تـركة الــرجل الـمريض
بقلم / عبدالله علي صبري
– لا يتصرف تحالف العدوان في اليمن على النحو الذي يمكن أن يقود إلى حل سياسي، يحفظ للأمن الحد الأدنى من الاستقرار، حتى ولو قبل المؤتمر وأنصار الله بعودة ما يسمى بالرئيس الشرعي، فبعد أن وجدت الرياض أن مهمة اخضاع صنعاء طالت أكثر من اللازم برغم الحرب الشرسة والحصار الخانق، عملت وتعمل على تعويض فشلها الذريع، من خلال استغلال الورقة الهشة ممثلة في الفار هادي ومن حوله من خونة ومرتزقة، واستثمار الفوضى المستمرة فيما يسمى بالمحافظات المحررة.
وبالنظر إلى الوقائع الميدانية والمتوالية، تتصرف واشنطن والرياض كلتاهما، بطريقة أقرب ما تكون إلى تقاسم تركة الرجل المريض، مع منح شركائهما في العدوان على اليمن امتيازات مؤقتة إلى حين الاتفاق على الخارطة النهائية.
وما تسرب أخيرا حول جزيرة “ميون”، وما حاق بجزيرة سوقطرى، وما يحدث من صراع خفي ومعلن على النفوذ والهيمنة في عدن بمينائها ومطارها، والإمعان في امتهان ما يسمى بالرئيس الشرعي، كلها مؤشرات على مخطط يجري العمل على تنفيذه، وفرضه كأمر واقع يصعب على اليمنيين تجاوزه، إلا بمزيد من التضحيات.
فوق ذلك وجدت واشنطن ورئيسها الجديد في اليمن منطقة رخوة تستعرض فيها جنون القوة ووهم استعادة الدور الأمريكي في قيادة العالم. وخلال الأيام الأخيرة وبزعم محاربة داعش والقاعدة انتهكت العمليات الأمريكية سيادة اليمن في ثلاث محافظات على الأقل: البيضاء، ابين، وشبوة.
وبالإضافة إلى تمركز البارجات الأمريكية بالقرب من باب المندب، والاحتشاد الدولي في هذه المنطقة الاستراتيجية، تبدو القوى العالمية، وكأنها تنتظر نصيبها من القسمة سواء في اليمن نفسها، أو بالمقايضة في أماكن اخرى.
وللأسف، فقد أثبتت الأيام أن روسيا والصين، يلعبان بالبيضة والحجر، ويستخدمان الملف اليمني، في إطار لعبة المصالح مع أمريكا ودول الخليج، الأمر الذي سمح للرياض أن توغل في جرائمها باليمن، وهي مطمئنة إلى ازدواجية المعايير في السوق الدولية!
إيران هي الأخرى – وإن كانت في موقف لا تحسد عليه- إلا أنها غلبت البرجماتية في التعاطي مع الملف اليمني، وكان بإمكانها اتخاذ مواقف أقوى وأكثر انسجاما مع مبادئ الثورة الإسلامية.
ومن هنا لا نبالغ إن قلنا ان اليمن التي تواجه هذه المؤامرة الكونية مكشوفة الظهر، و وقد صمدت باقتدار في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي خلال عامين من الحرب المتوحشة، لن تعجز – بعون الله – عن كبح جماح المخططات الخارجية، شرط أن تلتقي القوى الوطنية في الشمال والجنوب على كلمة سواء.