الخبر وما وراء الخبر

دبلوماسية الإبل.. والإمبراطورية السعودية

213

بقلم / نظام مارديني

لا يمكن النظر إلى استمرار العدوان السعودي على اليمن إلا تأكيداً على حالة الإحباط والتخبّط التي يعيشها نظام آل سعود، بعدما خسروا المعارك الميدانية وعجزوا عن تعويض ذلك في مفاوضات الكويت. كما أن هذا العدوان تعبير واضح عن عجزهم وقصورهم عن إدراك وفهم التطورات التي تمرّ بها المنطقة، الأمر الذي يدفعهم الى التعامل بنزق وصبيانية، مع الأزمة اليمنية، دون عناء التفكير بتداعياتها الخطيرة والمدمّرة، حتى على مملكتهم نفسها، اتكالاً منهم على حماية وعون الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني.
فرغم اللمسات السوسيولوجية حول التشكيل القبلي للمجتمع السعودي، فإن الكلام عن الشيزوفرانيا وحيث كل مظاهر الحداثة قائمة فيما البنية الفلسفية للدولة تقوم على «ثقافة الخيمة» لا على ثقافة التكنولوجيا.
اقرأوا ما وراء الوجوه، وما وراء الأقنعة لكي تعرفوا إلى أين يسير هذا المجتمع الوهابي في عدوانه، حتى ولو لم يبق حجر على حجر في اليمن!
وعليه فإن السعودية التي لا تزال تناطح بشراسة القط الذي دهسته سيارة وينتفض للبقاء، وهو يعلم أن مصيره موت محتوم، لن يمنعها ذلك من الاستمرار في إجرامها بحق أطفال اليمن، برغم حالة الانكفاء التي تعيشها في هذه المرحلة تحديداً بعد فشل جميع مخططاتها العدوانية في سورية والعراق واليمن، إضافة إلى وضعها الاقتصادي بالغ الحساسية، ويمكن مراقبة قرب علامات النهاية لنظام آل سعود. هذا في صبيانية مهندس دبلوماسيتهم عبد الله الجبير الذي عرض تصوّروا على روسيا الشراء علناً! وهو النظام الذي يسارع الخطى نحو التطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني بشكل أقل ما يُقال عنه إنه «فاجر»، في وقت يلقي بجنوده للتهلكة في معركة «يمنية» خاسرة وسط نزهات مصوّرة لملكه وولي ولي عهده في المغرب وأميركا!
وبحسب العميل السابق بوب باير لدى وكالة الاستخبارات المركزية CIA: فإن الاحتمالات قائمة بأن تضطر واشنطن لتطبيق خطة هنري كيسنجر التي تنص على تنفيذ تدخل عسكري لحماية آبار النفط وإنقاذ الاقتصاد العالمي، موضحاً أن «الأمر يبدو مستبعداً الآن، ولكنه قد يصبح أمراً واقعياً».
السعوديون الذين نجحوا في بناء الارمادا الجوية لم يستطيعون بناء الارمادا البرية. الحرب البرية في اليمن، بتشكيله السريالي، تحتاج إلى مئة ألف جندي. انكلترا، الأكثر دراية والأكثر حنكة، تتحدث عن مئتي ألف جندي!

تصوّر آل سعود أو صوّروا للسذج من اليمنيين والسعوديين والعرب والعالم أن الفتح المبين بات على مسافة قوسين أو أدنى.. ولكن وبعدما خذلهم صمود اليمنيين رأوا أن البديل المنطقي من حرب المئة عام.. ربما هي المفاوضات.. ولو كانت مفاوضات المئة عام!
من المضحك القول إننا سنرى دبلوماسية الإبل تضع يدها على اليمن، ومن يقودها ليسوا سوى حفنة من البشر تعيش العصر الحجري.
ألم يتحدّث أحدهم لزميل إعلامي «في عام 2030، وربما قبل ذلك بكثير، ستكون أمامكم الإمبراطورية السعودية»!

نقلا عن جريدة البناء