رئيس المجلس السياسي الأعلى يوجه كلمة بمناسبة الذكرى الـ 49 لعيد الإستقلال الـ 30 نوفمبر
ذمار نيوز -سبأ 29 نوفمبر، 2016
وجه الأخ صالح الصماد رئيس المجلس السياسي الأعلى كلمة إلى جماهير الشعب اليمني بمناسبة الذكرى الـ 49 لعيد الإستقلال الـ 30 نوفمبر المجيد .. فيما يلي نصها :
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله.
إليك أيها اليمني الكريم، إليك أيتها اليمنية الكريمة، إليكم مواطني اليمن العظيم في الداخل والخارج، إلى المناضلين الأحرار في كل مكان على أرض اليمن العزيز المقاوم، إلى المرابطين الشجعان في جبهات العزة والكرامة والشرف، إلى الشعبِ كلِّ الشعبِ العظيمِ، الصامدِ في مواجهةِ الظلمِ والفسادِ والزيفِ، والعدوان السعودي الأمريكي، الواقفِ في وجهِ الحربِ الشاملةِ الظالمةِ التي تُشَنُّ عليه منذ عشرين شهراً.
إليكم جميعا نزفُّ أزكى وأقدسَ التحياتِ المباركةِ، إجلالاً وإكبارًا، وتعظيماً لعزتكم وكرامتكم، تلك التي عُرف بها اليمنُ قديمًا، وجسدتموها حاضرًا رافضًا للغزوِ والاحتلالِ والهيمنةِ، ومقاومةً لسياساتِ الإذلالِ والتركيعِ والتجويعِ.
وفي خضم انتصاراتِكمُ المتتاليةِ، وصبرِكمُ اللا معهود، يسعد قيادتكم السياسية ممثلةً بالمجلسِ السياسيِّ الأعلى، أن يهدي إلى عليائِكم الباسقِ، وصمودِكمُ الشامخِ، أجلَّ وأعظمَ التهاني المباركة، بذكرى العز الطاهرةِ المطهِّرةِ، عيد الذكرى التاسعةِ والأربعين لعيد لجلاء ورحيلِ المحتل البريطاني.
نهنئكم بهذه المناسبة العظيمة التي جاءت تتويجًا لملحمةٍ طويلةٍ من النضالِ والكفاحِ المسلح، منقطعة النظير، ضد المحتل البريطاني، الذي ظلَّ يجثمُ على أنفاسِ جنوبِ يمنِنا أكثر من مائةٍ وتسعةٍ وعشرين عاما.
إنه يومٌ من أيامِ المجدِ سجلهُ التاريخُ النضالي بأحرف من نورٍ لشعبِنا العظيمِ، ورجالِهِ البواسلَ المخلصين، الذين قارعوا أعظمَ وأعتى الإمبراطوريات في العصرِ الحديثِ، الإمبراطورية التي لا تغيبُ عنها الشمسُ، واستطاعَ هزيمةَ أعتى قوةٍ استعماريةٍ، وإجبارَها على الرحيلِ منهزمةً في الثلاثين من نوفمبر عام ألفٍ وتسعمائةٍ وسبعةٍ وستين. (1967م).
أيها الشعب اليمني العظيم: لقد أثبتَّ في الثلاثين من نوفمبر بكفاحك ونضالك أن المستعمرين وعملاءَهم مهما كانت قوتُهم وغطرستُهم، فإنها تتحطم على صلبة كفيك المجيدتين، وصبرك اللا محدود، وأثبتَّ يا شعبنا ولا تزال تثبتُ أنك وستظل مقبرةً للغزاةِ والطامعين، وأنك الشعب اليمني الذي لا يُقهر، لقوةِ إيمانك بالله، وعظمة إرادتك الوطنية الحرة، وعدالة قضيتك التي تكافح وتناضلُ عنها، فأنتَ أنتَ الشعبُ الذي ضربَ ولا زال يضربُ أروعَ أمثلةِ العطاءِ، وأنصعَ أنواعِ التضحيةِ، وأجلَّ فنونِ الصمودِ في الدفاع عن كرامتكَ وأرضكَ واستقلالك.
الأخوة المواطنون، الأخوات المواطنات
إننا نحتفل اليوم بالذكرى الـ 49 لعيد الاستقلال الـ 30 من نوفمبر، في ظروفٍ ومتغيراتٍ صعبةٍ ومعقدةٍ؛ إذ يتعرض شعبُنا اليمني لأكبر هجمةٍ عدوانية تخريبيةٍ، استهدفت اليمنَ؛ إنسانًا، وأرضًا وتراثًا، وبنيةً تحتية، ومكتسباتٍ ثورية، ودولةً ووحدةً وثورةً في واحدة من أكثرِ الحروبِ الانتقاميةِ، دمويةً، وهمجيةً، وعدوانيةً، وبأكثرِ الأساليبِ خسةً ونذالةً ووحشية.
أيها الشعب الحُرِّ الكريم:
إن مما يحزُّ في النفسِ أن نحتفلَ اليومَ بالذكرى الـ 49 من نوفمبر المجيد، وأجزاءٌ من وطنِنا الحبيبِ يدنسُها وكلاءُ الاستعمارِ القديم، من الأعراب الذي جندوا أنفسَهم لخدمةِ أهدافِ دولِ العدوانِ، وأطماعِ الإمبرياليةِ الرأسماليةِ الحديثة، التي تسعى لتحويلِ المنطقة إلى دويلاتٍ متناحرةٍ، تغرقُ في الفوضى، والفتنِ، والتبعيةِ، للوصول إلى استنزافِ ثرواتِها، وضمانِ أمن واستقرارِ وتفوقِ الكيانِ الصهيوني يدًا لهم في الشرقِ الأوسطِ على كلَّ دولِ المنطقة.
ومما يحز في النفس أيضًا أن أنظمة في عالمنا العربي ينفذ من خلالها الاستعمار الجديد، وعلى رأسها نظامُ آلِ سعود الذي يمثل أحدَ أهمّ البوابات التي ينفذُ منها الغربُ الاستعمارِي إلى العالمِ العربيِّ والإسلامي، بل أضحى يمثلُ رأسَ الحربةِ لمشاريعِهم الساعية لوأدِ وخنقِ أي مشروعٍ عربيٍّ أو إسلاميٍّ يعيدُ للأمةِ العربيةِ والإسلاميةِ قيمتَهما، وينهضُ بهما من حالةِ الركودِ الشاملِ، ويحققُ لهما التكاملَ العربيِّ، والتضامنَ الإسلامي على جميع الأصعدة.
لكن رسالتك أيها الشعب اليمني العظيم، التي تبعثها شعباً وقيادةً في الزمن الذي نحتفل فيه بهذه المناسبة التحررية الثورية، وهي الرسالة التي يجبُ أن يسمعَها العالمُ أجمعَ: “أن اليمن أرضا وإنسانا عصيٌّ على الظلمة والطغاة والمحتلين والغزاة، وقد سطر التاريخ ذلك في كتبه الشهيرة أن اليمن مقبرة الغزاة، وسيظل التاريخ يرددها أبد الوجودِ اليمني، على مسامع كل طامعٍ وغازٍ، ومجازفٍ، ومتهورٍ، لا يعرف ماذا يعني قولُ اللهِ العالمِ “نحن أولوا قوةٍ وألوا بأسٍ شديد”، ليعيَ أيُّ معتدٍ أو غازٍ مهما تطاول وتعجرف، ومهما حشد واستقوى، أن مصيرَه لن يختلفَ عن مصيرِ سابقيه من الغزاةِ والمحتلين. وسيرحل ويرحل معه عملاؤه ومرتزقته الذين سوَّلوا له بيع الوطن، وساعدوه لتدنيس ترابِ الوطنِ الذي لا يقبل تدنيسَ أيِّ غازٍ ومرتزقٍ وعميل.
الأخوة والأخوات :
لقد استخدم العدوان أقذرَ الأساليب في سبيلِ تركيع الشعبِ اليمنيِّ وإهانتِه وإذلالِهِ، فلم يتركْ في عدوانه أسلوباً إلا وفاقَ الشياطينَ والصهاينةَ في استخدامه، بدءًا بارتكاب أبشع الجرائم والمجازر بحق الشعب اليمني، راح ضحيتها عشرات الآلاف من المواطنين الأبرياء بين شهيد وجريح، وتشريد مئات الآلاف من مساكنهم التي أصبحت هدفاً مقصوداً للعدوانِ.
هذا بالإضافةِ إلى شنِّ غزوٍ شاملٍ، استخدم فيه جيوشاً منظمة من دول عديدة؛ لاحتلال أجزاء كبيرة من أرض الوطن، ولم يكتفِ بذلك بل استخدم عصابات الإجرام من بقاع شتى في هذا العالم، كالبلاك ووتر، والجنجويد، وغيرهما، ورعى جماعات القاعدة وداعش، ودعمهما بالسلاح والمال، كما جند الآلاف من مرضى النفوس من مرتزقة الداخل؛ ليجعل منهم مطية لاحتلال وطنهم، وإهانة شعبهم، ودروعاً بشرية لحدوده، غير آبهٍ بخطورة ما يقدم عليه، وآثاره المستقبلية على السلم الاجتماعي، والأمن الإقليمي والدولي، والذي ستكون انعكاسات هذه الحماقات كارثية، وسيكتوي بنارها النظام السعودي قبل غيره عاجلاً أم آجلاً.
وأردف هذا العدوان والإحتلال بفرض حصار بري، وبحري، وجوي خانق، منذ بداية العدوان، منع فيه أبسط مستلزمات الحياة من دخول البلد، كما أوقف إيرادات البلد من الغاز والنفط، وعطل الحركة التجارية باستهدافه للمصانع والموانئ والمرفقات الاقتصادية، فلم تسلم منه حتى مزارع الألبان والدواجن، كل ذلك استهدافا لكم أيها الشعب الكريم في أمنكم وأرزاقكم عبر الإسهام في خفض إيرادات الدولة إلى مستويات سحيقة، كما أوقف موارد المحافظات التي وطأتها أقدامه وأقدام مرتزقته من الوصول إلى البنك المركزي طيلة أيام العدوان.
وبالرغم من كل الجهود التي بذلت في سبيل الحفاظ على الوضع الاقتصادي، وخدمة الشعب بما يتاح من إمكانات بسيطة، من قبلِ السلطات في صنعاء، كان أبرزها الحفاظَ على رواتب كل الموظفين المدنيين والعسكريين في جنوب البلد وشماله، وشرقه وغربه، والحفاظ على توفير السلع الأساسية للشعب في ظل العدوان والحصار طيلة عام ونصف، إلا أن عجز العدوان ومرتزقته عن تحقيق أي إنجازات عسكرية ميدانية، دفعَهُ إلى اتخاذ خطوات خطيرة كان لها الأثر البالغ في التأثير على ما تبقى من اقتصاد البلد، كان أخطرُها إقدامه على نقل البنك المركزي إلى عدن، وسحب السيولة النقدية إلى الخارج.
كل هذه الخطوات أوصلت المعاناة إلى كل بيت، وإلى كل فرد في هذا الشعب، فتلك الرواتب التي كانت لا تفي بالتزامات ذويها في الظروف الطبيعية، انقطعت على الشعب في هذا الظرف الإستثنائي، كل هذا يأتي في ظل تواطؤٍ دولي، وبمباركة أميركية مباشرة، أوصلت الوضع في البلد إلى مرحلة حساسة وخطيرة.
وأنتم تعلمون أيها الشعب الكريم أن رعاة العدوان يهدفون من خلال هذه الإجراءات إلى إرباك الجبهة الداخلية، وتحريض الشعب للقبول بالقاعدة، وداعش، وبلاك ووتر، والجنجويد، متناسياً أنكم تعلمون بما يصيب أحبتنا في عدن وبعض المناطق التي يسيطرون عليها والتي تعاني أشد من بقية المحافظات في الجانب الاقتصادي، بالإضافة إلى الفوضى والقتل والسحل والذبح، الذي يريد نقله إلى بقية مناطق اليمن، ونرى نماذج كثيرة في مدينة تعز، وبمجرد سيطرة مرتزقته على شارع أو حارة، يرتكب بحق أبنائها أبشع جرائم القتل والسحل والتنكيل، وبطريقة عنصرية مقيتة، تتنافى مع مبادئ وأخلاق وقيم شعبنا وقوانين الحروب الأممية.
أيها الأخوة والأخوات :
إن قبولَ فريق من اليمنيين أن يكونوا مطية للعدوان، شاهدٌ يدل على انهيار القيم الوطنية في نفوسهم، وتحويلها العملَ السياسي إلى وسيلة للارتزاق، وخدمةً لمصالحهم الشخصية، وشاهدٌ يؤكد عبثية هذا الفريق تجاه الشأن العام، وما يتصل به من حقوق تحفظ سيادة الوطن، كما أن حالهم شاهد على فقر أولئك إلى استشعار المسؤولية الأخلاقية والوطنية.
فمهما كانت المبررات، ومهما كان حجم الإغراءات، فان أي إنسان سَوِيٍّ، لا يمكن أن يرضى لنفسه أن يكون مطية لتدميرِ بلده، بلدِ أبناءهِ، بلدِ أهلِه وعشيرته، كيف يرضى مقابل حفنة من مال أو مقابل مطمع في منصب مؤقت، أن يدمر مستقبلَ أبنائِه وشعبه؟
ونحن إذ نعيش اليوم فرحة نصرال30 من نوفمبر نقول لأولئك متى يستيقظ الضمير الوطني لكم؟ لستم أغبياء لتخفى عليكم مآرب وأهداف ومطامع تحالف العدوان.
هل يُعقل أن يُخفى على هؤلاء الذين لم يحددوا موقفهم من العدوان، أن هدف تحالف العدوان هو حريتكم وأرضكم، مياهكم، وجزركم، وأمنكم، واستقراركم، ووحدتكم، وجيشكم، وسلاحكم الذي تدافعون به عن أنفسكم وسيادتكم، هل لا زال خافٍ على أحد أن هدف العدوان هو إفقار الشعب اليمني، وتجويعه، وإبقاؤه في حالة تبعية دائمة لهم.
نخاطب الأخوة في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات العدوان، والأخوة في الجنوب بالذات، لقد مر عشرون شهراً ما الذي أنجزه الاحتلال لديكم غير الدمار والخراب وتدهور الأوضاع الأمنية والسياسية والمعيشية.
ألم يَعِدُوكم أنهم سيجعلون من عدن جنة أخرى؟ وسيحققون لكم رفاه المعيشة والأمن والطمأنينة في كل المناطق الجنوبية، وأغرقوكم في أحلام وردية لا واقع لها؟
ها هي عدن لم تصبح عاصمة الشرعية، بل أضحت ولاية تعبث بها داعش، وفي ظل سيطرة قوات الاحتلال على الملف الأمني تزايدت معدلات الجرائم، والاغتيالات، والتصفيات شبه اليومية، وعمليات النهب والإحراق التي ينفذها مسلحون ضد محالٍّ تجارية تابعة للمواطنين، وكل يوم يسقط الكثير من أهلنا وأحبتنا ضحايا للعمليات الانتحارية، والتفجيرات، والمفخخات في محافظات عدن، لحج، أبين، حضرموت وشبوة التي تشهد انفلاتًا أمنيًا غير مسبوق منذ انسحاب الجيش واللجان الشعبية منها، كما تؤشر إلى انزلاقٍ لمربع حربٍ أهليةٍ، وإثارة النزعات المناطقية التي لا تهدد الوحدة اليمنية فحسب، بل تهدد وحدة الجنوب وتقسيمه لإمارات وسلطنات تابعة لأطراف تحالف العدوان، كما كان أيام الاستعمار البريطاني.
أيها الشعب اليمني الكريم في جنوب اليمن وشماله:
أنتم تعلمون أنه منذ دخول قوات الاحتلال إلى تلك المناطق لم يلمس المواطن أي تغيير، أو تحسّن لأبسط مقومات الحياة، بل يلاحظ الغياب شبه التام لأبسط الخدمات التي تتمتع بها المناطق الواقعة تحت الحصار الاقتصادي البري والبحري والجوي الغاشم، ولم تستفد هذه المناطق من التحرير المزعوم غير قليل من الطلاء وأكياس الدفن، ورغم أن الجو والبحر والبر تحت سيطرة أغنى دول في العالم، فلا كهرباء ولا مياه، ولا مشتقات نفطية، ولا رواتب ولا أمن، ولا صحة بل أغلقت عشرات المشافي، وتعطلت الدراسة، وتهددت الجامعات بالإغلاق والنسف من قبل عناصر القاعدة بحجة منع الاختلاط .
أيها الشعب اليمني العظيم
بالرغم العدوان كله على كافة مستوياته، وبالرغم من عدالة قضيتنا، ومظلومية شعبنا، فإننا في المجلس السياسي الأعلى، ومعنا كل القوى الوطنية، ندرك حجم المعاناة التي يعانيها الشعب كله، وحجم اللؤم والدناءة والسوء لدى دول العدوان، لذلك لم نترك باباً للحل إلا وطرقناه، وقدمنا في سبيل إيقاف هذا العدوان، ورفع المعاناة الكثير من التنازلات المجحفة، التي كانت في الأخير تقابل بالجحود والرفض، بل وتُستَغل للتصعيد على كل المستويات، أنتم تعلمون أننا كنا نفاوض بحضور المبعوث الأممي ولد الشيخ، وفي نفس الوقت العدوان يقتل ويدمر ويزحف، ويتخذ خطوات نقل البنك، مما يدل على أن كل مبادراتهم هي لشرعنة العدوان، والتقاط أي فرصة أو ثغرة لمزيدٍ من التحريض للمجتمع الدولي، وخلخلة المجتمع في الداخل، إلا أننا في المجلس السياسي الأعلى لم نترك لهم فرصة في ذلك، من خلال استجابتنا الدائمة رغم قساوة ومرارة العدوان، لكي نثبت للعالم أجمع، ولأبناء شعبنا، أن العدوان هو من يرفض الحلولَ، إذ كان يهدف العدوان إلى زرع المخاوف، وتبديد الثقة بين القوى الوطنية التي وصلت إلى مرحلة من النضج والوعي، أكبر من أن تؤثر على تحالفاتها وصمودها ضد العدوان أيُّ مؤثراتٍ داخليةٍ أو خارجيةٍ، حيث بادرت إلى الالتزام بالتفاهمات التي لم تلقَ أي تجاوب من دول العدوان ومرتزقتها، وذهبت أدراج الرياح كسابقاتها.
وفي الوقت الذي كنا نأمل استيقاظ الضمير لدى دول العدوان ومعاونيهم، إلا أنهم مستمرون في طغيانهم واستكبارهم حيث كانوا مع كل تجاوبٍ منا للمفاوضات والحوار يحشدون عشرات الآلاف، ويدربونهم برعاية أمريكية، وإماراتية وسعودية، في معسكرات سعودية، وفي ميناء عصب الأرتيري، وبعض الجزر اليمنية المحتلة، ليهاجمون بهم الوطن ويقتلون بهم الشعب، على كل الجبهات، وأخرها ما حدث بالتزامن مع اتفاق مسقط، حيث شنوا هجوماً واسعاً على تعز وميدي والبقع ونهم وغيرها، وهم يعدون العدة لمهاجمة الحديدة، كما فتحوا جبهات جديدة في الجوف وعلب وغيرها.
أيها الشعب العظيم
من خلال ذلك كله نستطيع أن نقول لكم لقد شاهدتهم بأم أعينكم كل ما بذلناه، وكل ما أقدم عليه العدوان، فيجب أن نوجه سهام غضبنا إلى العدوان، وأن نشمر السواعد لمواجهة التحدي، واتخاذ كل الإجراءات التي تضمن تعزيز الصمود في الجبهات الداخلية والعسكرية، وتوحيد الطاقات، وتعزيز الوحدة الوطنية، لمواجهة هذا الطغيان الذي لن يرده إلا الصمود والمواجهة.
وقد أتى إعلان تشكيل حكومة الإنقاذ الوطني في هذا السياق، وهو مواجهة العدوان، وتعزيز الصمود، ورص الصفوف، والتي نأمل أن تشكل دفعة قوية، ونقلة نوعية في مواجهة التحديات، وذلك لا يعني إغلاق باب الحوار والسلام، بل ستظل أيدينا ممدودة لكل الدعوات البناءة، التي تضمن سلاماً مشرفاً لشعبنا، وحفظًا لكرامته واستقلاله.
لقد طال انتظار شعبنا لإعلان الحكومة منذ إعلان المجلس السياسي الأعلى، وكان هناك الكثير من المحاولات غير البريئة، لاستغلال تأخر إعلانها، للإيقاع بين القوى الوطنية، إلا أننا نقول: إن أكثر من نصف عقدٍ من الزمن وصلت فيه مؤسسات الدولة إلى حالة من الترهل، والتدمير الممنهج، من قبل عملاء الخارج، ودعم النظام السعودي، وزاد من ذلك العدوانُ والحصارُ الذي فرضه النظام السعودي ومعه أمريكا وكل قوى الشر، باستهداف الاقتصادِ الوطني، وتدمير مقومات الحياة في البلد، كل ذلك يحتاج إلى عزيمة قوية، وإرادة صادقة؛ لتحمّل المسئولية، فالنقاشات التي دارت حول تشكيل الحكومة كانت نقاشات بناءة للمشاركة في المغارم، وليس لاكتساب المغانم، لأن مرحلتنا مرحلة صمود، وتحدي، فمن حق المجلس السياسي أن يمنح القوى السياسية فرصة للوصول إلى رؤية واضحة في كيفية إدارة المرحلة القادمة، وفعلاً وبجهود وطنية جبارة، تحقق حلم أبناء شعبنا بتشكيل الحكومة، والتي ستكون من أولوياتها مواجهة التحديات الأمنية، والعسكرية، والاقتصادية، وندعو جميع أبناء شعبنا وفي مقدمتهم القوى الوطنية، لبذل أقصى الجهود والطاقات في سبيل إنجاح الحكومة، للقيام بمهامها التاريخية الملقاة على عاتقها.
وفي هذا الصدد ندعو أبناء شعبنا للخروج في مسيرات جماهيرية حاشدة، لتأييد الحكومة ودعمها، والتأكيد على الوحدة الوطنية، وإدانة العدوان وجرائمه بحق الشعب، وفي مقدمتها الحرب الاقتصادية، ونقل البنك، ودعوة المجتمع الدولي لتحمل مسئولياته، ومراجعة مواقفه تجاه الشعب اليمني، والخروج في مسيرات ستعلن عن وقتها وزمانها اللجان المكلفة بذلك.
أيها الشعب الكريم
وإننا في هذا الصدد أيضا ندعو باسمكم وباسم القيادة الوطنية التي منحها الشعب ومجلسه النيابي الشرعية ندعو كل الدول الشقيقة والصديقة، إلى المبادرة للإعتراف بحكومة الإنقاذ الوطني والتعاطي معها بإيجابية، مشيدين بالدور الإيجابي والمسئول للدول الشقيقة والصديقة التي تعاطت بمسئولية ضد العدوان الغاشم، وقدمت الكثير من المواقف السياسية، والإنسانية وفي مقدمتهم الأشقاء في سلطنة عمان، شاكرين جهودهم البناءة في الدفع بعملية السلام، والدور الإنساني الرائد للأشقاء في السلطنة وكذلك الدور الإنساني المسئول للأشقاء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية في إبراز مظلومية الشعب اليمني، واستقبال الكثير من الجرحى وعلاجهم والمواقف المساندة للشعب اليمني، وكذلك الدور العراقي والسوري واللبناني المسئول، وفي مقدمة ذلك كله الموقف الواضح والصريح لحزب الله وسيد المقاومة.
مشيدين بالدور الروسي في كثير من مراحل العدوان، وكل المواقف المسئولة للدول الشقيقة والصديقة، غير متناسين ما تقوم به جالياتنا وطلابنا في مختلف دول العالم، لإبراز مظلومية الشعب اليمني.
كما نتوجه بالشكر والتقدير لكل المنظمات الحقوقية والإنسانية، والأقلام الشريفة لكتاب ومفكرين ومثقفين وصحفيين، ممن وقفوا إلى جانب الشعب اليمني في محنته، وعملوا على إبراز مظلوميته وهمجية العدوان الذي يتعرض له شعبنا ووطننا.
الأخوة والأخوات
مضى على أداء المجلس السياسي الأعلى لليمين الدستورية تحت قبة البرلمان في 14 من أغسطس الماضي وتحمله مسئولية إدارة شؤون البلاد ما يقارب الثلاثة أشهر ونصف خلال هذه الفترة تحمل المجلس السياسي مسؤولية إدارة الدولة في ظروف استثنائية في ظل العدوان، والحصار وعدم وجود حكومة، وانقطاع الرواتب، ونفقات التشغيل للمؤسسات كل هذه العوائق رمت بثقلها على أداء المجلس السياسي الأعلى الذي قضى أياماً وليالي شاقة في سبيل الحفاظ على الإستقرار الأمني والعسكري والإقتصادي ساعده على ذلك تفهم الشعب للوضع الاستثنائي الذي تمر به البلد، وقوة وبسالة رجال الجيش والأمن واللجان الشعبية في بسط الأمن ومواجهة العدوان، ولولا هذا الوعي والصبر والصمود لما تكللت تلك الجهود بالنجاح للوصول إلى تشكيل الحكومة التي سيكون لها دور بارز في تحمل المهام المنوطة بها والتي كانت تشكل ثقلاً كبيراً على أداء المجلس السياسي الأعلى وبإذن الله تعالى بعد تشكيل الحكومة سيكون هناك نقلة نوعية في تحسن أداء مؤسسات الدولة وضبط الإيرادات وتحسينها لتغطية العجز الحاصل وسيكون أداء المجلس السياسي الأعلى أكثر فاعلية في المرحلة القادمة بحيث تتكامل الأدوار وتتضافر الجهود بين جميع السلطات والمؤسسات وهذا يحتم على الجميع تحمل مسئولياتهم. وإذا كنا نتعامل مع هذه الحكومة بوعي المنقذ ويتحمل الجميع مسئولياته وبما يمليه ضميره الوطني حينها سنقول: إن هذه الحكومة يمكن أن تحقق لنا شيئًا طالما والجميع يتحمل مسؤولياته، وهذا ما يجب أن يفهمه الجميع.
الإخوة والأخوات:
نجدد تأكيدنا على أن خيار السلام هو الخيار الوحيد لشعبنا ومازلنا نطالب بالتئام فرقاء العمل السياسي والحزبي على طاولة الحوار للخروج بحلول شاملة ومنصفة لكل الأطراف واستناداً إلى قاعدة لا غالب ولا مغلوب فالمنتصر الوحيد لن يكون سوى الوطن وطننا جميعاً.. ومن هذا المنطلق فقد رحبنا بما أفضت إليه مشاورات مسقط الأخيرة مع وزير الخارجية الأمريكي والتي حظيت بدعم وترحيب دولي ومازلنا نؤكد بأن ما تمخض عن تلك النقاشات يمثل أرضية قابلة للتحاور والنقاش وبما لا يتعارض مع الثوابت الوطنية والقواسم المشتركة والمصالح العليا للوطن والشعب اليمني.
كما نؤكد مجدداً للإخوة من أبناء الوطن من المغرر بهم ممن تورطوا في التآمر ضد الوطن من مدنيين وعسكريين بالعودة إلى جادة الصواب واستغلال فرصة تمديد قرار العفو العام بالعودة إلى الوطن ولنبدأ فتح صفحة جديدة في التعاطي مع قضايانا عبر الحوار والتفاهم الجاد بعيداً عن أي ضغوط أو إملاءات من أعداء وطننا وشعبنا لأننا مسئولون جميعاً عن الحفاظ على الوطن والدفاع عنه والنهوض به وتحقيق التطلعات المستقبلية لأبناء شعبنا بعيداً عن الوصاية والهيمنة الأجنبية.
وقد أكدنا في محطات عديدة على مد يد السلام لكل أخوتنا أن تعالوا لنتصالح بعيداً عن الأجنبي إلا أنها لم تثمر حتى الآن بسبب عدم امتلاك بعض تلك القوى لقرارها ومن هنا نجدد دعوتنا من جديد ونشد على أيدي الأخوة في لجنة العفو العام والحكومة ببذل كل التسهيلات في سبيل ذلك.
الأخوة والأخوات:
إننا في هذه المناسبة نكرر الدعوة للنظام السعودي ومن تحالف معه لتحكيم العقل وسرعة إنهاء العدوان الغاشم على بلادنا ومراجعة مواقفه من التصعيد المستمر لهذه الحرب الظالمة التي سيكون العدوان وحلفاؤه الخاسر الأكبر فيها.. وها هي الأحداث والتطورات العسكرية والميدانية تثبت صحة ما نحذر منه كما نشدد على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان بمسؤولياتهم الأخلاقية والإنسانية والقانونية تجاه ما يتعرض له الشعب اليمني من أعمال قتل وتنكيل وتدمير وحصار جائر ضد شعب يفوق الـ27مليون نسمة.. كما ندعو المجتمع الدولي إلى احترام قرار وإرادة الشعب اليمني وتطلعاته في الأمن والاستقرار والسلام الشامل والعادل.
الأخوة والأخوات:
إن الرهان الحقيقي اليوم في ظل استمرار العدوان والحصار والحرب الشاملة هو في جوهره رهان على الإنسان اليمني ووعيه وقدرته الدائمة على مواجهة الصعاب والمؤامرات والعدوان الخارجي الذي يجد في استقرار اليمن ووحدتها وعزة أبنائها خطراً يتهدد هيمنته العالمية على الموارد والأسواق والمصالح الإستراتيجية التي يرى أن حصول شعب كالشعب اليمني على نصيبه منها واستقلال قراره أمر يجب تصعيب حدوثه وهي الترجمة الحقيقية للعدوان والتحالف على اليمن ورفض كل مبادرات السلام والتنازلات التي قدمها الفريق المفاوض طيلة الفترة الماضية.
ومهما كانت التحديات ومهما بلغ قساوة العدوان والحصار فإن أمام شعبنا فرصة تاريخية لإستعادة دوره الريادي في المنطقة، فشعب واجه العالم بكل عزة وإباء يمتلك من العزيمة والإرادة الصلبة ما تذوب له الجلامد وهذه الأحداث والتآمر والعدوان ستمنح شعبنا مناعة ضد أي تحديات مستقبلية مهما كان حجمها، فمخزون الإرادة والصمود الذي أمتلكه أبناء اليمن رجالاً ونساءً في كل الميادين رافد لا ينضب وسيأتي اليوم الذي ينحي العالم إجلالاً وإعظاماً لهذا الشعب العظيم.
وفي هذه المناسبة أنتهز الفرصة لتقديم التحية والإجلال لرجال الرجال المرابطين في جبهات القتال من أبطال الجيش واللجان الشعبية الذين لا زالوا يسطرون ملاحم الصمود والتضحية في كل شبر من أرض اليمن الطاهرة ونشد على أيديهم بمواصلة مشوار التحدي حتى تحقيق النصر المؤزر مؤكدين أننا قيادة وشعباً إلى جانبكم حتى يكتب الله لشعبنا النصر والعزة والسؤدد.
كما نشيد بالدور الريادي للأجهزة الأمنية في الحفاظ على الأمن والاستقرار وحماية أرواح وممتلكات أبناء شعبنا من بطش عناصر القتل والتخريب التي لم تألوا دول العدوان جهداً في دعمها لإقلاق السكينة العامة.
الأخوة والأخوات:
أتوجه بتحية وتهنئة تليق بعظمة الشعب اليمني الصامد والصابر الذي ضرب بصموده في مواجهة العدوان الغاشم والحصار الجائر أروع الأمثلة في التضحية والفداء.. كما أتوجه بالتحية الخالصة إلى كل فرد من أفراد قواتنا المسلحة والأمن واللجان الشعبية وأبناء القبائل في مختلف الجبهات ممن يسطرون أروع الملاحم البطولية في مواجهة الاحتلال وغطرسة العدوان والتصدي ببسالة وإقدام لكل المؤامرات التي تستهدف اليمن ووحدته وسيادته واستقلاله.
سائلين الله تعالى الرحمة للشهداء والشفاء للجرحى وأن يفك أسر الأسرى ولكل أبناء شعبنا منا التحية والإجلال ونصر من الله وفتح قريب إنه سميع مجيب قريب.
كل عام ووطننا وشعبنا العظيم في خير وسلام وأمان.
المجد والخلود لشهداء الوطن الأبرار،،،
النصر والعزة لليمن وشعبه،،،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،