع أكبر ومشجع قوي ليقاتل الجميع، حيث ستكون المعادلة:
مؤمن واحد يغلب عدوا واحدا..
فما بالنا حين يكون عددنا نحن أكثر من العدو؟
ﻻ شك أن الطبيعي هو أن يستشعر الجميع أن الغلبة ستكون للمؤمنين، مع شرط (الصبر) الذي حدده الله تعالى، وبالتالي فالمفترض أن يندفع المؤمنون للقتال مع أبسط تحريض لهم على القتال..
فهل نحن نفعل؟
هل نحن رفدنا جبهات القتال لتحقيق تلك الغلبة؟
قبل أن أقدم حسبة بسيطة لما يمكن أن تكون عليه المعادلة العددية بيننا وبين أعدائنا ﻻ بد من الإشارة إلى أن البعض سيقول إن الكثرة ليست شرط حصول النصر، وإن النصر بيد الله تعالى ومن عنده، فهو – إذا شاء – ينصر القليل على الكثير..
وسيستشهد البعض بما حدث في حنين الذي وثقته اﻵية الكريمة:
قال تعالى:
لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ.
لذا وجب التوضيح بأن الحاصل هو أن الله إنما ينبه المؤمنين إلى عدم الاغترار بالتفوق العددي على العدو، ويؤكد عليهم أن ﻻ انتصار سيحرزونه من دونه تعالى سواء كانوا قلة أو كثرة..
وبالتالي فاللازم هو أن يسعى المؤمنون المقاتلون ليكونوا متفوقين عددا على العدو في أي مواجهة إن كانوا فعلا أكثر..
وإليكم الحسبة البسيطة:
لو أن 230000 مائتين وثلاثين ألف مواطن فقط تحركوا للقتال وتوزعوا بمعدل 10000 عشرة آلاف مواطن في كل جبهة..
كيف ستكون النتيجة؟
دعونا نتخيل لو أن نصف هذا العدد أي 115000 مائة وخمسة عشر ألف مواطن فقط تحركوا للقتال وتوزعوا بمعدل 5000 خمسة آلاف مواطن في كل جبهة..
كيف ستكون النتيجة؟
دعونا نتصور عددا أقل بكثير مما سبق وهو أن 23000 ثلاثة وعشرين ألف مواطن فقط تحركوا للقتال وتوزعوا بمعدل 1000 ألف مواطن في كل جبهة، وتشرب هذا العدد ثقافة الجهاد الصحيح فصبروا وثبتوا في المعارك..
كيف ستكون النتيجة؟
حتما سنصبح نحن من يزحف على الأعداء، وليس ننتظر صد زحوفاتهم..
سنطهر أراضي وطننا من دنسهم وندحرهم منها، ولن يكون لهم احتلال المزيد منها..
سنؤمن أنفسنا وشعبنا سريعا، وسنضع حدا لمعانتنا، وسننتصر لعزتنا وكرامتنا واستقلال وطننا، ولن نبقى تحت المعاناة التي يفرضها علينا الغزاة ومرتزقتهم..
نعم.. ألف مؤمن “صابر” في كل جبهة فقط كفيلون بحسم المعركة ضد العدوان..
فهل هو عدد نعجز عن تقديمه للجبهات؟
وهل نتوقع أن ينصرنا الله إن نحن لم نقدم هذا الرقم – على الأقل – من بين شعبنا المتجاوز للعشرين مليون نسمة ؟
بل هل نتوقع أن لا يضربنا الله ويعاقبنا لتفريطنا لو أننا لم نقدم العدد الكافي للقتال؟