الخبر وما وراء الخبر

أربع فرضيات تفسّر استهداف المدمّرة الأمريكية “يو أس أس ماسون”

248

ذمار نيوز : يمانيون../ 

بينما كان العالم منشغل بتداعيات المجزرة السعودية الكبرى في العاصمة صنعاء والتي راح ضحيتها أكثر من 800 شهيد وجريح، أعلنت واشنطن عن محاولة فاشلة لاستهداف المدمّر “يو أس أس ماسون”، إلا أن الجيش اليمني نفى استهدافها البارجة الأمريكية.

بعد يومين على حادثة الاستهداف الأولى، عاودت وزارة الدفاع الأمريكية لتكرار المزاعم حول محاولة استهداف الجيش الأمريكي، ليعلن مسؤولون أمريكيون، أن الجيش الأمريكي شن ضربات بصواريخ كروز على ثلاثة مواقع رادار ساحلية في مناطق خاضعة لسيطرة القوات اليمنية المشتركة في اليمن، الأمر الذي يعد أول دخول مباشر إلى جانب العدوان السعودي على اليمن.

لا يختلف اثنان على حقّ واشنطن في الردّ على أي هجمات تتعرّض لها سفنها العسكرية في المياه الدولية، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم يتمحور حول الجهة المنفّذة بعد نفي الجيش اليمني لذلك، فهل جاء النفي اليمني خشية الدخول في مواجهة مباشرة مع واشنطن؟ أم أن هناك جهات أخرى تقف خلف هذا الحادث؟

هناك عدّة فرضيات حول الحادث، إلا أن ما هو أهم من الحادث نفسه ما سيليه من تبعات حيث توعّدت واشنطن بالرد على هذا الهجوم.

الفرضية الأولى ترجّح أن الحادث لم يحصل في الأساس إلا أن وزارة الدفاع الأمريكية التي عقدت صفقات بمئات مليارات الدولارات مع السعودية حاولت لفت الأنظار عن مجزرة الصالة الكبرى عبر هذا الادعاء، خاصّة بعد إعلان المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي للبيت الأبيض نيد برايس أن الإدارة الأمريكية شرعت بإعادة تقييم الوضع في اليمن والبدء بما أسمتها “مراجعة فورية” للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.

ويأتي هذا الادعاء في ظل الخلاف الامريكي-الأمريكي الأخير في سوريا بين وزارتي الخارجية والدفاع إثر الاتفاق مع روسيا.

بعبارة أخرى، خشيت وزارة الدفاع أن يؤدي القانون الأمريكي الجديد “جاستا”، وكذلك الموقف الأمريكي من المجزرة لوقف صفقات السلاح الأمريكية، الأمر الذي سيؤدي إلى إقفال العديد من شركات السلاح الأمريكية (وفق الخط الإعلامي الذي ظهر مؤخراً في صحيفة “الحياة” السعودية) المرتبطة بأصحاب القرار، وبالفعل قد شاهدنا تدريبات سعودية لقواتها الخاصّة في فرنسا والصين خلال اليومين الماضيين، فضلاً عن ذهاب المتحدث باسم تحالف العدوان العميد أحمد العسيري إلى ألمانيا لإبرام صفقة سلاح جديدة.

وأمّا الفرضيّة الثانية، وهي الأقوى وفق بعض الخبراء، كذلك تؤكد أن الحادث لم يحصل بالأصل، إلا أن الإدارة الأمريكية أوعزت للبنتاغون بافتعال الحادث لإنهاء العدوان على اليمن وفق “مبادرة كيري” عبر إحيائها مجدّداً.

أوباما يريد إنها عهده بوقف العدوان على اليمن وتحرير الموصل، وبالتالي كما فعل مع سوريا إثر افتعال “أزمة الكيميائي” وتلويحة بالضربة العسكرية وحصد نتائجها، يسعى حالياً للتلويح لحركة أنصار الله بالخيار العسكري بغية إيجاد طاولة مفاوضات جديدة بشروط أمريكية مسبقة، ولكن تدرك القوات اليمنية أن ما عجزت عنه إدارة أوباما خلال سنة ونصف من العدوان لن تحصل عليه خلال الأيام القليلة المتبقّية بانتظار انتخابات الرئاسة الأمريكية.

وأما الفرضية الثالثة، ترجّح أن الحادث قد حصل بالفعل، إلا أنّها ترفض وقوف القوات اليمنية المشتركة خلفه لأسباب عدّة، أبرزها:

أولاً: رغم ضلوع أمريكا منذ اليوم الأول بالعدوان على اليمن، إلا أن قوات الجيش واللجان الشعبية حاولوا تحييد واشنطن عن المواجهة طالما أنّها لم تتدخّل بشكل عسكري مباشر ( لا نقصد هنا الدعم اللوجستي العسكري والمعلوماتي)، فكيف لها أن تهاجم المدمّرة الأمريكية في أكثر الظروف حساسيّة خاصّة أن المجتمع الدولي لأول مرّرة يهاجم السعودية بهذا الشكل بعد المجزرة الكبرى.

السفن الأمريكية تتواجد هناك منذ اليوم الأول للعدوان، لا بل حتى بدء العداون، فلماذا تستهدفها حاليّاً؟

ثانياً: البعض حاول إيجاد مخرج للجيش اليمني عبر الحديث عن الاستهداف بالخطأ، أي أن السفينة المقصودة كانت سعودية، إلّا أن القوات اليمنية أخطأت التشخيص، ولكن كيف لهذه القوّات أن تخطئ مع المدمّرة التي يبلغ طولها حوالي 155 متر؟ لماذا تستهدفها وهي لا تزال في المياه الدوليّة وفق ما ادّعت واشنطن؟

ثالثاً: أصحاب هذه الفرضية يرجّحون وقوف أيادي مجهولة، مدعومة من السعودية، خلف الحادث حيث حاولت الرياض توريط واشنطن بالتدخّل العسكري المباشر من جهة، والعمل على إخماد الزخم الدولي، والأمريكي، الذي انتقدها على المجزرة الكبرى في صنعاء.

وبالفعل، نقلت وسائل الإعلام تقارير عسكرية عن محاولات سعودية لقصف المدنيين المحسوبين على نائب الرئيس علي محس الأحمر في تعز واتهام الجيش اليمني بالحادث لتأليب الرأي العام العالمي عليه.

فالسعودية تسعى اليوم لتشكيل تحالف دولي واسع ضد اليمن، يخفف عن التحالف حدة الضغوط الدولية التي يواجهها جراء تصاعد جرائم الابادة التي ترتكبها طائرته في حق المدنيين والتخفيف من الضغوط الميدانية في الجبهات الحدودية.

رابعاً: البعض رفض هذه الفرضية باعتبار أن المناطق التي أطلقت منها الصواريخ تخضع لسيطرة القوات اليمنية المشتركة، إلا أن رماية صواريخ من على الكتف من الشريط الساحلي اليمني الممتدة لأكثر من 1200 كيلو مترا، ليس بالأمر الصعب على أي جهة كانت.

الفرضيّة الرابعة، رغم ضعفها وفق بعض الخبراء، تتحدّث أن الاستهداف قد حصل بالفعل، ولكن في المياه الإقليمية اليمينية، وليس الدولية كما ادعت واشنطن، بعد اختراقها من قبل السفن الأمريكية، حيث نفّذت القوات البحرية اليمنية تهديداتها باستهداف أي سفينة تدخل المياه الإقليمية دون تصريح مسبق من خفر السواحل اليمنية وذلك بعد أيام على الضربة النوعيّة المتمثلة بتدمير البارجة الإماراتية “سويفت”، إلاّ أن بيان الجيش اليمني سواء الأول أم الأخير (أمس الخميس) ينفي استهداف المدمرة اميركية قبالة السواحل اليمنية.