الخبر وما وراء الخبر

قراءة .. على مشارف نجران

206

بقلم / علي أحمد جاحز

« الحوثيون يستخدمون القوة في تحقيق أهدافهم بما فيها الهجمات ضد الحدود السعودية « السفير البريطاني لدى اليمن ادموند براون . كانت ولا تزال الجبهات التي فتحها أبطال الجيش واللجان الشعبية في ما وراء الحدود اليمنية السعودية ، ضمن أهم الخطوات الاستراتيجية الرادعة للعدوان الامريكي السعودي ، وحين نتحدث عن تلك الجبهات يفترض ان نتذكر انها جاءت بعد صبر استراتيجي طويل يعد بدوره ايضا ضمن الخطوات الاستراتيجية عند النظر الى تسلسل تلك الخطوات التي لاتزال مستمرة و بلا سقوف أو حدود معلنة حتى الآن .

خيارات الردع سواء على مستوى جبهات العدوان في الداخل أو في ما وراء الحدود ، لا ينبغي ان تكون محل مساومة او نقاش بحيث يسمح للمواقف الدولية بأن تضغط باتجاه التخلي عنها في سبيل الوصول الى تسوية ، فلا معنى لأي وساطة خارجية أو موقف يدعي الحرص على الحل السياسي وهو يدعوك الى التخلي عن سلاحك الرادع في معركة مفتوحة لا أفق لها ولا سقوف انسانية ولا قانونية يلتزم بها عدوك .

الموقف البريطاني الأخير الذي جاء على لسان السفير لدى اليمن ادموند براون يحمل العديد من الدلالات والمقاصد الملتوية ، وحديثه في هذا التوقيت بالضبط عن استخدام الجيش واللجان الشعبية أو من يصفهم بـ « الحوثيين « لتحقيق اهدافهم ليس له أي معنى في سياقات تتحدث عن حرص بريطانيا على الوصول الى تسوية شاملة في اليمن ، إذن فما هو الهدف الحقيقي من وراء كل هذا التعلل باستخدام القوة ؟

بريطانيا وامريكا وقبلهما المبعوث الدولي والأمم المتحدة وغيرهم اتخذوا مواقف متعاقبة هذه الايام كلها تحمل اشارات الى انزعاج من التقدم المتصاعد للجيش واللجان في جبهات ما وراء الحدود ، سواء في نجران أو عسير أو جيزان ، وكما يبدو فان الموقف البريطاني كان اكثر تلك المواقف وضوحا وافصاحا عن ذلك . لا اعتقد ان استمرار الحرب في اليمن يهم المجتمع الدولي بأي حال ، فهو بحكم ما تقوله معطيات أخيرة كشفها العدوان على اليمن مجرد حلف تقوده امريكا لتقاسم مصالح كبرى في المنطقة العربية وفي العالم بشكل اوسع ، وأي طرف يخرج عن الطاعة المطلقة للنظام العالمي الذي تقوده امريكا أو يتمرد على ما ينفذه من مخططات ومشاريع يصبح مصدرا للقلق ومصدرا للخطر بنظرهم ، ولذلك حين تفشل مخططاتهم في تركيع من يخالفهم من الشعوب التي تطمح في الاستقلال من وصاية امريكا وحلفها ، يبدأون في التعبير صراحة عن انزعاجهم كما تفعل بريطانيا وامريكا والأمم المتحدة الان أمام تقدم الجيش واللجان الشعبية في جبهة ما وراء الحدود . وحين نتذكر تحذيرا وجهه السيد القائد في كلمة له العام الفائت في مثل هذه الايام لكل المتواطئين في العدوان على اليمن محتواه يقول «اذا لم يتوقف العدوان على اليمن فسوف نضطر الى اتخاذ خطوات استراتيجية قد تغير وجه المنطقة» ،

سنفهم الكثير مما نسمع هذه الأيام من قلق وانزعاج من تقدم ابطالنا في جبهات ما وراء الحدود خصوصا ، كونه يأتي من فهم المجتمع الدولي لخطورة وحساسية ذلك و تداعياته وتأثيراته على مستوى المنطقة برمتها. سقوط مدن وقرى ومناطق سعودية واسعة تحت قبضة ابطال الجيش واللجان الشعبية أمر مقروء ويجري متابعته على مستويات رفيعة في داخل غرف القرار الدولي ، والتقدم هذه الايام في محيط نجران و الالتفاف المستمر عليها تمهيدا لاسقاطها اسهم بشكل ملحوظ في ظهور تلك التصريحات المتوترة القلقة ، فسقوط نجران بعد سقوط الربوعة والخوبة سيهز المنطقة وربما يهز عرش المملكة الذي ان تصدع بدوره قبل أن يجري ترتيب ذلك في مخطط امريكا الجاري فسوف يكون له تأثيراته السريعة والواسعة على مستقبل النفوذ الامريكي وحلفه في المنطقة لصالح قوى اخرى صاعدة ، ربما يكون اليمن الجديد من بينها ، وهو أمر مزعج بالفعل ويقع على رأس أولويات الاهتمام الدولي حاليا .