الخبر وما وراء الخبر

بابُ المندب.. المعركةُ التي يخوضها اليمنيون نيابةً عن نصف العالم

128

بقلم / عباس السيد

وفقاً لمعايير الاقتصَاد، وحسابات الربح والخسارة، يمكن القول إن الصين، ستكون الدولة الأَكْثَر تضرُّراً من سيطرة “تحالف العدوان “على باب المندب.

ولذلك، فهي الدولة التي يعول عليها الكثيرون في الوقوف بوجه المُخَطّط الذي يجري تنفيذه للسيطرة الكاملة على المضيق.

ومن أجل استبعاد الدور الصيني، يعمل الأميركيون وأَدَوَاتهم في المنطقة على ابتزاز الصين وإلهائها بقضايا أُخْـرَى ريثما يكملون مُخَطّطهم، ويفرضون واقعاً جديداً في المنطقة.

يحاولُ الأميركيون وأَدَوَاتُهم ابتزازَ الصين من خلال التلويح بورقة داعش “الأويغورية”، وهي عناصرُ اسلاميةٌ متطرفة ينتمون “للأويغور “الذين ينحدرون من أصول تركية، ويشكّلون نصف سكان مقاطعة شينجيانج، شمال شرق الصين.

وفي الأُسْبُـوْع الماضي، دفع الأميركيون بإحدى بوارجِهم الحربية في مياه بحر الصين الجنوبي، حيث تشهَدُ مياهَه وجُزُرَه منذ سنوات، نزاعاً بين الصين وعدد من الدول المشاطئة، أبرزُها فيتنام.

الصين التي يبدو أنها قرأت الرسائلَ جيداً. التزمت الحَذَرَ وأكدت احترامَها للقوانين الدولية الخَـاصَّـة بالملاحة البحرية في بحر الصين.

وكأنها تقولُ للأميركيين وحلفائهم: عليكم أَيْضاً احترام القوانين الدولية في باب المندب.

وكانت بكين قد عبّرت عن قلقها من محاولات السيطرة على المضيق، بعد نشر تقاريرَ صحفيةٍ حول اتّفَاق اميركي، مصري، إمَارَاتي، لبناءِ قاعدة عسكرية في جزيرة ميون اليمنية في باب المندب.

ودعت الدوّلُ المعنيةُ إلى احترام القوانين الدولية، واعتبرت أنْ لا شرعية للاتّفَاق بين الدول الثلاث، في ظل الأَوْضَـاع التي تسود اليمن.

وفي حين تقفُ الصين خلفَ روسيا في المعركة السورية في مواجهة نفس التحالف. لا تزال روسيا تلتزمُ الصمتَ تجاه المُخَطّطات التي يجري تنفيذها جنوب البحر الأحمر.

نعم، قد لا يشكّلُ بابُ المندب أهميةً بالنسبة للروس، فهم يعتمدون بشكل أساسي على المضيقين التركيين، البوسفور والدردنيل، للوصول إلى البحر الأبيض المتوسط. ولكن، هل ستتخلى موسكو عن بكين، وتتركُها وحيدةً تندُبُ حظها في باب المندب.

وهل سينجح التحالف “الغربي والعربي والتركي “في ابتزاز الصين وصرف نظرها عن باب المندب، بنكئ جراحَها في شينجيانج وبحرها الجنوبي.

لقد بات واضحاً أن المعركة التي أعلنها التحالُفُ الذي تقودُه السعودية في الساحل الغربي لليمن، ليست معركةً لدعم “شرعية الرئيس هادي”، بل لتأمين ظهر اللصوص والغُزاة في باب المندب وجزيرة ميون اليمنية.

وهي معركة فوق طاقة اليمنيين الذين يسطّرون ملاحمَ بطولية نيابةً عن نصف العالَم، رغم إمكانياتهم المتواضعة، في مواجَهة تحالف دولي بإمكانات عسكرية ومالية هائلة.

المعركةُ في باب المندب لا تعني اليمنيين وحدَهم، إنها معركة كُلّ العرب، معركة الشرق كله، من إيران إلى اليابان.