الخبر وما وراء الخبر

الجماهير الذمارية الوفية ..!!

195

كتب/طاهر الوهبي

– لم يكن الأمر عاديا أطلاقا ,عندما دخل الباص الذي استقليناه إلى دخل ملعب القلعة السبئية الشامخة في ذمار عندما تم استدعاء نادي الوحدة ليكون ضيفا شرفيا في إفتتاح البطولة التنشيطية الرابعة بذمار ليلعب أمام منتخب ذمار ..!!

– كان الملعب ممتلئ بالجمهور الغفير, بأعداد لا حصر لها , ومن كل الفئات العمرية الأطفال والشباب والشيوخ , كلهم كانوا حاضرين في ذالك الملعب , يعشقون كرة القدم حد الثمالة , وتسافر في أوردتهم وشراينهم كرة القدم كل لحظة ، هي من تغسل همومهم وتفرحهم في زمن كثر فيه البكاء والنحيب ،كنت أنا وزملائي اللاعبين في باص الفريق, كان إرهاق السفر قد تغلغل في أجسادنا , كنا قادمين للتو من إب الخضراء, دون ان نحصل على قسط من الراحة, كانت رغبتنا بأن نخوض تجربتنا في ذالك الملعب الذي لم نكن نعرفه من قبل بتعجل وبسرعة كبيرة , كان كل شيء مجهول بالنسبة لنا , الملعب واللاعبين والجمهور, ولم يكن وصف أحد زملائنا في الفريق دقيقا عن هذه التجربة .

– وما أن اقتربنا من الملعب , حتى بدأنا نرى الحراسة الامنية تنتشر على مسافة ليست ببعيدة عن الملعب , السيارات تقف أرتالا على جنبات السور للمعلب , صوت مكبرات الصوت القادمة من داخل الملعب تسمع بشكل جيد ,شعرت حينها بأن حدثا كبيرا ينتظرنا في هذا اليوم الجميل , وصلنا بوابة الملعب , وأصبحنا في وضعية تسمح لنا بالتحديق الى الداخل , كان الجمهور عظيما ومدهشا ,استعدنا كل طاقتنا, وتحول الخمول الى نشاط , والإرهاق الى قوة , والجمود الى حركة لا متناهية , حدقات أعيننا أخذت بالاتساع تملئها الدهشة والانبهار,تغير تفكيرنا عن التعجل الى التأني والتريث ، لقد كنا في قمة النشوة الآخذة .

– لقد كانت أجواء رياضية بكل ما تحمل الكلمة من معني , الكل كان مستعد لإفتتاح البطولة التنشيطية الرابعة , المصورون يحيطون بك من كل اتجاه , يبحثون عن مشاهد توثق هذا الحدث الكبير, فرق الكشافة تستعد للعرض الرهيب , ولاعبي التايكوندو يرتدون بدلاتهم , وعلى خاصرتهم أحزمة من الوان مختلفة , شخصيات مرموقة ورفعية حضرة الكرنفال , لاعبين مخضرمين تم استعدائهم للحضور وتكريمهم , لم أحتاج حينها لوقت طويل لأخذ صورة ذهنية عن رياضة هذه المحافظة المتفائلة , لهنيئات قليلة رأيت نفسي غارقا في هذه الاجواء الساحرة, وأجزمت أن الأمل لازال يسكن ذمار, في أنْ نرى الرياضة تعود الى الواجهة من جديد , وأنها ستكون القلب النابض الذي سيعيد الحياة الرياضية في كل ارجاء الوطن .

– إنتهت المباراة وتوجه كثير من الجمهور يصافحنا , بكل إحترام وتقدير, شعرت حينها بأني في بلدي تماما, لم اشعر قط بالغرابة والتنكر , كانوا يتحدثون إلينا بإبتسامة يملئها الكرم والطيبة والاحترام , وبعيون مفتوحة تنم عن الاعجاب والانبهار, وبلكنة ذماريه أصيلة يقولون لنا : “بذي الجاه انتو عندنا اليوم..!! ” كان الجميع هناك يصر على استضافتنا وبقائنا , كانت الأصالة الذمارية والكرم والجود حاضرة في ذالك اليوم الرائع والجميل ,غادرنا ذمار ولكن رياضتها وأهلها وجمهورها لم يغادروا ذاكرتنا , وسيظلون الى الأبد , فكم أنتي جميلة ياذمار , وكم أتوق شوقا لتكرار الزيارة والعودة الى حضن ذالك الجمهور الأصيل.