الخبر وما وراء الخبر

أمريكا تسخر من الضعيف وتحتقر العملاء

157

بقلم / د. احمد حسين الديلمي

أثبتت السياسة الامريكية على مدى اكثر من نصف قرن انها كانت وستظل تسخر من الضعيف وتحتقر العملاء, رغم انها تستخدم الاثنان من اجل مصلحتها, والعجيب هو ان الغالبية العظمى من رؤساء وحكام العرب لم يتعلموا من دروس التاريخ ولم يستفيدوا مما جرى لأمثالهم من احتقار وسخرية, فالنسبة لاحتقار امريكا للعملاء حتى وان كانوا مخلصين جداً لها والأمثلة كثيرة جداً, وسنكتفي بمثالين حدثا في الزمن القريب, وهما “زين العابدين بن علي” رئيس تونس السابق, و”محمد حسني مبارك” رئيس جمهورية مصر العربية سابقاً, اللذان كانا من اكثر واخلص العملاء لأمريكا والكيان الصهيوني خاصة “مبارك” صنع لهما ما لم يصنعا لشعوبهما وماذا كانت النتيجة عندما انتهت صلاحيتهما, تركتهما لمصيرهما ولم تكلف نفسها ان تقوم بتأمين خيمة لأي منهما في اي جزيرة نائية, بل تخلت عنهما تماماً, فأمريكا تعامل عملائها الخونة كما نتعامل نحن مع “علبة العصير” التي ما ان تكون مملؤة نحافظ عليها بل ونقوم بمسحها بالمناديل لكن عندما نتناول العصير ونفرغ محتواها نقوم وبسرعة برمي العلبة الفارغة في سلة النفايات, امريكا بالمثل عندما نتنهي مصلحتها من العملاء تقوم برميهم في قمامة التاريخ … اما بالنسبة للضعفاء والاغبياء فتتعامل معهم بسخرية وتتلاعب بهم من حيث لا يشعرون واعظم مثال على ذلك هو تعاملها مع حكام الخليج وبالاخص اسرة آل سعود, التي تلاعبت بها على مدى سبعين عاماً, وسخرتها من اجل مصلحتها فقط دون ان تعبأ بمصلحة هذه الاسرة او شعبها, كيف؟ اننا جميعاً نعلم ان امريكا تعتبر اكبر حليف لكل من الكيان الصهيوني واسرة آل سعود, لكننا لو قمنا بعمل مقارنة بين تحالفها مع الكيان وتحالفها مع آل سعود سنجد اختلاف كبير جداً, ولا يوجد تشابه بينهما, فتحالف امريكا مع الكيان تحالف قوي مع قوي قائم على مصالح استراتيجية بعيدة المدى لكل منهما, لذلك لم يقتصر دعم امريكا للكيان على المال والسلاح فحسب, بل انها تقدم دعماً يضمن لدولة الكيان الديمومة والامن والاستقرار لأجيال قادمة وذلك عن طريق منحها الخبرات اللازمة في المجال الاقتصادي والعلمي والصناعي حتى اصبحت دولة تسابق الدول الكبرى في هذه المجالات وغيرها, ولا يهمها ان يرتفع سعر النفط او يهبط, بل وصل الامر بدعمها حتى اصبحت اول دولة نووية في الشرق الاوسط, ليس هذا فحسب بل فتحت المجال لليهود في امريكا وشجعتهم ودعمتهم حتى اصبح لهم نفوذ في كثير من المؤسسات الاقتصادية والعلمية والاعلامية, حتى اصبح لهم “لوبي صهيوني” داخل الولايات المتحدة له تأثير حتى على القرار الامريكي, ويتم عمل الف حساب لهم في الانتخابات الامريكية, وبالطبع حتى وان كان هؤلاء في امريكا يحملون الجنسية الامريكية, الا انهم يحملون الولاء للكيان ويقدمون الدعم اللامحدود لدولة اسرائيل, سواء كان مادي او اعلامي او سياسي, باختصار تحالف امريكا مع الكيان ليس تحالف زمني او مؤقت بل تحالف دائم يضمن لإسرائيل الاستمرار بتأسيس مقومات الحياة فيها لاجيال واجيال … في المقابل لو نظرنا الى نوع التحالف بين امريكا و”الكيان السعودي” سنجد انه تحالف على نقيض التحالف الامريكي الصهيوني, فهو تحالف القوي الذكي مع الضعيف الغبي, تحالف يصب كله في مصلحة القوي والذكي وهي امريكا التي استغلت الغباء بحصولها على النفط وايضاً على اموال النفط, اما عن طريق صفقات السلاح او عن طريق الايداع للمدخرات الخاصة والعامة في بنوك امريكا, والتي لها دور كبير في تنمية الاقتصاد الامريكي, مقابل ماذا؟ مقابل الحماية وضمان استمرار هذه الاسرة في الحكم, لكن هل كلفت امريكا نفسها بتقديم النصح لهذه الاسرة بان النفط قد ينتهي وان عليها ان تستثمر اموال النفط في التنمية الاقتصادية والعلمية بشتى مجالاتها كي تؤسس لنفسها لبنات دائمة يضمن لها الاستمرار في الحياة وكذلك للأجيال القادمة.

وهل فتحت امريكا المجال للسعوديين في الولايات المتحدة كي يكون لهم نفوذ كما اليهود! فكما هو معروف ان السعوديين في امريكا واوروبا اما تاجر اسلحة او يبحث عن المتعة والراحة وهنا عليه الدفع وعلى امريكا توفير وسائل المتعة والراحة … وها هي هذه الاسرة تجني ثمار ضعفها وغبائها بمواجهة عجز في الميزانية ولأنها تعتمد على اكثر من 90% على النفط, فالدراسات التي اعلنها خبراء عالميين في الاقتصاد وكذلك تقارير صندوق النقد الدولي ان السعودية تواجه عجر كبير في ميزانيتها وستواجه الافلاس في المستقبل حتى وان كان النفط موجود, لكن ما حصل من هبوط كبير وسريع في اسعاره من 110$ الى 40$ وهذا الهبوط من الممكن ان يصل الى سعر 20$ للبرميل في القريب العاجل, خاصة بعد ان تأخذ ايران حصتها في الاوبك ويزيد انتاجها, ليس هذا فقط بل ان امريكا لم تسمح لأسرة آل سعود ان تستثمر اموالها في اي دولة عربية او اسلامية, فلو على سبيل المثال قامت هذه الاسرة باستثمار بضع مليارات من الدولارات في السودان والصومال واليمن, هذه البلدان كما هو معروف تمتلك الارض الطيبة التي تجود بارقى المحاصيل الغذائية, لكنها تفتقر الى المال فتخيلوا معي لو جمعنا هذا على هذا ماذا ستكون النتيجة, النتيجة طبعاً ستكون ايجابية وتصب في مصلحة الجميع, فهذه الدول ستحصل على نمو اقتصادي سيقضي على الفقر والبطالة بين الشباب وهما السبب الرئيسي لانضمامهم الى التنظيمات المتطرفة, اما السعودية فستستفيد من استثمار اموالها وستحصل على منتجات غذائية باقل اقل التكاليف التي تحصل عليها من امريكا واستراليا, هذا كله في مجال واحد وهو الزراعة, فلو تم ذلك في المجالات الاخرى كالأبحاث العلمية والصناعة وغيرها, وفي كثير من دول العرب والمسلمين كانت السعودية ستصبح رائدة لمنظومة عربية اسلامية وستؤسس لأجيالها ايراد دائم ولن تحتاج امريكا لحمايتها ولن تحتاج الى تنظيمات متطرفة تمرر من خلالها مخطط امريكي صهيوني في الشرق الاوسط, خصوصاً وان امريكا في المستقبل لم تعد بحاجة الى نفطهم بعد ان تم استخراجه من الصخور وباقل التكاليف وكذلك استغناء العالم عن كميات كبيرة من النفط بعد ظهور واستخدام الطاقة الشمسية واستخدام الطاقة النووية في تشغيل محطات الكهرباء, وهكذا كما قلنا العرش الذي اوهمتهم امريكا بالحفاظ عليه ها هو ينهار يوماً بعد يوم كلما انخفض سعر النفط, وستجد نفسها اسرة آل سعود بلا عرش لا بسبب حرب او ثورة بل بسبب الغباء وعدم الاستفادة من دروس التاريخ .. فهل سيتعلم باقي رؤساء العالم العربي الدرس, ام انهم قد اصبحوا مدمنين على الغباء ويشعرون بمتعة اللذة من السخرية … الايام بيننا.

آخر همسة : الكيان الصهيوني يمنع الفلسطينيين من دخول المسجد الاقصى, و”الكيان السعودي” يمنع اليمنيين من دخول مكة للحج … صحيح الطيور على اشكالها تقع.