الخبر وما وراء الخبر

إيقاف السلاح البريطاني للسعودية مجرد مناورة

182

بقلم / أ.د. علي الهيل

بريطانيا الأولى عالمياًّ بعد حليفتها أمريكا بيعاً للسلاح.  دول العالم العربي إحدى أكثر دول العالم شراءً للسلاح الأمريكي و البريطاني.  مطالبات البرلمان البريطاني حكومتهم بالتوقف عن بيع السلاح للسعودية لا يعدو أن يكون إلا تبادل أدوار و لمجرد الاستهلاك المحلي و الخارجي، لاسيما مجموعات الضغط الحقوقية في داخل بريطانيا.

بصرف النظر عن أخلاقيات بيع السلاح البريطاني للسعودية أو لغيرها، تبدو مطالبات النواب البريطانيين غير واقعية و تأتي في الوقت غير المناسب.

بعد خروجها من (الإتحاد الأوروبي) تعاني بريطانيا الكثير من الأزمات الإقتصادية (الأزمة هنا مجازاً فهي لمن يعرف خفايا السياسة البريطانية كوارث.). لعل أقلها، تصريح رئيس وزراء اليابان في الصين قبل يومين خلال قمة مجموعة العشرين الإقتصادية بأن اليابان ستسحب شركاتها خاصة السيارات (نيسان و تويوتا و غيرها) من بريطانيا عقاباً لها كما يبدو لانسحابها من (الاتحاد الأوروبي.) بريطانيا الآن تبلغ نسبة العاطلين فيها عن العمل أكثر من ٥ ملايين، و إذا توقفت بريطانيا عن بيع السلاح للسعودية و لغيرها فهذا يعني تسريح أكثر من ٥٠ ألف بريطاني يعملون في مصانع السلاح.

أنا متأكد أن النواب البريطانيين لا يخفى عليهم ذلك.

بَيْدَ أنه كما ذكرنا لتخفيف الضغط الشعبي على الحكومة أكثر من أي شيء آخر.

بيع السلاح تجارة رائجة و هي لا تضع في اعتبارها أن هذه الدولة معتدية أو معتدى عليها أو أن هذه الدولة تراعي حقوق الإنسان أو لا تراعيها.  تجارة بيع السلاح جزء من فلسفة السياسة المتوحشة التي تنهج نهج “أن الغاية تبرر الوسيلة” و تتبع تقاطع المصالح بغض النظر عن الأخلاقيات.

البريطانيون خرجوا من (الاتحاد الأوروبي) فقط من أجل “حرية الحركة” التي كان (الإتحاد الأوروبي) يفرضها على دوله الأعضاء و قد تضرر المواطن البريطاني كثيراً منها لأن البولنديين و الرومانيين و اليونانيين و غيرهم من مواطني الدول الأعضاء الفقيرة في (الإتحاد الأوروبي) أغرقوا بريطانيا بالعمالة الرخيصة.  بعد خروج الشركات اليابانية من بريطانيا سيتضرر أكثر من عشرين ألف بريطاني إضافة إلى أكثر من عشرة آلاف بريطاني تضرروا نتيجة بيع شركة تاتا الهندية مصانع الحديد الصلب في بريطانيا بما فيها مصنع (بورت تالبوت) حتى قبل خروج بريطانيا من (الإتحاد الأوروبي.) المعضلة الآن في بريطانيا أن البريطانيين يعانون من تقييد لحرية حركتهم الوظيفية رغم أن (حرية الحركة) لصالح العمال الأوروبيين لم تعد موجودة لأن بلادهم إنسحبت من (الإتحاد الأوروبي.) إذن، كيف يمكن أن تتوقف بريطانيا عن بيع السلاح؟

أستاذ جامعي و كاتب قطري

نقلاً عن رأي اليوم