الخبر وما وراء الخبر

ما اسفرت عنه العاصفة

177

بقلم / علي احمد جاحز

يبدو ان العاصفة انقشعت على واقع يختلف كليا عن ما كان يطمح ويطمع ملوك الصحراء و امراء الغبار ، انقشعت ليظهر اليمن شامخا شموخ شعبه وجباله و قيعانه و سهوله وسواحله ، وفي الشق الاخر تظهر مملكة الغبار عارية بعد ان مزقت عاصفتها ما كان يسترها من تحالفات واحلاف هشة ، وبدلا من ان ترى اليمن منهكا و مقتولا وجدت قراها ومدنها الحدودية اطلال و جنودها بين جثث متناثرة وقطعان فارة ، ومعسكراتها بين بقع محترقة او ثكنات خربة او مواقع تدوسها اقدام ابطال اليمن وجبال تطلق من اعلى قممها هتافات الصرخة .
***
واما مرتزقتها فوجدتهم بين شلة اغبياء يقيمون في فنادق الرياض يستلمون المخصصات والاعتمادت ويأكلون كما تأكل الانعام ، وبين مرتزقة جندتهم في الداخل ادركت انهم باتوا عبئا ثقيلا على كاهلها تطعمهم وتمدهم بالمال والسلاح دون ان يحققوا شيئا مما تطمح ان يتحقق ، وفي الحاليتين وجدت ان مرتزقة الفنادق والميدان فشلوا جميعا في اعطاء اي ثمرة مقابل رعايتها اللامحدودة بل ان الكثيرين منهم يروقه ان يبقى الوضع هكذا ليجني المزيد من المكاسب .
***
وبدلا من ان تجني السعودية مكاسب سياسية او تعوض ما خسرته بعد 21 سبتمبر في اليمن ، وجدت نفسها خسرت سياسيا ليس على مستوى اليمن وحسب بل على مستوى المنطقة والعالم ، انكشفت وجوهها العديدة ، الوجه الداعشي .. الوجه الشيطاني الذي يمول الحروب والصراعات ، الوجه الذي يشتري ولاءات الحكومات وتواطؤ المنظمات الانسانية ، الوجه الصهيوني الذي يخدم اسرائيل ويتعاون معها في ضرب المنطقة وتدميرها ، الوجه الغبي الذي يقع في دائرة الاستهداف ويسعى الى حتفه .
***
بينما اليمن ظهر قويا متماسكا ضرب اروع الامثلة في الصمود والتصدي وكلما مر الوقت واشتد العدوان بدت خياراته الاقوى والاكثر فاعلية ، العدوان صقله واستفز في داخله طاقات كبيرة وواسعة وفعالة على كل المستويات اتسق فيها العسكري بالامني والسياسي بالاجتماعي والاعلامي بالثقافي و التعبوي بالتكافلي ، ليجد العدوان نفسه امام واقع مختلف لا يمكن اختراقه ولا اعادته الى حيث كان قبل 21 سبتمبر و لا حتى الى ما قبل 26 مارس 2015م.
***
تسارعت مؤخرا الانجازات الكبرى في اليمن ، في متوالية خيارات استراتيجية كان قد وعد بها قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله و حذرهم من الوصول اليها باعتبارها ستغير وجه المنطقة وليس وجه اليمن ، تلك الخيارات كانت ثمرة الصمود والتصدي والصبر والتعبئة والتكافل و اتساق العمل السياسي والاعلامي والثقافي ، وتعددت في انجازات عسكرية على كل الجبهات في ماوراء الحدود و في مأرب والفرضة والجوف وفي تعز و في لحج وشبوة ، رافقتها انجازات سياسية في الكويت وازتها نجاحات سياسية داخلية اربكت المنطقة والعالم و غيرت معادلة التعاطي السياسي مع القضية اليمنية بشكل عام .
***
مثل توقيع الاتفاق السياسي اليمني بين انصارالله وحلفائهم والمؤتمر الشعبي العام وحلفائهم ضربة سياسية كبرى ، وبعد ان كانت ثمرة للصمود والانتصارات الكبرى ميدانيا ، فقد اثمرت ايضا زلزالا كبيرا هز المنطقة و غير مجريات المشهد الدبلوماسي في الكويت والتحركات الدولية و مزاجات المجتمع الدولي ليعود الكل الى صوابه ويتعاطى مع القضية اليمنية باكثر جدية وتعقل .
***
اول امس غادر وفد الرياض الكويت بتوجيهات سعودية بعد ان ادركت السعودية انه لم يعد ورقة رابحة في صراعها مع الواقع اليمني الجديد الذي بات يفرض عليها ميدانيا حرب استنزاف طويلة طالت اراضيها وشردت مواطنيها واذاقتها صنوف الذل والهوان وفضحتها امام شعبها والعالم بانها دولة هشة وجيشها هش و حدودها قش ومالها معروض للابتزاز والارتزاز سهل امام هواة النصب وبيع المواقف ، وبعد ان سحبت فريق المرتزقة من الكويت بعثت بوفد سياسي وعسكري يمثلها مباشرة لحل مشكلتها مع اليمن و بدأت ترسل ابواقها لمطالبة هادي وفريقه المنتهية فائدتهم بالمغادرة الى عدن لكي تخرج من مستنقع اليمن خفيفة منهم ومن اعبائهم ، ولن تخرج من مستنقع اليمن الا اذا تخففت من كل اوزار الماضي و تركت اليمن واليمنيين يعيشون حياتهم ويعالجون امورهم بانفسهم دون وصاية من احد .
***
لا اعتقد ان السعودية بامكانها ان تخرج من مستنقع اليمن دون ان يأي قرار بذلك من الادارة الامريكية ، وهو امر غير متوقع فالادارة الامريكية تريد للسعودية ان تظل اداة ومعولا تهدم به المنطقة قبل ان تتخلص منه ويصير جزءا من واقع عربي واسلامي مهدم وهش يسهل على الامريكي ان يعبث فيه ويرتبه كما يشاء ، لكنها تدرك ايضا ان اليمن يعكر عليها صفو اللعبة و يقف عائقا في طريق هدفها ، ولذلك لايمكن ان تترك اليمن ينعم بالاستقرار و لايمكن ان تسمح لمشروع الثورة اليمنية ان ينجح و يصل الى اهدافه الكبرى التي تتجاوز حدود الوطن ، وهو ما سوف يحول دون ترك السعودية تخرج من المستنقع ، فان طردت هادي و شلته الى عدن ستظل تلعب بهم بالريمونت كنترول و تحركه بحسب ما يريده الامريكي والاسرائيلي و حينها ، لنا حديث معهم ، وسيخسرون .