الخبر وما وراء الخبر

بكاءُ حلب وعويلُ تعز

189

بقلم / أحمد علي الجنيد

في ظِلِّ انْتصَارِ حلب لقد صادفنا هتافات غوغائية وَهاشتاجات مُزخرفة بالتزييف الخُرافي في مواقع التواصل الاجْتمَاعي، وها نحن نصادِفُهم حقيقة وواقعاً، يشكلون طابورَ النفاق الخارق، يسعون ويكتظون بأنفسهم في التبعية والانبطاح المخزي في الترديد الببغائي بشعاراتٍ باطلة يراد بها الباطل نفسه، فما بني على باطل فهو باطل أساساً.

وتبقى تلك المواقفُ الهزليةُ والمحطاتُ مثيرةً للسخرية عندَما تجدُ مَن يُلبِسُون أنفسَهم بالذل، فتجدهم يؤيدون ظلماً على بلدانهم ويتشفون بذلك، ويتظاهرون بالتباكي والتشدق ببلد آخر، وهنا حلب السورية وتعز اليمنية في حضن الحاضر لنأخذ منهما قصة وعبرة.

فعندما يتضاعفُ إفلاسُ المفلسين الخاسرين ويجن جنونُهم، هنا تنبعث الحمية وَالغيرة الخسيسة المُسيـَّسة بدموعٍ وهميةٍ كاذبة مفبركة بإعلام ساذج، وفي نفس الوقت تدرك حقيقة تلك العلاقة الحميمة بالأفكار الهدامة والدامية وفي نفس الوقت أيضاً تتكشف وتتوضّح الروابط والصلاتُ بين دواعش اليمن ودواعش سوريا بشكل خاص وبكافة الدول بشكل عام وبالفكر الوهابي التدميري، وأولوية المصلحة الصهيونية؛ لمحاولة إخضاع وتركيع الشعوب العربية وإذلالها، فها هي حلب وتعز نموذج حي، وما يحدث فيهما يكشف المُخَطّطَ الواحدَ لكلٍّ من الأَعْدَاء والعملاء أيضاً.

لا ننكر أن حلبَ مدينة عربية مثلها مثل تعز تَمَاماً، عدونا واحد ورأس عدونا أيضاً واحد، وهو الأفعى ومن غيرها فقط السعودية ورأسها أَمريكا وإسرائيل، أعداؤنا بل أَعْدَاء كُلّ الشعوب العربية، ولكن تختلف المسميات من دولة إلى دولة أُخْرَى، ففي سوريا يشنون حرباً وينادون بحربهم ضد الشرعية ومصب النار ومرمى الهدف “حلب” وفي اليمن يشنون أَيْضاً حرباً مع ما يدعونها ويسمونها بالشرعية ومصب النار ومرمى الهدف ” تعز”.

الدم عربي والدين إسْـلَامي والهدف نفس الهدف والوجع نفس الوجع ولكن شتان ما بين حق وباطل وفرق شاسع بين أمن وخوف، شتان ما بين مدينة تتحرر ومدينة تستبد وبين مدينة تدحر الأَعْدَاء لتسكن ليلها بهدوء وطمأنينة ومدينة أُخْرَى تذخرهم إليها ليفيقوا حلمها ولينالوا منها لتكون وجبةً دسمة لهم، فدواعشنا اليوم في الوطن بأكمله.

 دموعُهم وبكاؤهم على حلب وعويلهم وعويل ذئابهم وأذيالهم وأتباعهم تنوح وتدوي في شوارع وحارات تعز.. أنينهم وآهاتهم على حلب وسكاكينهم تسلخ وتذبح الإنسانية في تعز، وكأن شيئاً لم يكن!..

أيها الدواعش خسئتم، وأيها العملاء وأيها الأبواق الإعلامية العميلة الساذجة.. لا داعي لذَرْف دموع التماسيح، وإن كنتم حقيقةً تحملون ذرة نخوة عربية على حلب هذا إن كان عندكم عروبة أصلاً؛ أولاً أفيقوا وكونوا وطنيين ثم بعد ذلك تشدقوا بالعروبة وإن أصبحت الوطنية تُفيِقُ ضمائركم والعروبة تثيرُ نخوتكم تذكروا ان أتباعَكم ذئابٌ حاقدة وأذيال متشددة يمارسون بمدينتكم اليمنية أبشع الجرائم من قتل وسحل وتمثيل بجثث أبنائها المواطنين.

 دعوا التباكيَ على حلب ولتنقذوا مدينتكم الذي أحرقتموها بأيديكم وأيدي المؤمنين ولتكفوا أنتم وشللياتكم بقصفكم المدفعي بالسلاح السعودي على أبناء جلدتكم وعلى منازلهم في تعز ليل نهار.

 أدخلتم تعز في ويلات الحرب بأيديكم، وها أنتم تجرجرون الحربَ في تعز في تصفية ممنهجة بتخطيط مرسوم وجبان، تدمرون شارعاً تلو شارع وحارة تلو حارة أُخْرَى، ولا يبقى لتعز إلا صمّام الأمان فيها من الجيش واللجان الشعبية فقط، ولوْلا وقوف الجيش واللجان بوجهكم لعثتم في الأرض فساداً ولأهلكتم الحرث والنسل، فلستم إلا وصمة عار في جبين الوطن، بل أنتم العار بحد ذاته.

وهنا لا نملك إلا أن نقول في الانْتصَار المشرف لحلب: “ألف مبروك يا حلب وعقبى لك يا تعز” فإن العزة في آخر المطاف وصناعة التأريخ الموسوم في النهاية يبقى حليفاً من نصيب الأوفياء لوطنهم في نصرة الحق.