الخبر وما وراء الخبر

الطفلة إشراق شهيدة الأمة العربية

233

بقلم / عادل العوفي

عندي جوع تاريخي للاحترام والشعور بالإنسانية”.. تذكرت كلمات الكبير “محمد الماغوط” هذه وأنا أشاهد بأسى وحزن لا يوصف مشهدا تقشعر له الابدان للطفلة اليمنية “اشراق” وهي احدى طالبات مدرسة “الفلاح” في مديرية نهم اليمنية التي قصفت في احدى غارات ما يسمى “التحالف العربي “.

لن اناقش الموضوع من زاوية سياسية على الاطلاق (مللنا الحديث في هذا الشق)، لذلك استحضرت “المقولة” المذكورة وبدأت بها هذه الفقرة لأنني “اخاطب” الضمير الانساني هنا واناي “بنفسي عن “المهاترات” و”الاتهامات المجانية” بين الأطراف المنغمسة في شرب الدم اليمني (ولا تشبع) ليل نهار.

من هذا المنطلق سعيت وبحثت وراء هذا “الخبر” وتنقلت بين وسائل الاعلام العربية “لعل وعسى” نجد احدا “يرتقي” فوق “التصنيفات المريبة” وينتصر “للإنسان” داخله فلم اجد للأسف سوى قناتي “الحرة” و “بي بي سي” لكن وفق منظور عام وكانت عاجزة عن وضع النقط على الحروف .

طبعا على المحطات اليمنية المحلية مثل “المسيرة” وغيرها فالكل تحدث عن الطفلة وزملائها باستفاضة كبيرة، لكن اخذ هذا النموذج لوحده رغم أنك لا تقصد سوى “لعن ” هذا الفعل الجبان في استهداف الاطفال سيضعك تحت “عنوان عريض” معروف.

عبر صفحتي الشخصية على الفايسبوك مثلا كتبت “باي ذنب قتلت الطفلة اليمنية اشراق؟”، واستغربت من رسائل الكثيرين التي تسألني عن  ما الذي وقع بالضبط؟ ومن هي “اشراق” هذه؟

هنا هل ألومهم واتحدث عن “جهل ” فاضح ام اتوجه بسهام النقد للأعلام العربي الذي يرى “بعين واحدة ” فقط ؟ ماذا لو اصطفت القنوات التابعة و”الممولة” خليجيا على سبيل المثال و اهتزت “لنجدة” هذه الطفلة؟

هنا اكيد ستتغير المعايير وسيغير الجميع “صورهم الشخصية” تضامنا مع “شهيدة الامة العربية” التي سفك دمها دون وجه حق ,وكانت ستزاحم بالأحرى “نجوم اراب ايدل” و”ذو فويس″ من حيث الشعبية والشهرة.

لكن ان تكون الضحية يمنية وفي منطقة مثل “نهم” ويكون “الجلاد ” منسوبا “لإنجازات ” العرب “الفاتحين” تحت ذلك المسمى المخزي “التحالف العربي”، فالأمر “عادي” ولا يستدعي اية ضجة فوسائل الاعلام مرتبطة “بمهام جسام” على رأسها تحديد “المتوجين” في برامج “الام بي سي” الراعية الرسمية “للمواهب العربية ” التي تخدم “الصالح العام” وترعى هذه الامة التي تحيا في سلام ووئام ونعيم غير مسبوق و {الحمدلله}.

ما يحز في النفس ان الكثيرين “يستكثرون” علينا حتى “رثاء” الضحايا من الاطفال والابرياء عموما ,فالكتابة عن “اشراق” مثلا من “المستحيل” ان تكون نابعة من منطلق انساني “صافي”، ومن تهتز مشاعره مرتبط “بأجندة” معينة وهدفه غير نبيل وبريء بالمرة.

كل هذا يلخص واقعا كارثيا يقتضي منا “وأد” كل تلك “المصطلحات” الفارغة لأننا بالفعل نعيش في غابة تتسيدها الوحوش من كل الجهات..

اضم صوتي لصوت الراحل “محمد الماغوط” واقول اننا بالفعل نعيش “جوعا تاريخيا” للاحترام والشعور بالإنسانية في هذا الزمن المخزي ..

الرحمة لكل الاطفال الذين دفعوا ثمن صراعات الوحوش  الضارية في هذا العصر..

كاتب مغربي

نقلا عن رأي اليوم