الخبر وما وراء الخبر

أمريكا تعقر ناقتها العاجفة!

173

د. صادق القاضي.
لم يكن تصويت الكونجرس الأمريكي على قانون “جاستا” مفاجئا، في ضوء توقع معظم المراقبين لخطوة من هذا النوع، عاجلا، أو آجلاً بالكثير بعد رحيل الرئيس أوباما الذي سبق أن رفع الفيتو ضد نفس القانون أما مجلس النواب.
كما لم تكن قضيته جديدة، مسؤولية السعودية عن هجمات 11 سبتمبر معلومة للأمريكيين، منذ الأيام الأولى لها، ومباشرة، إثر أحداث 11 سبتمبر 2001م ، اقترح بعض كبار رجال الإدارة الأمريكية، للقضاء على “الإرهاب” الذي هاجمهم في عقر دارهم، مهاجمة “الإرهاب” في عقر داره، بإسقاط النظام الوهابي في السعودية، بدلا من إسقاط نظام “طالبان” في أفغانستان.
استند هذا المقترح الوجيه على أسباب موضوعية منها:
– أن معظم منفذي تفجيرات منهاتن، سعوديون، فمن ضمن “19” إرهابيا، هم مجموع من نفذوا التفجيرات، هناك “”15″سعوديا، و”2” من الإمارات.
– أن نظام “طالبان”، مجرد صنيعة سعودية ستسقط بسقوطها؛ إذ تبنت السعودية عملية إنشاء هذا التنظيم منذ البدء، ولم يعترف بشرعيته من كل دول العالم إلا السعودية والإمارات وباكستان.
– أن “الإرهاب” ظاهرة وهابية، ومنظمة القاعدة، المسؤول المباشر عن العملية، تشكلت على أسس الفكر والعقيدة الوهابية الحاكمة في السعودية.
كان هذا المقترح يعني التعامل مع الإرهاب بعيدا عن التسييس، وبمسؤولية ووضوح باجتثاث الجذور وتجفيف المنابع، ومهاجمة الوجوه لا الأقنعة.
لكن أمريكا التي تظاهرت حينها ولسنوات طويلة لاحقة، بتجاهل علاقة السعودية بتلك الهجمات، كانت – كما صار واضحا- تبيّت للسعودية هذا اليوم الأسود.. ! أما لماذا تأخرت كل هذا الوقت، ولماذا بادرت اليوم، لمعاقبة السعودية ؟ّ!  فبتعبير عطوان: (لأن البقرة السعودية الحلوب انهارت، وضرعها المالي جف، ونفطها لم يعد حاجة أمريكية).
بعبارة أخرى لم تعد السعودية مفيدة للحليف الأمريكي، وعلى العكس أصبحت عبئا على كاهله، كناقة عجفاء مزعجة!.
ما يزال الوقت مبكرا للحديث عن تبعات هذه الطعنة الأمريكية الغادرة لشريكها الاستراتيجي في الإرهاب، والعبث بأمن واستقرار دول المنطقة طيلة العقود الماضية، لكن يفترض أن يترتب عن القانون أعباء مالية وأهوال سياسية، وتبعات أكبر بكثير من الضحايا البشرية المباشرة، وحتى من قدرة الناقة السعودية العجوز على تحملها.!
كما يفترض أن المجتمع الدولي الذي تواطأ مع السعودية طويلا، وقلب لها الآن ظهر المجن، سيتركها عرضة للمحاسبة على كل أدوارها السلبية في المنطقة، بما في ذلك عاصفة الحزم، في وقت حساب معلوم، كما فعلت أمريكا بعد خمسة عشر عاما من هجمات الحادي عشر من سبتمبر2001م.
بات ذلك أقرب مما كان يمكن توقعه قبل تصويت الكونجرس على قانون “جاستا”، أو”العدالة ضد رعاة الإرهاب”، وانسياقاً مع عبد الباري عطوان: (يوما ما ستصل يد العدالة نفسها إلى جرائم المملكة الجارية الآن في اليمن، والعبيط من يستبعد ذلك، إذ من كان يتوقع أن الأمريكيين سيقرون يوما قانون عقوبات ضد السعودية.. وبعد أشهر قليلة فقط من تشريعهم لقانون إسقاط العقوبات ضد إيران).