الخبر وما وراء الخبر

وجاء حلف اسرائيل

137

بقلم /  محمد فايع

تواترت الأخبار التي تحدثت هذه الأيام عن عزم الولايات المتحدة تشكيل تحالف سداسي (سني) يضم أربع دول عربية، هي المملكة العربية السعودية ومصر والأردن ودولة الإمارات وتركيا، إلى جانب إسرائيل، تكون مهمته الأولى إقامة مناطق آمنة في كل من سورية واليمن، تكون منطلقا للإطاحة بنظام الرئيس الأسد، والقضاء كليا على التحالف “الحوثي الصالحي” في شمال اليمن.
وكان بيان صدر عن المكتب الإعلامي للإدارة الأمريكية في 29 يناير الماضي 2017م أفاد أن الطرفين ترامب وسلمان اتفقا في اتصال هاتفي طويل على أهمية تفعيل الجهود المشتركة في مواجهة “الإرهاب”، وأهمية التعاون لإحلال الاستقرار في المنطقة، بما فيها اليمن وسوريا.
وبحسب البيان فإن العاهل السعودي وافق على اقتراح الرئيس الأمريكي بإنشاء مناطق آمنة في كل من سوريا واليمن، إلى جانب التوافق بين الطرفين حول “أفكار كثيرة أخرى” تتعلق بمساعدة اللاجئين من متضرري النزاعات المسلحة في المنطقة.
مصدر سعودي رسمي أكد تطابق وجهات نظر الزعيمين بشأن السياسات الإيرانية في المنطقة وإشادتهما بالتعاون الأمني والعسكري القائم بين البلدين وأهمية تعزيز ذلك في الفترة القادمة.
ونظام السيسي المصري بدوره سارع نحو الحلف الاسرائيلي على خلفية تأثره بالترهيب الإسرائيلي الأمريكي السعودي من مواجهة مصير مشابهة لما حصل في سوريا والعراق، جاءت زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لإسرائيل، تحت عنوان دفع عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهي في الحقيقة تمثل البحث عن بوابة لدخول إسرائيل مرة أخرى للشرق الأوسط من جديد؛ لمواجهة التحدي الإيرانيّ المزعوم، وصولا إلى القول بأنّ العالم العربيّ بحاجةٍ إلى إسرائيل خلال هذه الأيام لوجود مصالح مشتركة بينهم، وعلى رأسها الخطر الإيرانيّ في المنطقة، منوهًا إلى أنّ القاهرة وتل أبيب حليفتين ويتعاونان منذ فترة لمواجهة تنظيم “داعش” في سيناء، على حدّ تعبيره.
نظام أوردغان التركي بدوره هرول مسارعا في ذات الاتجاه، فزيارته لدول الخليج أتبعها على الفور بتصريحات واتهامات استباقية، قلب بها ظهر المجن ضد التقارب مع إيران وهو ما وصل إلى حد الاتهام التركي لإيران بأنها وراء عدد من أزمات المنطقة.
النظام الملكي الأردني الذي -وإن كان أصلا من قبل في المسار الصهيوني- إلا أنه بات الان أكثر تبعية للمسار الأمريكي الصهيوني السعودي، على خلفية ما وصل اليه من وضع اقتصادي.
مسارعة الصهيونية إلى إنشاء مثل هذا التحالف وتقديمه كتحالف سني يكشف أن مهمة التحالف الجديد لن تقتصر على مجرد إقامة ما يسمونها مناطق آمنة في كل من اليمن وسوريا، بل قطعا يراد لنيرانه الفتنوية أن تعم المنطقة كلها وسيسرعون بحرائقها لتشمل مصر والسعودية.
ثمة دوافع أساسية لتحرك الصهيونية في هذه المرحلة ومن أهمها أن اليهود بالذات يرون في المشروع الثوري القرآني الذي تبناه أنصار الله خطرا وجوديا عليهم، وعزز ذلك الخوف عندهم إسقاط التجربة الشعبوية اليمنية كل ما بنته أمريكا ورأس حربتها الوهابية السعودية وأياديها في اليمن من قواعد وأوكار على مدى عقود مضت، وصولا إلى مواجهة عدوان التحالف العالمي الاممي بقيادة امريكا واسرائيل والذي استخدمت فيه كل وسائل وأدوات وأسلحة الدمار والقتل والحصار، بهدف إخضاع اليمن وشعبه، والقضاء على مشروعه القرآني الثوري التحرري.
وما أخاف التحالف الصهيوني الأمريكي السعودي أكثر هو تزايد الصمود والعطاء الشعبي الذي شد انتباه وتطلعات شعوب المنطقة، وخاصة أن تجربة المشروع الثوري اليمني قد تجاوز مرحلة الصمود الشعبي الى مرحلة تحول فيه الشعب إلى قوة ضاربة، تحقق في ميادين المواجهة بعد عامين من العدوان إنجازات ومعادلات عسكرية استراتيجية ألحقت هزائم وخسران بتحالف العدوان بل أوصلت كياناته الرئيسة إلى شفا جرف من الانهيار السياسي والاقتصادي.
وفي ظل هذه المعطيات سارعت الصهيونية الأمريكية بتتويج رجل المرحلة ترامب الأحمق إلى جانب مسارعة كيانها الإسرائيلي ليكون حاضرا على رأس تحالف جديد، جرى الاتفاق على خطوطه العريضة أثناء زيارة نتنياهو إلى واشنطن قبل أسبوع، ولقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بل تؤكد الأخبار أن ترامب طلب من وزير دفاعه جيمس ماتيس مراجعة الاستراتيجية الأمريكية في سورية، وتقديم مشروع جديد للتدخل العسكري فيها، بما في ذلك إرسال قوات برية، وعزز ذلك إعلان وكالة المخابرات المركزية الأمريكية “سي آي ايه” تجميد دعمها التسليحي والتدريبي لقوات الجيش السوري الحر، لتتولى الدول الخليجية كاملة التمويل لمخطط التدخل العسكري الأمريكي في سورية واليمن.
إن التطورات اليوم على مسار الانتقال من التحالفات الأعرابية بقيادة أمريكا إلى تحالفات بقيادة إسرائيل يجعلنا اليوم أمام مرحلة جديدة ومتقدمة من المواجهة المباشرة وحقيقية بين مشروع ومنهجية رأس الشر والإجرام الصهيونية، ومشروع ومنهجية الولاء القرآني في مسار يشير بقوة إلى بداية خطوات عملية على مسار إرهاصات تحقيق وعد لله للمستضعفين الموسوم في سورة الإسراء بوعد الآخرة، حيث حسم الله الصراع مع الاستكبار اليهودي الصهيوني لصالح المستضعفين الواعين، ولمشروعهم القرآني، الذي يهدي للتي هي أقوم.
وصدق الله جل شانه القائل: «وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ۞ فإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً ۞ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا ۞ إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ۞ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ۞ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ۞ وَأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا» صدق الله العظيم.