التجويعُ والتدميرُ والتهجير.. ثلاثيُّ إجرامِ العدوان في تهامة
تسبَّبَ العدوانُ السعودي الأَمريكي بتصاعد المعاناة الإنْسَانية للمواطن اليمني في كافة أرجاء البلاد، إلّا أنه وعملاءه من مرتزقة الرياض عمدوا خلال الفترة القليلة الماضية على التركيز على ما يعانيه أَبْنَاء تهامة وتوظيف تلك المعاناة بطريقة مكشوفة، متجاهلين أن ذاكرة الشعب اليمني لن تنسى جرائم العدوان السعودي الأَمريكي بحق الأَطْفَال والنساء والشيوخ والبنية التحتية في مُحافظة الحديدة.
في مقابل سياسة الأَرْض المحروقة التي يشنها العدوان السعودي الأَمريكي في محافظة الحديدة وشواطئ مديرية المخا التابعة لمحافظة تعز، تولى مرتزقة العدوان مهمة التغطية على جرائم العدوان التي يرتكبها بشكل يومي وكان آخرها استهداف سجن الزيدية وإبادة ما يزيد عن 60 سجيناً وإصَابَة العشرات، من خلال التباكي على الوضع الإنْسَاني والمعيشي المتردي بشكل حاد ومؤلم في تهامة، مستغلين نتائج حربهم الإجرامية ومتجاهلين الأَسْبَاب التي أَدّت إلى تفاقم الأَوْضَاع الإنْسَانية لعشرات الآلاف من المواطنين في الشريط الساحلي الغربي.
فمأساةُ ما يزيد على 5 آلاف إنْسَانٍ يواجهون خطر الموت جوعاً بقريتي البقعة والذكير في مديرية التحيتا التي تعد من المديريات الأشد فقراً في محافظة الحديدة والبالغ عدد سكانها 69.814 نسمة، تجاهلوا أن الحصار والعدوان كان السبب الرئيسي لمعاناة تلك الأسر التي تعتمد على نشاط الصيد التقليدي كمصدر للدخل، إلّا أن طيران وبوارج العدوان منعت الصيادين من ممارسة نشاطهم المعتاد في البحر منذ بدأ العدوان والذي حول كافة المياه الاقليمية الواقعة قبالة سواحل الحديدة إلى مناطق محظور الصيد فيها باعتبارها مناطق عسكرية، وهو ما أدى إلى توقُّف مصادر دخلهم والذي انعكس سلباً على استقرارهم المعيشي ليقعوا فريسةً سهلةً أَمَـام الجوع الذي أنهكهم وحوّل حياتهم إلى جحيم، والملفت للنظر أن طيران العدوان لم يكتفِ بتجويع سكان قرى الصيادين بل يتعمد تهجيرهم وارتكاب جرائم حرب بحقهم من خلال استهداف قراهم باستمرار.
ورغم تفشي ظاهرة المجاعة في أَوْسَاط سكان قريتي البقعة والذكير وقرى أُخْــرَى في المديرية ذاتها إلّا أن مأساة أَبْنَاء الحديدة اوسع من تلك المعاناة فإلى جانب التحيتا تفشت مظاهر الجوع في مديريات أُخْــرَى في نفس المحافظة، وعلمت صدى المسيرة أن العشرات من الأَطْفَال يعانون من نقص حاد في التغذية في عدد من قرى مديرية الجراحي، ووفق المصدر فَإن المئات من السكان يتضورون جوعاً بسبب توقف كافة مصادر الدخل وانعدام المساعدات الغذائية، وأكّد المصدر أن الجوع يتهدد حياة الآلاف من السكان في قرية الشبيطة والتجمعات السكانية المحيطه بها، وقرية الشرجه وبيت عنتر والعطن والمقاطين وطرقو وبيت الدليبي وكدف الرمى والعكدة وصولًا إلى الفوهة.
سيما وأن العدوان السعودي الأَمريكي حوّل أَكْثَر من 50 ألف صياد في الحديدة من ممارسة أعمالهم على امتداد شواطئ البحر الأحمر إلى أَهْدَاف مشروعة لآلته العسكرية الإجرامية، وبعد أن منع الآلاف من الصيادين مم ممارسة نشاطهم التقليدي، وشن عشرات الغارات على الصيادين التقليدين في سواحل اللحية، والخوخة، والمخاء، وشواطئ جزر زقر وعقبان وكدمان، وجزيرة حنيش والخوخة وميدي وميون وهجر العدو العشرات من أسر الصيادين من منازلها بالقوة، ورغم فداحة تلك الجرائم إلّا أن العدوان استهدف البُنية التحتية للصيادين من خلال استهداف قوارب الصيادين في البحر وقتل كُلّ من فيها، واستهداف تجمعات الصيادين وموانئ الصيد ومراكز الإنزال والأَسْوَاق السمكية والموانئ الخاصة بالصيادين في المخاء أَوْ في تجمعات الصيادين والجزر التي يقطنون فيها، يضاف إلى أن أزمة المشتقات النفطية الناتجة عن الحصار كان لها دور كبير في اعاقة نشاط الصيادين.
وفي المقابل وبضوء أخضر من قوات تحالف العدوان يتم السماح بتدمير الثروة السمكية من قِبل سفن الجرف العشوائي المصرية في سواحل الحديدة، وفق مصادر محلية فَإن تحالف العدوان سمح بقيام 15 سفينة جرف عشوائي بالاصطياد في سواحل محافظة الحديدة الأُسْبُوْع الماضي للقيام بتدمير ما تبقى من البيئة البحرية أثناء عمليات الصيد التي تقوم بها إضافة إلى جرفها شباك الصيادين الممتدة على بُعد 8 أميال من سواحل المحافظة.
تلك الجرائم التي تعرض لها الصيادون لم تكن سوى جزء من كُلّ، حيث استهدف العدوان خلال الفترة الماضية المصانع والمزارع والأَسْوَاق والموانئ والمطارات ومنشأة النفط المختلفة ومحطات الكهرباء وتعمد استهدافَ حياة المواطن البسيط في الحديدة في منع دخول المازوت لتوليد الكهرباء ومنع دخول الدواء والغذاء والوقود.
يضاف إلى تلك الجرائم استهدافُ العدوان السعودي الأَمريكي عدداً من المصانع الانتاجية الواقعة في مدينة الحديدة، كمصنع الألبان “يماني” للعصائر في ابريل العام الماضي والذي استهدف مع عُمّاله بسلسلة غارات أَدّت إلى استشهاد 37 عاملاً من عمال المصنع وإصَابَة أَكْثَر من 50 آخرين وخسائر مادية تقدر بأَكْثَر من 30 مليونَ دولار، كما استهدف طيران العدو مطلع واستهدف طيران العدو السعودي مطلع العام الجاري مصنع يدكو للمرطبات التابع لشركة درهم للصناعات بسلسلة غارات تسببت بتدمير خطين للإنتاج أحدهما تدميراً كاملاً والآخر جزئياً، بالإضافة إلى تدمير مخازن قطع الغيار ومخازن الإنتاج تدميراً كاملاً، وقدرت إدارة المصنع الخسائر المالية للشركة جراء العدوان بأَكْثَر من خمسة مليارات ريال يمني.
واستهدف مصنع الأكياس البلاستيكية التابع لشركة تهامة للصناعة ووسائل التعبئة الواقع في منطقة جميشة بكيلو 16 بمحافظة الحديدة، بالإضافة إلى استهداف مصنع “الفازلين والدهانات بكيلو 16 وألحقت دماراً واسعاً في محتوياته.
وفي نفس الاتجاه تسبب العدوان والحصار بتراجع الانتاج الزراعي في أودية تهامة الواسعة والوافرة الانتاج نتيجة انعدام المشتقات النفطية، كما استهدف العدو مزارع الأبقار والطيور بسلسلة غارات، ولعل ابرز تلك المزارع ما تعرضت له مزرعة مراعي التابعة إخوان ثابت ومزرعة الطيور التي استهدفت الأُسْبُوْع الماضي ومزرعة رجل الأعمال مدين ياسين التي استهدفت الجمعة الماضية، بالإضافة إلى العدوان استهدف عدد من المزارع الأُخْــرَى ومنها مزرعة بامسلم للاستثمار السمكي “مزرعة جمبري” الواقعة في منطقة اللحية محافظة الحديدة الساحلية.
وفي الصليف استهدف العدوان مشاريع المياه الرئيسية وآخرها مشروع مياه الصليف الذي يستفيد منه 18 ألفَ نسمة في قرى الصليف بسلسلة غارات وتسبب بموجة عطش في أَوْسَاط السكان وأزمة مياه في المنطقة، وسبق لذات العدو أن استهدف مصنعَ ملح الصليف الذي يعمل فيه 500 عامل أَسَاسي ويوفر قرابة 500 فرصة عمل أُخْــرَى في مجال التسويق والتغليف وغيرها يعيلون أَكْثَر من 7 آلاف شخص.
الأَسْوَاقُ تعرضت هي الأُخْــرَى للاستهداف الممنهج في الحديدة من قبل العدوان السعودي الأَمريكي الذي حول سوق الضحى إلى هدف من أَهْدَافه ليقتل 35 شهيداً وعشرات الجرحى من الباعة والمتسوقين، كما استهدف سوق مدينة زبيد التأريخية، مخلفاً 50 شهيداً وعشرات المصابين، وأَسْوَاق أُخْــرَى وارتكب فيها مجازر إبادة جماعية بحق الباعة.
كما وقف العدوان منتصف العام الجاري وراء معاناة عشرات الآلاف من سكان الحديدة نتيجة انقطاع الكهرباء، حيث تعمد العدوان السعودي الأَمريكي احتجاز شحنه المازوت التي تم شراؤها لتخفيف معاناة المواطنين الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف وتعمد العدوان احتجاز 29 ألفَ طن من المازوت لعدة أشهر وأفرج عنها بعد فقد العشرات من المرضى والمصابين بأمراض مزمنة حياتهم.
وفيما يتعلق بالدواء فقد أطلقت المستشفيات الحكومية العاملة في مدينة الحديدة عشرات الاستغاثات لمدها بالدواء والمحاليل الطبية التي نفذت جراء الحصار، فتصاعدت معاناة الآلاف من مرضى الفشل الكلوي وتعرضت حياة الآلاف من المصابين بالسكرى لخطر الموت الجماعي جراء نفاذ الانسولين، بالإضافة إلى تصاعد معاناة مرضى السرطان بأنواعه.
*صدى المسيرة| تقرير ـ رشيد الحداد