الخبر وما وراء الخبر

حقيقة قنوات الإعلام لقوى العدوان

201

بقلم / شرف الدين الرحبي

كلنا نعلم ما للإعلام من أهمية قصوى في خلق الوعي و توجيه الفكر  وصنع الثقافات المراد ترسيخها في أوساط عقول المجتمعات خاصة عندما يكون هناك هدف أساسي يراد تمريره .
والإعلام أيضا أهمية قصوى في الحروب بين الدول ونعلم أيضا أن الشعوب العربية والإسلامية الحرة في حرب مع إسرائيل منذ عشرات السنين فهل يعقل أن تبقى إسرائيل بلا نافذة إعلامية مؤثرة توجه بثها للعقل العربي والإسلامي .
مؤكد أن اليهود لم يغب عنهم هذا الأمر الهام وماهو الملاحظ أنه لايوجد وسيلة إعلامية إسرائيلية واحدة تبث علنا للأمة العربية والإسلامية فكانت الجزيرة قناة إسرائيل  المدللة وتبعتها بعد ذلك جملة من القنوات منها العربية .

فكرة ظهور قناتي الجزيرة والعربية :
فبعد حرب الخليج الثانية وأطروحات جورج بوش الأب وهي الأرض مقابل السلام كان لابد للغرب من حلحلة الأوضاع بطريق متعددة وجديدة وأهم هذه الطرق “تغيير الفكر والنظرة العربية نحو إسرائيل ” وتقبل الواقع والتأقلم مع الوجود الإسرائيلي الصهيوني في المنطقة وربطه بعلاقات سياسية وإقتصادية وإعلامية “ونحن شاهدنا مؤخرا مانشر على مواقع التواصل الإجتماع إجتماع قيادات تابعة لنظام ال خليفة في البحرين مع منظمة يهودية صهيونية متشددة ويدعون انهم رجال أعمال وتجار وممارسة الرقصات والإحتفال معهم ”  وهذا دليل واضح على المساعي الجديدة لترويض الأنظمة والمجتمع الخليجي للتطبيع مع إسرائيل  .

من هنا ظهرت فكرة قناة الجزيرة على السطح في البداية بعد قبول قطر القيام بالدور منها وقد فعلت ذلك ولكن ظهرت على السطح الأيدلوجية الإسلامية المتشددة فما كان من إسرائيل وأمريكا سوى إستغلال هذه الفرصة الذهبية وتحويل هذه الجماعات لتحارب في الداخل الإسلامي وقد غذتها فكريا وسياسيا وإعلاميا و كان لحكومة قطر وقناة الجزيرة الدور الأكبر .

ولم تكتفي الإدارة الأمريكية والإسرائيلية بذلك بل أحيت النزعة القومية العربية ممثلة في البعثيين والناصريين والماركسيين وأصبح الجميع في صراع أديلوجي وسياسي وسباق حميم نحو السلطة تحت مسميات مختلفة وتحالفات مشبوهة وتكفلت قناة الجزيرة بالدور الإعلامي وحكومة قطر بالدور السياسي .
نبذة مختصرة عن نشأة وتأسيس قناتي  الجزيرة والعربية ..
البداية من قناة الجزيرة …
قناة الجزيرة قناة بريطانية تابعة ل BBC نشأت مع ظهور الفضائيات العربية  وقد اشتراها أمير قطر ووزير خارجيته ضمت صفقة سياسية بين بريطانيا وأمريكا وإسرائيل من جانب ودولة قطر من جانب وكانت هذه الصفقة في عام 1996م عندما طلب أمير قطر حمايته من والده ومن بعض الدول الخليجية ثم أتبعه بطلب آخر وهو تمركز 10000 جندي أمريكي في قطر وفي المقابل وافقت حكومة قطر على إقامة علاقات سياسية وتجارية مع إسرائيل والقيام بالدور المطلوب منها ومن قناة الجزيرة لتبدأ بثها في ال 30 من يوليو عام 1996م عقب إطاحة أمير قطر بأبيه وحبسه ووجد ترحيب غربي بذلك ومن بعدها نشأت هذه القناة بتمويل مفتوح وجاء مشروع الشرق الأوسط الكبير بإحداث فوضى خلاقة واستغلال لكره الشعوب لأنظمتها لعمل ثورات والإطاحة بالأنظمة التي فعلت كل شيء لأمريكا إلا تصفية القضية الفلسطينية فكان البديل البحث عن رؤساء تابعين لأمريكا بنسبة 100% .
قناة العربية :
قناة العربية هي قناة فضائية إخبارية سعودية وجزء من شبكة إعلامية سعودية بدأت عقب حرب الخليج الثانية لتمرير أجندات سياسية متعلقة بشرعية المملكة واستقرارها ووسيلة للرد لما يثار حولها وبدأت البث في 3 مارس 2003 م .
أتبعت هذه القناة منذ تأسيسها خطأ سياسيا “مثيرا للجدل فقد تفاقمت كثيرا مع السياسة الأمريكية وحتى الإسرائيلية ” في المنطقة وخصوصا فيما يخص حزب الله وحركة حماس وغزو العراق ..

السياسة الإعلامية التي تنتهجها قناتي الجزيرة والعربية ..
كشف موقع ويكيليكس تعامل مدير شبكة الجزيرة مع المخابرات الأمريكية أن الإستخبارات العسكرية الأميركية كانت تقدم تقريرا شهريا لمدير شبكة الجزيرة الإعلامي الفلسطيني وضاح خنفر توجهه فيه عن أخطائه وسلبياته .
وقد حصل ويكيليكس على مقابلة بينه وبين مسئول الشئون العامة في المخابرات العسكرية بالسفارة الأمريكية في الدوحة يوم 19 أكتوبر عاهل 2005 م وجاء في البرقية التي تحمل رقم 05Doha1765  أن مسئول الشئون العامة التقى مع مدير شبكة الجزيرة وضاح خنفر في 19 أكتوبر لمناقشة أحدث تقرير لوكالة الإستخبارات العسكرية DIA والمواضيع المقلقة في موقع الجزيرة على الإنترنت مشيرة إلى أن خنفر أحضر ردا مكتوبا على نقاط وكالة الإستخبارات العسكرية في تقاريرها  لأشهر يوليو وأغسطس وسبتمبر من عام 2005 قائلا “إن أحدث المواضيع التي تشير قلق الحكومة الأمريكية في موقع القناة قد تم تهذيبه وتهدئة لهجته وأنه سوف يزيله في خلال يومين او ثلاثة  وهذا مايؤكد أن السياسة الإعلامية  المتبعة لقناة الجزيرة موجهة أمريكيا ومايخدم السياسة الأمريكية في المنطقة .
وبالنسبة لقناة العربية كنموذج بسيط هو اعتناق هذه القناة قائمة من التعبيرات والمصطلحات مختلفة عن تلك التي تستخدمها وسائل الإعلام العربية فيما يخص الصراع العربي الإسرائيلي الصهيوني أو ماتبعها من غزو أمريكي للعراق وخلال الثورات العربية ومؤخرا العدوان السعودي الأمريكي على اليمن .
فالعربية التي أدارها بداية وزير الإعلام الأردني الأسبق صالح القلاب ” أطلقت على من يقتلهم جنود الاحتلال الإسرائيلي من الفلسطينيين بالقتلى وليس بالشهداء ” ليرد على هذه النقطة مدير القناة عبدالرحمن الراشد أن القضية معقده أكثر مما تبدوا فالمحطة ليست وظيفتها منح الناس الشهادة فذلك حق رباني وأنه عندما يقتل أحد عناصر مايسمى القاعدة ووصفهم آنذاك بالأبرياء سواء في السعودية أو مصر أو اليمن أو المغرب أو غيرها نقول عنه قتيل فلماذا نسميه في لبنان او فلسطين شهيدا ..
في صورة واضحة الإنحياز لسياسة وفكر تنظيم مايسمى القاعدة والتعاطف معهم أما من يقاتل كيان العدو الإسرائيلي وهو في مواجهة واضحة معه لايراد أن يطلق عليهم شهداء ..
ولا نذهب بعيدا كيف وبعد ممات نتنياهو كيف لبست مذيعات قناة العربية الزي الأسود عزاءا على وفاته . وكيفية تعاطي القناة مع الشأن اليمني وانحيازها الواضح مع من وقف في صف العدوان ومحاولة تضليل الرأي العام الذي لم يعد مجديا أمام وعي وصحوة الشعب اليمني المتنور والمتبصر بثقافة قرآنية صحيحة ….