السيناريو الثـالث
بقلم / عبدالله علي صبري
الحرب المنسية في اليمن لم تعد كذلك، على الأقل بعد مجزرة الصالة الكبرى التي فتحت الأعين والأنظار نحو جرائم تحالف العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، بحق المدنيين، ومنحت البعد الإنساني-على الأقل- مساحة أوسع في تناولات وسائل الإعلام العالمية، ما أثر ويؤثر على الرأي العام الدولي في حدود لم تكن متاحة من قبل.
ومع ذلك يبدو أن النظام السعودي الذي يمعن في التعتيم والمراوغة والتضليل، مع المزيد من ضخ الأموال في سبيل شراء الذمم والولاءات، وتغيير المواقف في الأروقة الدولية، قد نجح إلى حد ما في امتصاص الصدمة والغضب العالمي بعد المجزرة، وعمل على توجيه اهتمام الإعلام بالحديث عن جولة أخرى من المفاوضات بين أطراف الصراع.
ولا شك أن السعودية وحلفاءها قد استفادوا أيضاً من سخونة الملفين السوري والعراقي، الذي شتت وصرف الأذهان عن الملف اليمني، خاصة وأن من يفترض بأنهم فاعلون إيجابيون لصالح الملف اليمني يعيشون معركة مصيرية في الموصل كما في حلب، وعلى ضوء المعركتين سيتحدد مستقبل التوازنات الإقليمية والدولية، والتي تصب حتى الآن لصالح المحور الروسي وقوى الممانعة العربية والإسلامية، ولعل تحريك الملف اللبناني في هذا التوقيت يشير إلى انفراج وشيك في جدار أزمات المنطقة، ويعجل بالحلول السياسية لملفاتها.
والسؤال، إلى أي مدى ستتأثر اليمن بهذه المتغيرات؟
بداهة، وبرغم هامشية الأزمة اليمنية في التفاعلات الدولية، إلا أن تطورات كثيرة قد تدفع بها إلى الصدارة، خاصة مع اقتراب الحل بالنسبة للملف السوري..ولا شك أن خسارة السعودية في سوريا والعراق، ستدفع بالرياض إلى التصرف مع اليمن وفقا لسيناريوهين متضادين:
السيناريو الأول، الذي يمكن تصوره يتعلق بالتدخل الأمريكي لإنقاذ السعودية عبر مبادرة كيري، والخارطة التي تنسج كإطار حل لليمن، وفق ما ذكره وزير الخارجية العماني في حواره الأخير مع صحيفة عكاظ.
وقد تكون هذه التسوية المرتقبة، والضغط الدولي على الجانب اليمني للقبول بها، بمثابة التعويض للسعودية عن خسارتها المرتقبة في سوريا والعراق ( علما أن هزائم داعش في المنطقة تعد خسارة حتمية لأمريكا والسعودية بغض النظر عن المواقف المعلنة)!
السيناريو الثاني، مرتبط بحالة الحمق والغرور المسيطرة على صاحب القرار السعودي فيما يخص اليمن، فقد يجد آل سعود أنفسهم محاصرين بشكل كبير من قبل محور الممانعة المسنود روسيا، في الوقت الذي تتنامى فيه الهوة بين الرياض وواشنطن، وانشغال الأخيرة بالانتخابات الرئاسية.
وفقا لهذا السيناريو قد تتصرف الرياض على النحو الذي يحول دون توقف الحرب والعدوان إلا إذا قبلت صنعاء، بتسوية مذلة تمنح السعودية فرصة جديدة للوصاية على اليمن.
وبالطبع فإن آل سعود لن يصلوا إلى مبتغاهم عبر السيناريو الثاني، بقدر ما يقودون أنفسهم وشعبهم إلى سيناريو ثالث ومعركة صفرية هم الخاسرون فيها حتماً..وحديث الجبهات يؤكد أنه مهما بلغت التضحيات، وأيا كانت خيارات آل سعود، فإن اليمن ستبقى صامدة في معركة الكرامة حتى النصر.