الخبر وما وراء الخبر

السبت الدامي

164

نبض

محمد خالد عنتر
ماذا بعد أن تسقط أكثر من ألف ضحيةٍ في يومٍ واحد ..
مجزرةٌ تنخر القلب كما تنخر السوسة السوداء الضرس الأبيض .. والحق أقول أنني لم أعد أقوى حتى على كتابة هذا المقال لشدة غضبي وحزني وحسرتي..
أن يقيم أحدهم عزاء في واحدةٍ من أكبر قاعات صنعاء ويستقبل من أتوا لتعزيته كما هو معتاد.. فينتهي مجلس العزاء بمجزرةٍ تخلف ألف عزاء..
مواطنون وساسة وعسكريون يأتون مع أقاربهم او أصدقائهم أو أطفالهم الصغار للتعزية ويقعدون في تلك القاعة بكل طمأنينة فتجتاح ذلك الأمان صواريخٌ حاقدة تنقض على مقيلهم الهادئ وتقتلهم في غفلة..
لماذا؟ ماذا جنى هذا الشعب ليقتل بكل هذه الوحشية ولا يلتفت اليه أحد؟
لماذا لم يستنكر العالم مجزرة القاعة الكبرى كما أستنكر تدمير البارجة الأماراتية سويفت؟؟
لماذا لم تخرج مسيرات التنديد بفاجعة السبت الدامي مثلما خرجت المسيرات التي سميت بمسيرات رفض الانقلاب؟؟
لماذا لا تلام السعودية على هذه الجريمة الواضحة وضوح الشمس؟؟ ولماذا يستمر أتباع السعودية في حرف الحقائق وادعاء ما لا يصدق؟؟
أيعقل أن دناءة العالم قد وصلت إلى هذا المستوى؟؟ أيعقل أن كل الأبواق الإنسانية التي ظلت تزعق في وجوهنا على مدى أعوام تلاشت اليوم وخفت صوتها؟؟
لقد خلف العدوان في قلوبنا حقداً لا تدفنه كل الاتفاقيات والمصالحات .. ولن يثلج قلوبنا سوى الثأر وان طال ..
لقد فاقت السعودية في حقارتها الكيان الصهيوني ووصلت قذارتها أضعاف أضعاف قذارة اسرائيل..
أيها العالم .. نحن هنا .. نقتل كل يوم .. نحترق كل يوم .. تتطاير أشلاؤنا كل يوم .. فأين أنت؟؟
بالنسبة للرأي العام فإن جريمة يوم السبت ستمر كما مرت سابقاتها..
أما بالنسبة لنا فإنها لن تمر .. وستبقى في قلوبنا حقداً يتنامى مع الأيام سنورثه للأجيال اللاحقة ولا يمكن أن يموت..
وأنه لمن المؤسف أيضاً أن نجد يمنيين يبررون ويعدلون ويشذبون ما حدث في ذلك السبت .. ومنهم من يعيش في صنعاء ويأكل من خيرها وينام مرتاحاً على أرضها ..
وكأنه لم ير أبداً الدخان الذي خنق سماء صنعاء في ذلك اليوم .. ولم يسمع سيارات الإسعاف التي لم تتوقف عن الذهاب والإياب في شوارع العاصمة .. ولم يشاهد أبواب المستشفيات التي اكتظت بالمسعفين والمتبرعين بالدم..
كل شارعٍ ضج بأصوات الإسعاف .. وكل مستشفى فاض بالضحايا والمسعفين وأولئك الذين قرروا تقديم دمائهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه .. وجميعنا شاهدنا هذا بأمهات أعيننا ..
مشاهدٌ لا يمكن نسيانها .. وأصواتٌ ستحفر في أذهاننا حتى الممات .. ووجعٌ لن يشفيه دواءٌ إلا الثأر ..
وهو ما سيكون ..