الخبر وما وراء الخبر

مراكمة العجز وتهشّم الصورة المعنوية: «التحالف السعودي» منهك

268
انطبعت في الأذهان صور الجنود السعوديين وهم يفرون من مواقعهم (الأناضول)

ذمار نيوز -متابعات 30 نوفمبر، 2016

بعد نحو 600 يوم من بداية الحرب السعودية على اليمن، تقف القوات الموالية لـ«التحالف» مع الجيش السعودي في خانة العجز الكلّي، مع الفشل في إحراز أي تقدم حقيقي يمكن إستثماره في السياسة، بالتزامن مع تضرر صورة الجندي السعودي بعد أدائه في المعارك الحدودية

يعمد المحللون السعوديون والحلفاء اليمنيون إلى تبرير عجزهم عن الحسم العسكري، وتأخير الدخول إلى صنعاء، بادعاء أن المعادلة الدولية ترفض تغيير الموازين على الأرض.

تبرير العجز يأتي عقب تكرار فشل السعودية والقوات اليمنية المتحالفة معها في هجماتها العسكرية المتتالية على شمال اليمن؛ سواء في المناطق المحاذية للجنوب، أو في الشمال والشمال الغربي، وكذلك في المعارك الدائرة منذ العام الماضي في فرضة نهم ومديرية صرواح في مأرب أو في ميدي، ولا تزال مستمرة حتى اليوم.
لكن الوقائع على الأرض تثبت زيف تلك الادعاءات، وبطلان الحجج التي يقدمها «التحالف»، وإلا فما معنى فشل مئات ما يسمونها «زحوفات» على تلك الجبهات لتسجيل ولو إنجازا واحدا يقدم للمستويين السياسي أو الإعلامي، مع العلم بأن «التحالف» يعاني التصحر والجفاف بالمعنى الميداني، ولم يسعفه الحظ منذ خروج الجيش و«اللجان الشعبية» من الجنوب، على تسجيل أي منجز يعطي انطباعاً عن قدرة القوى العسكرية المشكلة له أو من بقي منها. حتى إن الحاضنة الخليجية المؤيدة للحرب على اليمن ولا سيما المنتمية للفكر السلفي والوهابي التي تتغذى عادةً من الشائعات والدعاية الصفراء أصبحت تعيش خيبة الأمل والتحسر، ويلجأ دعاتها أمام هذا العجز إلى إلصاق التهم للحلفاء بالتخاذل أو إلى قول إن الجيش اليمني يمتلك أسلحة حديثة.
في الحروب، وخصوصاً تلك الطويلة الأمد، كحالة الحرب على اليمن، يعمد القادة وبشكل دائم إلى تغيير الخطط والتكتيكات العسكرية. لكنّ القادة العسكريين لـ«التحالف» يفتقدون الإبداع، ولا يمتلكون خططاً فعالة. كل ما يعرفونه هو توجيه أرتال الدبابات والعربات من دون خطة منسقة، لتصبح هذه العربات بعد قليل محترقة وفي داخلها قتلى وجرحى.

الخبراء العسكريون والمراقبون وأمام حالة الجيش السعودي وحلفائه، لا يمتلكون تقييماً للقادة والمخططين العسكريين لـ«التحالف» إلا أنهم لم يستفيدوا من التجارب أو يتعلموا من دروس وعِبر الحرب. إن حربهم لم تخض بالأساس وفق نظريات عسكرية تستطيع أن تتكيف مع طبيعة المعركة الدائرة منذ نحو سنتين، ولا مع طبيعة الأراضي اليمنية، أو مع صلابة الرجال الذين يدافعون عن بلدهم. يخوض «التحالف» الحرب بالمفهوم الكلاسيكي التقليدي الذي لم يعد يتلاءم مع التهديدات والأخطار التي تواجه الجيوش، يظهر الجيش السعودي طوال فترة الحرب عاجزاً عن مواجهة حرب العصابات والجبال، أو المزيج الذي يخلط بين الكلاسيكي النظامي والعصابات الحاصل حالياً من الجانب اليمني.
يتذرع القادة بصعوبة التضاريس الجغرافية، التي تعيق التقدم في الجبال ووجود كمائن محكمة للجيش و«اللجان» في المنخفضات. هذا الادعاء يصلح في فرضة نهم في الشمال بسبب التضاريس المعقدة للمنطقة، لكنه لا يصلح في منطقة مثل ميدي الحدودية والبحرية 0التي لا يتجاوز عدد بيوتها أكثر من 2300 منزل دمرت بأكملها، كما أن أراضيها صحراوية منبسطة والأفضيلة فيها لقوى «التحالف» لانكشافها من الجو والبحر، وبالتالي لا يمتلك الجيش و»اللجان» ميزة الاستفادة من التضاريس، وبرغم ذلك فقد شنت قوى «التحالف» منذ بداية الحرب البرية أكثر من مئة هجوم بري وبحري بمساندة سلاح الطيران للسيطرة على ميدي ولم تستطع التقدم شبراً واحداً.
وفي هذا الوقت، لا يزال يؤتى بالمرتزقة من جنوبي اليمن ومن سوريا ومن كل حدب وصوب، ويزج بهم في آتون هذه الحرب من دون جدوى، لأن المرتزق لا هدف له سوى الاسترزاق.
أما الجيش السعودي فوضعه ليس بأفضل حال. فقد انطبعت في الأذهان صور الجنود وهم يفرون من مواقعهم أو يقتلون في دباباتهم. وصار الحد الجنوبي بالنسبة لهم كابوساً مرعباً، فيما هم لا يحسدون على وضعهم النفسي والمعنوي. السلطات السعودية، عمدت الى التخفيضات المالية التي شملت الموظفين في الدولة ومنهم الجيش، مستثنيةً الجنود الذين يقاتلون بما يسمونه الحد الجنوبي، بل جرت مضاعفة رواتبهم كتحفيز لهم على الخدمة في هذه المنطقة. وبرغم الاغراء المالي وكذلك الحملة الدعائية والدعاوية بضرورة الالتحاق بواجب «الدفاع عن الأرض والدين»، لم تتوصل الرياض إلى رفع الرغبة عند الجنود للالتحاق بجبهات القتال. ولما سقطت وسائل الإغراء والتجييش المذهبي لم يعد أمام النظام السعودي سوى الدعوة إلى التجنيد الإجباري للشباب السعودي، ولم يكن ليلجأ المفتي آل الشيخ الذي يعد المرجعية الدينية الأولى في البلاد، لهذه الدعوة لولا إيعاز السلطة السياسية اليه، وهي المرة الأولى التي تطلق فيها مثل هذه الدعوات منذ تأسيس الدولة. والدعوة لو لم تكن جدية لما صدرت من أعلى سلطة دينية في البلد، ولعل إعلانها في هذا الوقت هو من باب التمهيد لخطوات تقررها السلطة السعودية فيما بعد.

*الاخبار