التفريط في مرحلة كهذه يعتبر جريمة ربما مرتين أو أكثر
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}(النساء: من الآية136) شبيهة بالآية التي في سورة أخرى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}(الحديد:28 – 29) أي عندما تنطلقون لتقيموا القسط ولإقامة القسط يجب أن تكونوا مؤمنين على هذا النحو: إيماناً عملياً باهتمام برؤية صحيحة واضحة وصحيحة فإنكم ستحصلون على شيئين أولاً: الإلتزام الديني العمل الديني الذي يكتب الله عليه الأجر الكبير للإنسان ثانياً: باعتباره يقدم شهادة لله عندما يقول: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} كفل لكونكم ملتزمين، وكفل لأنكم تقدمون شهادة لله.
إذاً أليست هذه تعتبر قضية هامة للمؤمنين أن يحصلوا على أجرهم مرتين خاصة في زمن كهذا في زمن كهذا يحصل حملات دعائية مشوهة لهذا الدين أنه إلى درجة لا يصلح نظام للحياة ماذا يعني لا يصلح نظام للحياة؟ أي ليس قسطاً ولا عدلاً ولا فيه شيء ولا يمثل شيئاً ولا يصلح أن تقوم عليه الحياة لا يبني أمة لا يبني حياة لا يبني شيئاً نهائياً حملات دعائية أثرت ربما على الملايين في البلدان الأخرى وداخل البلاد الإسلامية نفسها حتى أصبحت النظرة إلى الإسلام نظرة وكأنه لا يمثل شيئاً حتى في هذه الفترة التي فيها الناس يبحثون عن أي مخرج وعن أي حل مما يواجههم من الأمريكيين والإسرائيليين والمؤامرة الكبيرة هذه جداً ليس هناك التفاتة إلى الدين بالشكل المطلوب؛ لأنه أصبح لديهم وكأنه لا يمثل حلاً.
لأن إقامة القسط أمام القضايا الكبيرة عندما تجد هناك: أن الله وجه كيف أن يقام القسط في داخل الأسرة الواحدة الآيات التي قبل هذه الآية حتى لا يحصل هناك ظلم على شخص واحد لتبقى مهما أمكن تبقى بنية الأسرة على ما هي عليه لا تتفكك الأسرة فلا يكون هناك ظلم على أشخاص، أشخاص فقط داخل الأسرة وأن لا تتفكك بنية هذه الأسرة إلا في الوقت كما قال في الأخير: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ}(النساء: من الآية130) إذاً أليس هذا الدين بالشكل الذي يرعى الأمة؟ الدين الذي تراه يهتم بأسرة واحدة كيف لا يهتم بأمة كيف لا يهتم بالبشر جميعاً وهو يقدم لنا صورة عن الأعداء أليس هو يقدم لنا صورة عن الأعداء بأنهم لا يتوانون عن استغلال أبسط الأشياء؟ ألم يذكر عن اليهود بأنهم لا يتوانون عن استغلال كلمة: راعنا؟ وعن الشيطان بأنه لا يتوانى عن استغلال بأن يأمر الإنسان بأن يقطع أذن نعجة أو ناقة أو بقرة ما دام فيها ضلال فلن يتوانى عن شيء؟ ألن يكون الشيطان نشيطا في القضايا الكبيرة التي تعتبر ضلالاً كبيراً؟.
فعندما تجد أن الله سبحانه وتعالى يهتم بالفرد الواحد يهتم بالأسرة الواحدة وأن لا يظلم شخص واحد داخل هذه الأسرة فكيف لا يكون ضمن إقامته للقسط وتوجيهاته لإقامة القسط أن لا يكون دينه بالشكل الذي يشكل حماية للأمة أن لا تظلم! قال هذا صريحاً في آية: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ}(آل عمران: من الآية108) وعندما يقول: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ}ليس فقط مجرد أمنية مثلما يتمنى واحد منا: [أتمنى أن لا يظلم الناس لكن ماذا أعمل؟] أما هو عندما يقول: لا يريد، فإنه يقدم للناس ما يجعلهم فعلاً بعيدين عن أن يظلموا يقدم للأمة ما يجعلها بعيدة عن أن تظلم لكن لاحظ لما أصبحت النظرة إلى الإسلام إلى درجة وكأنه لم يعد يمثل حلاً على الرغم من متابعتنا للقضية هذه: بداية تحرك أمريكا وإسرائيل لأفغانستان إلى اليوم أليسوا في العراق؟ تحليلات ومحاورات ونقاشات في التلفزيون لا تلمس بأنه يقدم الإسلام ولو كحل من الحلول، أكثر الأشياء تكون كلاماً آخر إما بأن على الحكومات هذه أن تقيم إصلاحات معينة أو مزيد من الديمقراطية أو أشياء أخرى ليس هناك توجه إلى أن الله قد جعل دينه هذا بما يعتبر حماية للأمة!.
ولهذا تجد أن القضية على هذا النحو كلما يذكر في دينه وهو يأمر الناس أن يتحركوا وهو يأمر الناس أن يقاتلوا أن يجاهدوا لا يذكر بأنه دفاع عن دينه؛ لأنه يعلم بأن دينه هو الذي فيه دفاع عن الناس وحماية للأمة وحماية للناس من الأسرة إلى العالمين كلهم كما قال: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ} إذاً فالتفريط في مرحلة كهذه يعتبر جريمة ربما مرتين أو أكثر؛ لأن معناه ستقدم برهاناً للعدو فعلاً الذي يقدم الدين هذا بأنه لا يصلح أن يكون نظاماً للحياة ولا يمثل للبشرية أي شيء وليس فيه أي حل لمشاكلها لا على مستوى الأسرة ولا على مستوى الشعب الواحد ولا على مستوى الأمة ويكون المسلمون بتفريطهم وابتعادهم عن تفهم دينهم يقدمون شهادة للعدو، والله هنا يريد ويوجب عليهم أن يقدموا شهادة له أليست القضية كبيراً جداً؟ فعندما يتحرك الناس على أساس دينه وتكون حركتهم دائماً أن يحسبوا كل شيء من إيجابيات عملهم أنه بسبب انطلاقتهم على أساس دينه على أساس كتابه ما يهدي إليه كتابه ما يهدي إليه الله سبحانه وتعالى لا تكون بطريقة أنه حزب أو تنظيم أو كيان مثلما يأتي الآخرون قيادات عبقرية سياسيون محنكون خبراء على خبرات عالية وأشياء من هذه، لا، أن ينطلق الناس وكل ما لديهم من خبرات كلما يتحقق على أيديهم من إيجابيات يقدمونه بأنه للإلتزام بكتاب الله للسير على هدي الله بالطريقة هذه فعلاً يحصل الناس على أجرهم مرتين، كم قد تكون للمرة الواحدة عندما يقول: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} ليس المعنى أنه فقط بالملعقة الله هو كريم، الكفل كم قد يكون الكفل؟!.
وفي نفس الوقت يبشر الناس بقضية هامة هم يحتاجون إليها في إقامتهم القسط في نصرهم لله في إقامة دينه: {وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ}(الحديد: من الآية28) ترى الآخرين يتخبطون في الظلام وفعلاً نراهم يتخبطون في الظلام حتى منهم في أمس الحاجة إلى أي حل يجعلهم بمعزل عن هذا الخطر الكبير خطر أمريكا وإسرائيل تجدهم يتخبطون في الظلام ويجلبون المشاكل على أنفسهم! فعندما ينطلق الناس على أساس دين الله في ظرف كهذا يعني في الأخير: أن الله سبحانه وتعالى يجعل لهم نوراً يمشون به في حركتهم.
سياق الآية هذه باعتبار ما قبلها من الآيات وما سيأتي بعدها شبيه بما قبل الآية هذه التي قرأناها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ}(الحديد:28) هذه أليست هذه تعتبر أشياء عظيمة جداً؟ عظيمة جداً وتتجلى عظمتها في نفس الوقت عندما يقول: {وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ} الحياة مليئة بالظلمات والدنيا مليئة بأمم متخبطة سواء الظالم والمظلوم متخبطين من يخطط لاحتلال العالم ومن يخطط كيف يدفع عن نفسه هذا الخطر الكبير أليس الناس بحاجة إلى نور؟ وعندما يقول: نور ليس معناه: كشاف بطاريته ضعيفة أو شمعة! نور والنور يكون بمقدار الظلام، الظلام العام لازم نور كشافات كبيرة فعلاً والله سبحانه وتعالى سيهدي الناس معنى هذا أنه سيهديهم وينير طريقهم عندما يستشعرون أهمية عملهم أنهم سيقدمون شهادة لله.
[الله أكبر, الموت لأمريكا ,الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود , النصر للإسلام]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دروس من هدي القرآن الكريم /آيات من سورة البقرة/الدرس العشرون
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 20 رمضان 1424هـ
الموافق: 14/11/2003م
اليمن – صعدة