الخبر وما وراء الخبر

ليست الترامبية مَن تنفخ في الصور!

142

بقلم / علي الـمَحَطْوري

ما إن أُعلن عن فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية في الثامن من نوفمبر الماضي حتى اصطكت رُكَبُ الخليج خوفاً، وارتعدت فرائصُ حلفاء أمريكا حول العالم، حتى أوروبا نفسُها أصابها الهلعُ من رئيس يقولُ بأن “حلفَ الناتو” أصبح من الماضي، في خروجٍ عن العُرف الأمريكي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

والآن ومع دخول ترامب البيتَ الأبيضَ في العشرين من الشهر الجاري.. ليس أحدٌ في هذا العالَمِ مَن ينتظر التفاتة رحمة وشفقة أمريكية كالسعودية؛ نظراً لما تعانيه من “مأزق وجودي” أوقعها فيه أوباما ورحل، تاركاً لخلفه ترامب أن يتعهّدَ “الخليج والسعودية خصوصاً” بما يراه مناسباً، وما يراه ترامب الآتي من عالم التجارة هو “زيادة رفع ثمن الحماية”، وهو ما يرهق الميزانية السعودية بما لا قبل لها به، لكن ما هي فيه من “العناد والمكابرة” سيجعلها مستعدةً أن تشتريَ “الأربع السنوات الترامبية” سلفاً، مقابل أن يلتزمَ لها ترامب بإعادة صنعاء إلى حظيرتها، وتلك هي غايةُ ما تأملُه السعودية من ترامب في صفقةٍ تتمناها مهما كلّفها من ثمن، بل ومستعدةٌ لأكثرَ من ذلك بتسهيل “تهويد القدس المحتلة” وتحقيق حُلم الصهيونية بتثبيتِ الحق الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وإلغاء حق العَوْدَة، وتصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد، والدخول في سلام عربي كامل وشامل مع نتنياهو، وتسليمه زمام أمور المنطقة.

وهُنا تأتي قيمةُ صمود اليمن وثباته في مواجَهة المرحلة الترامبية، ما يفرِضُ على الشعب اليمني استنفاراً على كافة الصُّعُــد، ويقيناً بأن الترامبيةَ ليست هي مَن تنفخ الصور، وأن إلحاقَ الهزيمة بها يسيرٌ على شعبٍ هزم أمريكا مرتين، مرةً بانتهاء المرحلة البوشية (8 سنوات) وأنصار الله من مجاميعَ مشردة إلى قوة وطنية، ثم انتهاء المرحلة الأوبامية (8 سنوات) بصمود اليمن وصعوده نحو الإقليمية، والآن جاءت الثالثة في مواجهة أمريكا “بنسختها الترامبية المسعورة” (نسبةً إلى وزير حربها جيمس ماتيس المعروف بالكلب المسعور)، وبالجد والتضحية والصبر والقتال على كُلّ الجبهات، فالأربعُ السنوات القادمة ستكونُ فرصةَ اليمن؛ لأن يشرف على المنطقة قوةً عربيةً صاعدةً، ورافعةً ثوريةً إسلاميةً لنهضة أمة توشك على التلاشي ما لم يتداركها اللهُ بصمود اليمن وخروجه منتصراً!

والبحر لن يكون إلا يمنياً!

البحرُ لنا أو الحرب بيننا، ولن يكونَ ساحلُ اليمن إلا يمنياً خالصاً، وهذه معركةُ كرامة وسيادة، شاء من شاء وأبى من أبى، ولا تراجُعَ عنها.

ولن ينالَ العدو إلا ما ناله من فشل في معارك الأسابيع الماضية، وما تجرّعه من انكسار لزحف أمس الأحد على شمال ذُباب، والآتي عليه أعظم.

وحتى الممر الدولي لا حصانةَ له بعد انتهاك العدو، وتحويله إلى منصة عدوان وتهديد ضد اليمن.

ومن أراد الحربَ بلا حدود فتلك غوايته ترتدُّ عليه في الحدود بخسارته معسكرَ غاوية الخوبة، وسيطرة أبطال اليمن على خمسة مواقعَ عسكرية سعودية في جيزان مجتازين تحصينات العدو بشجاعة نادرة، متخطين نيران طيرانه الأمريكي ببسالة باهرة، حاطمين الجيشَ السعودي ضباطاً وجنوداً حطماً شديداً، وبحامياته فاتكين فتكا أشد.

وإذا راهنت السعوديةُ على ترامب أن يمُدَّها بقوة فقد راهنت على تاجرٍ يطمَعُ فيها أكثرَ مما هي تطمَعُ فيه.. ولا بارك الله فيها وفيه.