الخبر وما وراء الخبر

من صفات أولياء الله في القرآن الكريم

225

كم في القرآن الكريم من الوعود المهمة، من الوعود العظيمة، التي لها قيمتها وأثرها في الحياة الدنيا وفي الآخرة، لو وَجَدَتْ من يؤمن بها، لو وَجَدَتْ من يُصدق ويثق بها، وعود تأتي من قِبَل الله، وعود من قِبَل من له ملك السماوات والأرض، وله الدنيا والآخرة.
ولكن الشيء المُدْهِش والغريب هو أننا كيف نصدق وعوداً تأتي من قِبَل آخرين نحن نعرف أنهم كذبوا علينا في السنة الماضية، وقبل السنة الماضية، ثم يحدثونا بأنه من الآن وصاعداً سنفتح صفحة جديدة، فنصدق ونثق ونصفق.
لم نتعامل مع الله سبحانه وتعالى، ولم نصدق تلك الوعود المهمة، تلك الوعود العظيمة، وَعَدَ المسلمين حتى بغنائم، وَعَدَهم بمناطق أخرى سيفتحونها {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا}(الفتح: من الآية21).
فلهذا كان من ميزة أولياء الله, الميزة العظيمة هو أنهم يؤمنون بما تعنيه الكلمة أي يصدقون ويثقون.. ثم {وَكَانُوا يَتَّقُونَ} {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}؛ لنعرف أن الذي يصنع التقوى هو الإيمان، متى ما آمنت، متى ما صدقت، متى ما وثقت، متى ما فهمت أهمية هذا الوعد، أهمية هذا الأمر، أهمية هذه المسئولية هناك سترى كم يكون التقصير مزعجاً، كم سيكون التقصير مخلاً، كم سيكون التقصير سيئاً، فأنت حينئذٍ ستعمل من منطلق إيمانك الواعي، وفهمك الواعي إلى أن تكون متقياً من أن يحصل منك تقصير نحو الله سبحانه وتعالى، تفريط في المهام التي أصبحت تعرف من واقع إيمانك أهميتها, تخاف من تلك العقوبات التي توعد بها من قَصَّر وفَرَّط وخالف وعاند، فأنت تعمل على أن تتقي الله من أن يحصل منك ما تستوجب به غضبه، وما يجعلك أيضاً جديراً بأن ينزل عليك عقوبته، تلك العقوبة التي أوعد بها.. القرآن مليء بالوعد والوعيد، مليء بالوعيد الذي يعني التهديد على التفريط الذي يحصل من جانب الناس.
{آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} ولهذا نفهم كيف أن التقوى فعلاً هي حالة نفسية يخلقها الإيمان الواعي، يخلقها التصديق العملي في نفس الإنسان وهو ينطلق من واقع إيمانه، ومن صدق وعيه وفهمه، نحو كل قضية؛ لأنه يعرف أهميتها، وخطورتها, ومسئوليته الكبيرة فيها؛ فيخاف الله من أن يقصر فيتقيه. إذاً آمن واتقى {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.
إذاً فكيف نكون من أوليائه إلا إذا كنا نثق به، نثق بالله, نعتمد على الله، نتوكل على الله، نعمل على الحصول على أن نكسب ونحصل على رضا الله، نخاف من الله، نستعين بالله، نسترشد بالله، نستهدي بالله، نعتبره ولي أمرنا، هو هادينا، هو مرشدنا، هو من سيرعانا، من سينصرنا، من سيؤيدنا.. ولكن ليس مجرد كلام، ليس مجرد لقلقة ألسنة، تكون أنت فاهماً وواعياً من هو هذا الذي تريد أن تعتمد عليه، إنه الله القوي العزيز القاهر فوق عباده، الذي له ملك السموات والأرض، وبيده خزائن السماوات والأرض، بيده الأولى والأخرى، بيده الدنيا والآخرة، تثق به وثوقاً صادقاً عملياً لا يتزعزع أبداً أمام أي دعاية أو إرجاف، أو تخويف، تعتمد عليه، تتوكل عليه.
وما أكثر ما كان يردد الإمام الخميني (رحمة الله عليه) كلمة [يجب أن نعتمد على الله] يقول للإيرانيين: اعتمدوا على الله، توكلوا على الله، بالاعتماد على الله نستطيع أن ننتصر، بالاعتماد على الله نستطيع أن نقف على أقدامنا دون حاجة إلى أن نستعين بهذا أو هذا ممن لا تمثل استعانتنا به شيئاً، ممن لا يمكن الاستعانة بهم إلا وندفع من إيماننا، ومن ديننا ثمن الاستعانة بهم.
كيف لو فهم زعماء العرب الاعتماد على الله، والتوكل على الله، لو كانوا بهذا المستوى كيف كانوا سيكونون في هذا العالم، لكن لا. انطلقوا كلٌ منهم يحاول أن يستعين بهذا أو بهذا بتلك الدولة أو بتلك، في كل أموره، حتى في مجال الخبرة في كيف ينظف مدينته، في كل شئون الحياة، أصبحوا يعتمدون عليهم.
إذاً فلِنكون صادقين في إيماننا يجب أن يكون إيماناً واعياً بالشكل الذي يخلق لدينا هذه المقومات المهمة، ثقة بالله، اعتماداً على الله، حباً لله، استعانة بالله، توكلاً على الله، ألم يقل هو: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}(آل عمران: من الآية122) {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}(الطلاق: من الآية3) أليست هكذا الوعود الإلهية؟. وهي وعود أصبحنا في واقعنا – كباراً وصغارا ً- لا نثق بها.
من يمثلون أولياء الله حقاً في واقع إيمانهم وتقواهم لهم مواصفات في القرآن الكريم تتجلى في سلوكهم، مواصفات تعكس واقع نفسياتهم، تتجلى في أعمالهم في واقع الحياة.
فلنعد إلى جملة آيات من القرآن الكريم تتحدث عن صفات أولياء الله، الذين هم المؤمنون، والمؤمنون الذين هم على هذا النحو، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}(الشورى: من الآية36) أليست هذه واحدة؟. اتكالاً على الله من منطلق الثقة بالله. والاتكال على الله لا يعني أن نُوكِل الأمور إليه فندعه هو يعمل بدلاً عنا، ننطلق نحن في ميدان الحياة, في واقع الحياة في أداء المسئوليات، في أداء المهام، ونحن نتكل عليه حيث نهتدي بهديه، حيث نلتجئ إليه، حيث ندعوه.
{آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} من منطلق إيمانهم بأن الله هو ربهم، من يهمه أمرهم، من يعمل على تدبير شؤونهم.
{وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ}(الشورى:37) لاحظ كيف سلوكياتهم تكشف واقع نفسياتهم، التي ملؤها الإيمان الواعي، الإيمان الراسخ، الإيمان الذي لا ارتياب معه، هم يجتنبون كبائر الإثم حياء من الله، ولما لكبائر الإثم من أثر في جعلهم غير جديرين بتحقيق وعود الله على أيديهم ولهم.
{وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} لا يتجاوزون الحق، لديهم اهتمامات كبرى، لديهم حرص على رضى الله سبحانه وتعالى، فسيصفح وسيغفر لأخيه إذا ما بدرت منه إساءة أو زلة، هو لا يريد أن يغرق المجتمع في مشاكل ثانوية تصرفه عن القضايا المهمة التي يجب أن يعطيها كل اهتمامه، فهم عادةً إذا ما غضبوا لا يدفعهم الغضب إلى التجاوز، ولا إلى الباطل، بل يغفرون أيضاً.
{وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ}(الشورى: من الآية38) لأنهم مؤمنون بربهم فاستجابوا له في كل ما أرشدهم إليه، وكل ما أراد منهم، وطلبه منهم.
{وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}(الشورى: من الآية38) أمورهم وهم في ميادين المواجهة، في ميادين العمل على إعلاء كلمة الله، في كيف يحافظون على صلاح المجتمع، في كيف يحققون التعاون على البر والتقوى، في كيف يؤهلون أنفسهم ليكونوا أمة تدعو إلى الخير, وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، يتشاورون في أمورهم كيف نصنع؟ ما الذي ينبغي أن نعمل؟ يشعرون بمسئوليات كبيرة وعظيمة، وهم في نفس الوقت نفوس متآلفة قريبة من بعضها بعض، كلٌ منها ينصح، كل منها لديه رؤية من واقع اهتمامه بواقع الحياة، وبوضعية الأمة، ليسوا من أولئك الذين تمر الأحداث، وتمر الوضعيات السيئة وهم لا يلتفتون إليها، ولا يحملون أي رؤية عملية نحوها، ولا يفكرون في ماذا يصنعون من أجل المخرج منها، فأنت لا تجد لديهم أي فكرة، أما هؤلاء فاهتماماتهم تجعلهم جديرين بأن يكون لديهم أفكار ذات قيمة في مجال بناء الأمة، في مجال المواجهة لأعداء الأمة، في مجال الحفاظ على صلاح المجتمع، لديهم رؤى، ومتى يمكن أن يكون لديك رؤى؟. عندما يكون لديك اهتمامات كبرى بواقع الأمة.
{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}(الشورى: من الآية38) يبذلون أموالهم، ومما رزقناهم ينفقون: من علمهم، من مالهم، من خبراتهم، بأقلامهم، بأيديهم، بكل ما رزقهم الله من إمكانيات ينفقون، ينفقون في مجال ماذا؟ في المجالات التي يجب أن تهمهم كمسلمين، كمسئولين أمام الله، كمؤمنين مصدقين بما وعد الله المؤمنين به في الدنيا وفي الآخرة، فهم لا يبخلون؛ لأنهم يثقون بمثل قول الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ}(سـبأ: من الآية39) {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ}(الأنفال: من الآية60) أليست هذه وعوداً؟ لكنها تتطلب إيماناً، وتتطلب أن تكون أنت ممن يحمل اهتماماً من واقع إيمانك حتى تعرف مدى أثر ما تنفق، وتعرف أنه يجب أن تبذل مالك، وتبذل من كل ما رزقك الله من خبراتك، وإمكانياتك.
فهم هكذا شأنهم كمؤمنين واثقين بوعد الله، حريصين على رضا الله، عارفين أثر الإنفاق في تحقيق ما يَصْبُون إليه وما يريدون تحقيقه، فهم ينفقون.
{وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ}(الشورى:39) لديهم وعي إيماني بأن الصبر على الظلم لا يمثل إلا الضَّعَة والذلة والخنوع، لا قيمة له عند الله إذا لم يكن صبراً عملياً، إذا أصابهم البغي إيمانهم، تربيتهم الإيمانية, ثقافتهم القرآنية جعلتهم يمتلكون نفوساً عالية، نفوساً أبيّة، نفوساً تفهم كيف ستكون العاقبة السيئة إذا ما خنعوا، إذا ما خضعوا إذا ما استُذِلوا وقُهروا, كيف ستكون الحياة، كيف سيصبح الدين، كيف سيضيع الحق، كيف سيسود الباطل، كيف سينتشر الفساد، فهم ينتصرون، ينتصرون إذا أصابهم البغي في أنفسهم؛ لأن نفوسهم أبية، نفوسهم كبيرة, لا يطيقون السكوت على أن يُظلموا، وأن يُهضموا، وأن يُذلوا، ينتصرون لدينهم.
وعادة ما يكون أحياناً البغي عليهم هدفه البغي عليهم باعتبار ما يحملون في دينهم, في كونهم هم طائفة محقة، في كونهم من يحملون اهتمامات بأمر الدين فالبغي عليهم هو عملية ضرب للدين من خلال ضربهم هم، فهم ينتصرون على من بغى، وليكن هدفه ما كان.
هكذا آية واحدة تعرض مثل هذه القيم المهمة، والصفات العليا لأولياء الله، هذه الصفات التي تجسد إيمانهم الحقيقي الصادق، الراسخ، الواعي.
يقول أيضاً سبحانه وتعالى عن المؤمنين، وهم بالطبع أولياؤه؛ لأنه قال في مقدمة وصف أوليائه مَنهم؟ {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} آمنوا، كيف هذا الإيمان؟ هو هكذا إيمان من هذا النوع: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}(الحجرات:15) وهؤلاء هم أولياء الله، الصادقون هم: أولياء الله، الصادقون في إيمانهم، آمنوا بالله, آمنوا برسوله إيماناً واعياً لا ارتياب معه، ولا يمكن أن يتعرض لأي ارتياب أمام هذه الشبهة، أو هذه الدعاية، أو أمام هذه الإغراءات، أو هذا الترهيب، أو هذا الترغيب، إيماناً عملياً يفهمون الإيمان، الإيمان العملي الذي يجسدونه في التزاماتهم، وفي اهتماماتهم، أنه إيمان بقضايا، بمبادئ, بعقائد، بأحكام تتطلب الالتزام بها, وتتطلب أيضاً الدفاع عنها، وتتطلب أيضاً نشرها والعمل على إعلاء كلمة الله في سبيل تطبيقها وسيادتها في أرضه.
{وَجَاهَدُوْا}، جاهدوا.. من أجل ماذا جاهدوا؟ وبماذا جاهدوا؟ بأموالهم وأنفسهم، وهي أغلى ما يملك الإنسان: ماله ونفسه، فلتكن الأموال رخيصة، ولتكن النفوس رخيصة في سبيل من؟ في سبيل الله.
هؤلاء هم الصادقون، وحدهم هم الصادقون، والصادقون من هم؟ هم أولياؤه.. أولياؤه من هم؟ هم الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. هم من لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
المؤمنون من هم؟ هم من ينتفعون بالذكرى إذا ما ذكروا، لماذا؟ لأن نفوسهم مهتمة، قلوبهم مفتحة لتستقبل الهدى لتنتفع بالذكرى؛ ولهذا قال الله لرسوله (صلوات الله عليه وعلى آله): {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}(الذاريات:55) وهم من سيحتاجون إلى الذكرى، وهم من تنفعهم الذكرى؛ لأنهم دائماً في عمل، في عمل وهم يزكون أنفسهم، وهم يصيغون نفسياتهم على أساس من هدى الله سبحانه وتعالى، وهم ينطلقون في سبيله، في سبيله يجاهدون بأموالهم وأنفسهم، يواجهون في مختلف ميادين المواجهة لأعداء الإسلام, وأعداء الأمة، فهم من تنفع فيهم الذكرى، من تنفع فيهم الذكرى المستمرة، هم من تبنيهم الذكرى {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}.
هم من قلوبهم التي ملئت إيماناً أصبحت على هذا النحو: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}(الأنفال: من الآية2) لشعورها بعظمة الله، لخشيتها من الله، وخوفها من الله, ورغبتها في رضاه، ورغبتها في أن تحظى بقربه، ورغبتها في ما عنده.
وَجِلَت قلوبهم, توجل، تخاف، ترتجف، قلوب ما زالت مفتوحة لم يطبع الله عليها، لم يختم عليها، لم يضَع عليها أكِنَّة، لم تُدَنِّسْها السيئات, لم تدنسها الخطايا والمعاصي، لم تهيمن عليها العقائد الباطلة، لم تقفلها العقائد الباطلة، إنها قلوب تتعامل مع الله سبحانه وتعالى وتتلقى هداه، فكانت على هذا النحو تَوْجَل إذا ما ذكر الله.
{وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً}(الأنفال: من الآية2) ففي كل جلسة يزدادون إيماناً، ومع كل آية يسمعونها، ومن خلال كل آية من آيات الله يسمعونها يزدادون إيماناً، فليسوا من أولئك الذين يقولون: {حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً؟ أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}(محمد: من الآية16) هؤلاء قلوبهم ليست ممن طبع الله عليها، بل قلوب مستنيرة، [تتلى عليهم آيات الله] فيزدادون إيماناً، وهم يرون أنفسهم دائماً بحاجة إلى أن يزدادوا إيماناً؛ لأنهم يعرفون ما هو الإيمان، وهم في ميادين العمل الإيماني يحتاجون دائماً إلى زيادة الإيمان.
لماذا؟ لأن كل إيمان في الإسلام هو عملي، وكل عمل في الإسلام لـه غاية إيمانية، فيزدادون دائماً إيماناً، فتتجلى لهم الغايات, فتتجلى لهم الوقائع والأحداث من خلال آيات الله سبحانه وتعالى التي تُتْلَى عليهم، تتجلى لهم من واقع الحياة، ومن خلال آيات الله في كتابه الكريم، تلك الحقائق التي ترسخ الإيمان في قلوبهم بصدق وعد الله لهم.
{وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}(الأنفال: من الآية2) ومن الذي يحتاج إلى أن يتوكل على الله إلا من لديه اهتمام بأمر الله، من هو دائم اللجوء إلى الله، من هو عظيم الثقة بالله، فتصبح صفة لديه، وتصبح صفة لديهم، هؤلاء المؤمنين أنهم دائماً على ربهم يتوكلون، لكن ليس – كما قلنا سابقاً – إيْكَال الأمور إليه فلينطلق هو، فيكون واقعهم كما قال بنو إسرائيل لموسى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}(المائدة: من الآية24).
يتوكلون على الله وهم في ميادين العمل لإصلاح الأمة, والإهتمام بأمر الدين, وإصلاح أنفسهم، اتكالهم على الله، اهتداؤهم به، استرشادهم به، التجاؤهم إليه، رجاؤهم العظيم فيه، أن يوفقهم, ويرشدهم, ويهديهم, ويلطف بهم ويرعاهم.
[الله أكبر, الموت لأمريكا ,الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود , النصر للإسلام]

 

دروس من هدي القرآن الكريم /سلسلة سورة المائدة/ الدرس الرابع
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 16/1/2002م
اليمن – صعدة