الرَّسُــــوْلُ الأعـظـمُ.. هــل نـعـي هـذه النـعـمـــة؟
بقلم / حسن حمود شرف الدين
مِـن نِـعَــمِ اللهِ سُبحانَه وتعالَى على الأُمَّـة الإسلامية أنه أرسَلَ خاتمَ الأَنْبيَاءِ مُحَمَّـداً -صَلَّـى اللهُ عَلَــيْهِ وَآلَــهُ وَسَلَّــمَ- لها دون غيرِها من الأُمَـم السابقة.. فلماذا هذه الخُصُوصية؟
إذا تتبعنا سِيَــرَ الأَنْبيَاء والرُّسُل السابقين على الأمم السابقة كانت رسالتُهم محدودةً ولناس محدودين ولمنطقة محدودة.. أمَّا الرسالةُ التي جاء بها الرَّسُــوْلُ الأعظمُ مُحَمَّـدٌ -صَلَّـى اللهُ عَلَــيْهِ وَآلَــهُ وَسَلَّــمَ- فهي رسالةٌ عالمية، ليست محدودة.. للناس جميعاً، ليست لجماعة أو طائفة.. للعالم أجمع، ليست لشبه الجزيرة العربية أو المنطق العربية فقط.
إنه فعلاً “رحمة للعالمين”.. بُعث النبي -صَلَّـى اللهُ عَلَــيْهِ وَآلَــهُ وَسَلَّــمَ-، والناسُ قبائلُ متفرقة، يقتل القوي منهم الضعيف، يئدون بناتهم، يقتتلون على أشياء تافهة لعشرات السنين.. فوحّد القبائل، وجعل الناسَ سواسيةً كأسنان المشط، وجعلهم رحماءَ بينهم أشداءَ على أعداء الله.
هذه الميزاتُ التي جاء بها رغم ما كان يتحلى به المجتمع من قوة وسُلطة وعدم وجود قانون يحكمُهم أو دولة تدير شئونَهم سوى قوى استكبار ذلك العصر المتمثل في الفرس والروم.. والتي كانت تمثِّـلُ قوى الاستكبار لهذا العصر أمريكا وإسرائيل.. ولكم أن تتخيلوا كيف كان يُديرُ الروم والفرس العربَ عن بُعد واستخدامهم دروعاً بشرية لحماية ممتلكاتهم ودُوَلِهم، كما تعمل أمريكا وإسرائيل اليوم.
بُعِثَ النبيُّ مُحَمَّـدٌ -صَلَّـى اللهُ عَلَــيْهِ وَآلَــهُ وَسَلَّــمَ- وسط مجتمع مفكَّك لا يجتمع على كلمة سواء سوى الباطل والاقتتال فيما بينهم.. فجمع قوتَهم ووحّد كلمتهم.. فأصبحوا قوةً تضاهي قوى الفرس والروم لما تحلو به من قوة وبأس شديدٍ على أعدائهم وحب ورحمة فيما بينهم.
ومن المبادئ الأولى التي غرسها الرَّسُــوْلُ الأعظمُ -صَلَّـى اللهُ عَلَــيْهِ وَآلَــهُ وَسَلَّــمَ- في أوساط المسلمين مبدأُ الإخاء والإنفاق عندما وصل المدينة بعد هجرته من مكّة المكرمة فآخى بين المهاجرين والأنصار وأوجد مجتمعاً متماسكاً ومتعاوناً.
وهذا ما نحتاجُه اليوم، نتآخى فيما بيننا وننفق في سبيل الله على الفقراء والمساكين والمحتاجين والنازحين واليتامى والأرامل والجرحى والمرضى.. فقد حاصرت قريشٌ وحلفاؤها رَسُــوْلَ الله -صَلَّـى اللهُ عَلَــيْهِ وَآلَــهُ وَسَلَّــمَ- والمسلمين الذين معه في المدينة حصاراً شديداً، كحصار تحالف العدوان السعودي الأمريكي على الشعب اليمني اليوم.. وتغلبوا على الحصار بصبرهم وأخوّتهم فيما بينهم وتراحُمهم وعطفهم على بعضهم البعض.
وهي فرصة بأن نسيرَ على سيرة الرَسُــوْل الكريم مُحَمَّـد -صَلَّـى اللهُ عَلَــيْهِ وَآلَــهُ وَسَلَّــمَ- وأن نتخذَه مثَلاً أعلى وأسوة حسنة في الرفق والإحسان مع جميع المؤمنين.. ويشد بعضُنا بعضاً ضد أعداء الله سبحانه وتعالى وأعداء رَسُــوْله -صَلَّـى اللهُ عَلَــيْهِ وَآلَــهُ وَسَلَّــمَ- الذين يسعَون إلى إفساد الأُمَّـة الإسلامية ليتمكّنوا منها ومن مقدراتها وإرجاعها إلى جاهليتها الأولى والعياذ بالله.
“أشداءُ على الكفار رحماءُ بينهم” هذه صفةُ أهل اليمن في القرآن الكريم، والقرآنُ الكريمُ لكل زمان، فمهما تغيّرت الأوقاتُ ومهما مَـرَّتِ السنون، فاليمنيون أشدٌّ بأساً على أعداء الله وألين قلوباً على الضعفاء والمساكين.