حميد رزق لـ “الوقت”: أمريكا تضرب قسما من القاعدة وتدعم قسما آخر لحسابات شخصية ولا يوجد عندها جدية حقيقية في محاربة الإرهاب
في حوار خاص لـ “الوقت” مع الإعلامي والمحلل السياسي اليمني حميد رزق تم التطرق إلى تصعيد الغارات الأمريكية الأخيرة ضد القاعدة في جنوب اليمن والأهداف الكامنة وراء هذا القصف وفيما يلي نص الحوار…
الوقت: ماهي أهداف أمريكا من تصعيد عملياتها العسكرية ضد تنظيم القاعدة في اليمن وهل هذه الغارات تستهدف بالفعل عناصر التنظيم؟
حميد رزق: التصعيد الأمريكي يتخذ من القاعدة الآن ذريعة وبالذات بعد صعود ترامب لسدة الرئاسة في أمريكا. وهناك تباين بين إدارة ترامب وإدارة أوباما في التعامل مع الملف اليمني خاصة ملف القاعدة فإدارة “أوباما” دمجت ملف القاعدة ليكون جزء من الجهد الحربي السعودي ضد الجيش واللجان الشعبية أما إدارة ترامب فإن لها رأي آخر حيث ترى أنّ القاعدة هي ورقه أمريكية لايمكن التنازل عنها “للسعودية” إلّا بثمن مجزي وبالتالي ما لم تحصل إداره ترامب على الثمن المادي الكبير من السعودية فإن الأمريكي سيستمر بضرب القاعدة وهو يعرف أنّ جزأ كبيرا منها هو ذراع تابع للإخوان المسلمين أو لغيرهم من الذين يقاتلون تحت مظلة السعودية. وهذا أحدث إرباكا في صفوف المرتزقه التابعين للسعودية.
وإذا بالأمريكي يأتي ليقول أنّه يحارب القاعدة. وعلى كل حال فإنّ ترامب يريد أن يقول للعالم أنّ أمريكا لازالت قوية وأنها قادمة من جديد، لكن عن طريق عدة ضربات يدعي فيها أنها تهاجم بعض عناصر تنظيم القاعدة في اليمن. لكن عندما ننزل إلى الأرض ونتابع حقيقة هذه الضربات التي يتم شنها فيتبيّن من المعلومات التي لدينا أنّ هناك فصيلين؛ فصيل القاعدة وفصيل داعش. فالطائرات الأمريكية تستهدف بعض المراكز المحسوبة على القاعدة. وكأنها تزيح العناصر القاعدية من أمام داعش لتتيح لها التقدم. لأنّ هناك تنافس بين داعش والقاعدة.
مثلاً في مدينة مكلا كان هناك خلاف بين رموز داعشية تقودها عناصر سعودية وبين “أولاد الذهب” المحسوبين على القاعدة. جاءت أمريكا لتصفي المحسوبين على القاعدة لصالح العناصر الجديدة المنتمية لداعش. كما يعتبر تنظيم داعش الورقة الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية التي تريد الآن تحريك هذه الورقة واللعب بها كي يتم من خلالها تفتيت النسيج الإجتماعي في أي دولة أو تفريق واستهداف أي شعب من خلالها.
الوقت: تعني أنّ ترامب يدافع عن داعش في اليمن؛ كما أنك قلت أنّ أمريكا تريد ثمناً من السعودية مقابل القاعدة فما هو هذا الثمن!؟
حميد رزق: لايدافع بشكل مباشر ولكن عندما يقوم بتصفية عناصر من القاعدة في ظل خلافات مع عناصر داعش وتمايله على النفوذ في “يكلا” فمن الطبيعي أنه أزاح هؤلاء من أمام داعش التي قامت بدورها بعد أيام قليلة بالهجوم على منطقة يتواجد فيها الجيش واللجان الشعبية. وباختصار داعش هي عبارة عن موظفين لدى الأمريكي ولكن بطريقة غير مباشرة، وبالتالي هناك أوراق مختلطة وأجندات مختلفه؛ أمريكية، سعودية وأجندات للقاعدة ككل موجودة في اليمن.
ترامب صرّح أكثر من مرة أنه يريد أموال مقابل حماية الدول الخليجية وبالذات السعودية ولن يتحرك بالمجان. والملاحظ أنه بعد الإخوان المسلمين كانت الإدارة الأمريكية السابقة تتحرك باسم محاربة القاعدة في اليمن. ولكن بعد ٢١سبتامبر اختفى الحديث عن القاعده وتحولت الى جزء من المقاومة. واليوم ترامب يبتز السعودي ويعمل من تحت الطاولة ويريد منهم أثمان مادية كبيرة بكل تأكيد وفي حال لم يتجاوبوا معه فهو سيتخلى عنهم، وسيعمل بمعزل عنهم. فهو يملك أيدي في اليمن وبالمنطقه بشكل عام ومارأيناه في (يكلا) أّنه كان هناك عناصر تعمل تحت مسمّى المقاومة، وكان هناك نوع من الإمتعاض الشديد لدى الإخوان المسلمين. ولكن الأمريكي لم يلقي لهم بالاً، لأن لديه أجندته الخاصّة.
الوقت: هناك مصادر تقول بأن أمريكا تزوّد و تدعم القاعدة بالعتاد والسلاح عن طريق تحالفها مع السعودية، كيف ترى هذه الإدعاءات؟
حميد رزق: القاعدة هي ورقة لدى كل الأطراف والكثير من الأطراف لهم ارتباط ولو مع جناح من أجنحة القاعدة. هناك أجنحة كثيرة لهذه العناصر. فهناك فصيلة داعش وفصيلة القاعدة كما أنّ القاعدة نفسها لها أكثر من قسم. فمنهم من يتبع “لمحسن الأحمر” ومنهم من يتبع للسعوديين والقاعدة تتبع لقطر. وكلهم يستفيدون من هذه العناصر في تصفية حسابات خاصة وشخصية بين بعضهم البعض. مثلاً الآن القاعدة في الجنوب تهاجم الحزام الأمني المحسوب على الإمارات، وصفقات شحنات الأسحلة التي يُدّعى أن القاعدة استولت عليها، في الحقيقة تم ارسالها لها من مأرب من جهة “الأحمر والمقدسي” والمحسوبين عليهم. وبعدها ادعوا أن القاعدة استولت عليها…
وهذا يعني أنّ أمريكا تضرب قسما من القاعدة وتدعم قسما آخر لحسابات شخصية ولايوجد جدية امريكية في محاربة القاعدة. وبالعكس الولايات المتحدة هي من تحرك القاعدة وهي من تحاول ان تعطيها زخم جديد. فإذا كان الأمريكي يحارب القاعدة في اليمن وبعد مرور أكثر من عقدٍ من الزمن فلماذا لم تنتهي القاعدة؟ وبالعكس تماماً كلما تدخلت أمريكا ترى بأنّ القاعدة تتواجد في مناطق جديدة، إذاً فهي ذريعة للتدخل باليمن لإنتهاك سيادة اليمن. ومحاولة لتثبيت الوجود الأمريكي في المناطق الحيوية في اليمن بعد المندب، وغيرها من المناطق التي تتمتع بالثروة النفطية كما هو الحال في حضرموت وشُبّر وفي مناطق اخرى.
الوقت: ماهي أبعاد استخدام أمريكا لورقة القاعدة في اليمن وإلى ماذا تهدف في هذا التوقيت بالذات؟
حميد رزق: الأمريكي بحاجة الى ذريعة ليتحرك تحت مظلتها وذريعته الأخيرة هي القاعدة. المعارك التي تدور في الساحل الغربي اليمني؛ واضحة كوضوح الشمس أن الأمريكي والبريطاني والسعودي كلهم يريدون التواجد في المياه الإقليمية. ويريدون السيطرة على باب المندب وتبقى القاعدة بالنسبة للأمريكي هي الذريعة المناسبة لتهديد الملاحة الدولية. بينما السعودية تشن الحرب على اليمن بذريعة أخرى وأسماء رنانة كاستعادة الشّرعية ومحاربة ماتصفهم بالانقلابيين. ولكن الهدف واضح ألا وهو السيطرة على موقع اليمن الإستراتيجي وأيضاً على ثرواته في المحافظات النفطية والمحافظات السّاحلية. فكل هذه هي ذرائع للحرب بأوجه متعددة، إمّا بإسم القاعدة وداعش أو بحجة الشرعية ومايسمى بالوقوف في وجه الإنقلاب.
إعداد: عبدالسلام تقي