الخبر وما وراء الخبر

البطل الأسطوري «شمسان حملة » في حديث خاص لصدى المسيرة: اقتحمنا موقع نهوقة رغم الطيران الحربي والاستطلاعي وكل إمكانات العدو

895

بطل موقعة نهوقة في حديث خاص لـ صدى المسيرة:

لم أحس بالقُرب الكبير من الله إلا في اللحظات التي عشتها مع المجاهدين في الميدان

مظلوميةُ الشعب اليمني المعتدَى عليه دفعتني إلى ميادين العزة والشرف

من أسرار النصر تواجُـدُ القيادة الشجاعة الحكيمة بين أفرادها

الشهيد حسن الملصي كان قائداً ومجاهداً من طراز رفيع ولقاؤه بقائد الثورة عرّفه معنى القيادة

لا شك أن التأريخَ سيخلِّدُ في صفحاته الناصعة شموخَ وصمودَ أَبْنَاء الشعب اليمني وخَاصَّـة البطولات العظيمة لأبطال الجيش واللجان الشعبية التي يسطّرونها كمجاهدين في سبيل الله ضد المعتدي الغازي العميل لأمريكا و”إسرائيل”.

من بين هذه المواقف التي لن ينساها كافةُ أَبْنَاء الشعب اليمني وأَصْبَحت خالدةً في ذاكرة الصغير والكبير كان مشهد اقتحام موقع نهوقة العسكري بنجران عندما تقدم أحد المجاهدين، وهو المجاهد الجريح شمسان علي عبده حملة من محافظة إب (ضيف صدى المسيرة) بقدمَيه الحافيتين حتى وصل إلى قمة موقع نهوقة ملقياً على جنود العدو قنبلةً يدويةً، في الموقع الأَكْثَـر تحصيناً جغرافياً ومن حيث التجهيزات واحتوائه على مختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة، ناهيك عن التغطية الجوية للطيران الحربي والأباتشي والاستطلاع.

الصحيفة التقت بطلَ موقعة نهوقة في افتتاح معرض الشهيد المجاهد طه حسن المداني (أبو حسن)، وأجرت معه الحوار التالي:

انطلاقةُ الجهاد:

شمسان.. الشابُّ العشريني ذو البشرة السمراء، كانت مظلوميةُ الشعب اليمني المعتدى عليه والمجازر البشعة المرتكبة بحقه سبباً في تحَرّكه إلى ميادين العزة والشرف والبطولة، حيث يؤكد قائلاً: (نحن يا أخي معتدى علينا، ولم نعتدِ على أحد ولم نؤذِ أحداً، وتفاجأنا بإعلان العدوان على الشعب اليمني من واشنطن بأمريكا، وفي منتصف ليلة ٢٦ من مارس ٢٠١٥ باشروا عدوانهم بطائرات أمريكية وصواريخ أمريكية وإعلان أمريكي قصفوا أحياء سكنية منازل لمواطنين آمنين نائمين، قتلوا النساء والأَطْفَال، لم يراعِ هذا العدوان أية حُرمة من الحرمات، دمّروا كُلّ شيء الطرق والمصانع والمدارس والمساجد والمستشفيات والأَسْوَاق والمتاجر والمطارات والموانئ وفرضوا علينا حصاراً ظالماً لكي يقتلوا من تبقى جوعاً، واستمروا في ارتكاب المجازر بشكل يومي، حينها اقتنعت أنه لم يعد لنا أي مبرر للسكوت أَوْ القعود، فتحَرّكت إلى معسكرات الاستقبال، ومن ثم توجهنا إلى جبهات العزة والشرف إلى جبهة الحدود.

*****

الجبهة محرابٌ مقدَّس:

لم أعش لحظةً حقيقيةً في حياتي أحسُّ بها بالله وبالقُرب منه، ذاكراً ومستغفراً ومسبّحاً ومتأملاً، كمثل تلك اللحظات التي يعيشها المجاهدون في ميادين العزة والكرامة، هذا ما وصف به الجريحُ المجاهدُ شمسان تلك اللحظات التي عاشها في جبهة الحدود، ويضيف شمسان متحدثاً عن الجبهات: (فيها عرفنا الله، وتثقفنا بثقافة القُـرْآن الصافية التي تجعلك قوياً شديداً في مواجهة أَعْدَاء الله، فيها عشنا الأخوّة الإيمانية الحقيقية، وجدنا التضحيةَ والفداءَ والشجاعة والحكمة والهداية، نتقاسَمُ فيها كُلّ اللحظات بحُلوِّها ومُرِّها.

القيادةُ إيمانٌ وتواضُعٌ وقوة:

القيادةُ الشجاعةُ الحكيمةُ المتواضعة المتواجدة بين أفرادها هي سِرُّ النجاح والنصر.. هذه الكلمات يتحدّثُ بها المجاهد شمسان كخُلاصة لتجربته القصيرة، كما يحدثنا عن وسام يعلّقُه على جبينه وهو أنه التقى بالقيادي في جبهة نجران المجاهد الشهيد أبو حسين العياني، وكان فرداً من أفراده، فهو مثالٌ عالٍ وراقٍ للقيادات الميدانية التي يفتخر بأنه تعرَّفَ عليها.

يقول شمسان: إن الشهيدَ المجاهدَ أبا حسين العياني كان أُنموذجاً للمجاهد في سبيل الله على أرقى مستوى، بسيط متواضع، يعيش بين أفراده، يوعيهم بهدي الله، ويعرفهم بالله، وبالقضية العادلة التي يتحَرّكون من أجلها، يزرع في نفوسهم الثقة والقوة والعزيمة على قتال أَعْدَاء الله المعتدين.

ويروي المجاهد شمسان واقعةً عايشها بقوله: في أحد الأَيَّـام تأخَّر عنا الطعام فوزع الشهيدُ أبو حسين العياني ما لديه من الطعام على كُلّ الأفراد قطعةً قطعةً، صغيرة صحيح لكنها كانت كوجبة غداء كاملة.

نتغلّبُ على كُلّ الصعوبات:

قد يعتبر الناس أن اقتحامَ موقع في الحدود السعودية اليمنية أَوْ إطلاق صلية من الصواريخ، أَوْ استهداف دبابة إبرامز أمريكية الصنع وتدميرَها بالأمر السهل، غيرَ مدركين للصعوبات التي يعانيها المجاهدون من أَبْنَاء الجيش واللجان الشعبية في تلك الجبهات.

يقول شمسان: المعركة ليست سهلة، فالعدو يمتلك أسلحةً حديثةً وتكنولوجيا متطورة، يسيطرُ بها على كُلّ شيء، الجو والبر والبحر، وفي جبهة الحدود خَاصَّـة يعتبرها العدو معركتَه المصيرية الأولى ويدفعُ بكل قدراته إليها.

لكننا نتغلب على ما لديه؛ لأننا اعتمدنا على الله، وتحَرّكنا للجهاد في سبيله، ونُصرة المستضعفين من هذا الشعب المظلوم المعتدى عليه، نبذل الأسبابَ ونعد الخطط، ونتحَرّك لابتغاء القوم، وهو من يسدّد رمياتنا ويقذفُ في قلوب جيش العدو السعودي الرعب فيفروا هاربين مذعورين (قوة الله أقوى).

نتحَرّك والطائرات بكل أنواعها الحربي والأباتشي والاستطلاع (الزنّانة) لا تفارق سماء صعدة والمناطق الحدودية، ونتعدّى خطوطَ العدو الدفاعية الأولى ونقتحم مواقعه، وسلاحُنا بسيطٌ، الكلاشنكوف أبرز ما لدينا، وكل ما نقوم به هو أننا نذكُرُ الله، في كُلّ لحظة ونستعين به، ونتوكّل عليه.

الشهيدُ حسن الملصي مجاهدٌ في سبيل الله:

كان رجال قبيلي شجاع (راس) وزد قري هدى الله، وتعرف عليه سوى سوى وما بعدا مثل الجبل ما يهتز.. هكذا يصف شمسان بلهجته العامية ما كان عليه الشهيد الملصي.

ويضيف شمسان: كان الشهيد حسن الملصي شخصيةً عسكريةً من الطراز الأول وذَا فاعلية كبيرة، استهدافُ العدو وإقلاقُه كان الهَمَّ الذي يشغل تفكيرَه، لا تسمعه إلا وهو قائل: يا الله وفقنا.

وتابع حديثه للصحيفة عن الشهيد الملصي: قلنا له يا فندم ايش اداك هانا، ليش ما انتظرت يعينوا لك منصب كبير. فكان يرد علينا: أيش عاد به أَكبر من مجاهد في سبيل الله، احنا عسكريين وضباط وإذا ما دافعنا عن وطننا اليوم ايحين عاد احنا ندافع عليه.

يروي شمسان عن الشهيد المصلي أنه قال عند لقائه بالسيد عبدالملك الحوثي: (لم أعرفْ معنى القيادة إلّا بعد لقائي بالسيد عبدالملك الحوثي حفظه الله).

اقتحامُ موقع نهوقة العسكري:

سألنا شمسان عن اقتحامهم لموقع نهوقة العسكري السعودي، ذلك الحدث العالق في ذاكرة كُلّ يمني وشاب عشريني ذو البشرة السمرَاء (شمسان) يقتحم ذلك الموقع بقدمَين حافيتين ويرمي على جنوده قنبلةً! كم كان عددُ المقتحمين؟ وكيف تحصين العدو لهذا الموقع؟ فتحدث والبسمة ترتسمُ على خدَيه قائلاً: اقتحامُ ومهاجَمةُ مواقع العدو السعودي هو الهدفُ الذي تحَرَّكنا لأجله، وبالتأكيد أن القيادة لدينا تقومُ باستطلاع ومتابعة تحَرّكات العدو ومواقعه باستمرار، وبناءً على ما لديها من معلومات تقومُ برسم الخطط العسكرية وتحدّد الهدف، وتوجه بتنفيذه.

موقعُ نهوقة العسكري السعودي محصَّنٌ عسكرياً بشكل كبير، ومحميٌّ بمختلف أنواع الأسلحة والأفراد، وغطاء جوي على مدار الساعة.

ويضيف: نهوقة كان الهدف الذي سنقومُ باقتحامه وتدميره، وبعدَ دراسة الخطة العسكرية لاقتحامه تحَرّكنا مجموعةَ مجاهدين من أَبْنَاء الجيش واللجان الشعبية، وتوكلنا على الله لتنفيذ المهمة، نستطلع كيف ومِن أي مكان ننفذ إليه، توزع المجاهدون حاملين أرواحَهم على أكفهم (يا حياة أَوْ شهادة)، كُلٌّ أخذ الاتجاه المرسوم له، وقام فريقُ الاسناد بتغطيتنا، وبعون الله ونصره وصلنا إلى قمة الموقع وقمتُ برمي قنبلة على الجنود المتبقيين هناك، وزميلي رمَى قنبلة أخرى والبندق فوق ظهري ما استخدمتهش بالمرة، والحمد لله سيطرنا على الموقع ولم يصب أحدٌ من المجموعة حتى بجراح، وقُمنا بتدميره وتسويته بالأرض، وما النصر إلّا من عند الله.

ذكرى الشهيد محفورة في أعمال قلوبنا ومعمّدة بالدماء:

الاحتفاءُ بالذكرى السنوية للشهيد ليس له يومٌ معيَّنٌ أَوْ أسبوعٌ أَوْ شهرٌ، فذكراهم محفورةٌ في أعماق قلوبنا ولا يمكن أن ننساهم إلى يوم القيامة، فالشُّهَـدَاء تربطنا بهم أخوةٌ إيمانية معمّدة بالدماء الزكية الطاهرة التي نزفت في ميادين البطولة والشرف ساحات القتال.

هذه الكلمات خُلاصةٌ لحديث المجاهد الجريح شمسان لما يراه في ذكرى الشهيد، كما يشير إلى ما يستلهمُ منها المقاتلون من أَبْنَاء الجيش واللجان الشعبية من معاني التضحية، العطاء والفداء.

ويؤكد البطل شمسان أن من أهمّ ما يستفاد من هذه الذكرى هو تذكيرُ أَبْنَاء الشعب اليمني بهؤلاء العظماء الذي قدموا أرواحَهم رخيصةً للدفاع عنهم وعن تراب هذا الوطن، تعريفُ الجيل الصاعد بعظمة هؤلاء؛ ليكونوا هم المَثَل الأعلى لهم؛ لأن المقاتلَ من أَبْنَاء الجيش واللجان الشعبية المدافعين عن أوطانهم سطّروا الكثيرَ والكثير من البطولات التي أذهلت العالم، ومن أقل القليل أن تُنقلَ بصفحات بيضاء لكل الأجيال في اليمن والعالم.

وفي هذه الذكرى يجدد المجاهد الجريح شمسان العهدَ مع الله بأنه سيسيرُ على ذات الطريق الذي سلكه الشُّهَـدَاء العظماء، وأن يقدِّمَ نفسَه رخيصةً في سبيل الله والدفاع عن المستضعفين وهذه طريق الشُّهَـدَاء الذي لن يحيدَ عنها.

الإعلامُ ضد العدوان من أهم الجبهات ويساهمُ برفع معنويات المجاهدين:

تربط المقاتلين من أَبْنَاء الجيش واللجان الشعبية بالجَبْهة الإعلامية علاقةٌ قويةٌ وكبيرة جداً، فالمجاهدون يقومون بتنفيذ العملية الموكلة إليهم بدقة، والإعلامُ ينقل شدةَ بأسهم وإقدامهم وشجاعتهم لكافة أَبْنَاء الشعب وللعالم ليروا كيف يهرب المنافقون والعملاء للعدو الأمريكي السعودي وذعرهم وخوفهم.

الإعلام جبهة الجبهات يقول شمسان: عندما كنا نسمع الخبر في نشرة الأخبار في قناة المسيرة كان يضيفُ لنا نصراً معنوياً كبيراً يضاهي ما نقومُ به في الميدان؛ لأن دورَ القناة كبيرٌ جداً جداً، فهو إكمالُ ما يقومُ به المقاتلُ وإيصاله للعدو وللعالم وللشعب اليمني المظلوم.

أما الصحافة الورقية فلا تصلُ إلينا إلا نادراً، ويقول: أذكر أن في أحد الأَيَّـام وجدت صحيفة صدى المسيرة، وخَاصَّـةً في الجبهة لقراءة الصحف والاطلاع على الأخبار مذاق خاص، حتى أني قرأتُ أغلب ما فيها وأَكْثَـرُ ما شدني أخبار الجبهات؛ لأنها ترفع معنويات المقاتلين، فاقتحام الموقع في كفه ونقل للعالم وللشعب اليمني في كفّة أخرى.

صورتي أثناء اقتحام موقع نهوقة أنستني إصابتي:

يتحدَّثُ الجريحُ شمسان عن شعوره وهو يرى أَبْنَاءَ الشعب اليمني يتناقلون صُوَرَه قائلاً: ارتحت كثيراً عندما شاهدت صورتي أثناء اقتحام موقع نهوقة العسكري السعودي منتشرةً بشكل أذهلني، ومعلقةً في لوحات إعلانية في العاصمة، صحيح أنها أنستي إصابتي، لكنها تجعَلُ الإنْسَانَ يتأمَّلُ بلطف الله ورعايته وتوفيقه عندما تتحَرّك في سبيله، فبقوة الله نقتحم المواقع المحصنة، وبقوة الله ندمِّرُ الدبابات الأمريكية الإبرامز بولاعة، وتصبحُ تحتَ أقدام أَبْنَاء الجيش واللجان الشعبية، نسألُ اللهَ التوفيقَ والسدادَ والنصرَ المؤزّر.