ما بين السياسة والميدان.. انتصار في الكويت وتقدم في الجبهات
ذمار نيوز -النجم الثاقب 3 أغسطس 2016م
عندما شنت السعودية حربها على اليمن، كانت تفترض أن الحرب الجوية ستكون قصيرة وسريعة، وكافية لدحر أنصار الله، وبالتالي إعطاء الحكومة المدعومة من السعودية المساحة اللازمة لاستعادة السيطرة على البلاد.
لكن ببساطة، لم يكن الحال كما خطط في الواقع، تطور الأمر الى أبعد من ذلك، فإلى جانب أن الحملة السعودية لم تحقق هذه الأهداف، فقد اندفعت حرب أكثر خطورة بكثير، حيث اكتوت المملكة العربية السعودية بنيران تلك الحرب وفي عقر دارها.
وبعد ذلك أبدلت السعودية اوراقها وقامت بحصار القرى اليمنية وهو ما نشاهده في الجريمة الكبيرة والبشعة والتي ظلت تمارس على مدى شهور بحق أهالي قرية الصراري والقرى المجاورة هي جريمة تطهير عرقي وليست عملا جديدا ولا غريبا على العدوان ومرتزقته.
الا انها في الواقع أعطتنا صورة واضحة وجلية بما يمكن أن يحدث مستقبلا، وهذا بدوره جعل الوفد الوطني يتمسك بحلول شاملة دون تجزء في مشاورات السلام التي تجري في الكويت.
وأما السعودية فليس لها خطة واضحة فاستبقت الجولة الثانية بمحاولة فرض رؤية معينة وإفساد أي مهمة ينوي وفد صنعاء القيام بها والبناء على ما حدث في الجولة الأولى التي حقق فيها الوفد حضوراً متميزاً ازعج المملكة ودفعها لمحاولة التحكم بالجولة الثانية والإستعداد لها عبر وسائل الضغط السياسي والإعلامي ووسائل أخرى.
والرياض تخشى من إستمرار الوفد الوطني في تحقيق إختراق سياسي وتماسك الوفد ومرونته وواقعية ما يطرحه في نفس الوقت هو ما يثير انزعاجها ويستدعي غضبها، مما دعا السعودية لدفع ولد الشيخ للإنقلاب على ما تم التوصل اليه في الجولة الاولى وتسعى لفرض مطالبها وشروطها باساليب وطرائق مختلفة
حقق وفد صنعاء في الجولة الأولى مكاسب سياسية كبيرة فرغم ان الجولة الأولى انتهت دون تقدم يذكر إلا ان الوفد كسر حاجز العزلة السياسية وقدم رؤية للحل وحشد لها التأييد وكثف من تواصله الدبلوماسي.
ويمكن القول ان الوفد سيطر على أجواء المشاورات فمحمد عبدالسلام لم يكن ينتهي من لقاء مع سفير او دبلوماسي هنا حتى يكون بإنتظاره مسؤول هناك فكان جدوله مزدحماً بشكل لا يمكن تصوره .
ونتيجة لما حققه الوفد في الجولة الأولى من توضيح الصورة الحقيقية للمجتمع الدولي إضافة الى اللغة الدبلوماسية الرصينة والمرونة في التعاطي مع كافة القضايا المطروحة والموضوعية في التناول والواقعية في طرح الحلول .. كل ذلك ساهم في تحقيق حضور متميز للوفد الذي تمكن من إيصال رسالته بشكل يرتقي إلى ذلك المستوى العالي من الوضوح والشفافية ما جعله محل احترام وتقدير كبيرين .
ان كل ما حدث في الجولة الأولى كان يسير بإتجاه الحل، فالنقاشات كانت مستمرة وحدثت تفاهمات على قضايا بعينها وكان الوفد يقدم تفنيد ما يطرحه الطرف الآخر ويقدم لكل نقطة ليس حلاً واحداً بل أكثر من مقترح للحل ولهذا وجد المبعوث الاممي نفسه ومعه سفراء الدول 18 أمام حل شامل في خطة متكاملة تضمنتها الرؤية وهو ما أدى إلى إنزعاج الطرف الآخر .
وان هذا الإنزعاج تحول الى غضب سعودي واضح والغضب اصبح إجراءات إستباقية للجولة الثانية حتى لا يستحوذ الوفد الوطني على الأجواء، حيث اتجهت السعودية نحو تضييق الخناق على الوفد وحتى لا يتكرر ما حدث في الاولى قررت تزمين الجولة الثانية بمدة محددة بل وبجدول اعمال محدد وهو ما ادى الى نسف ما حدث في الجولة الأولى وحتى تنجح في تنفيذ خطتها اجبرت ولد الشيخ على تبني مطالبها وحاولت مع السفراء لتغيير مواقفهم بل وحشر الوفد الوطني في مربع رفض الحلول وبالتالي يصبح في مواجهة المجتمع الدولي وهذا ما اقتضى ان يعلن الوفد الآخر انه موافق على مقترحات ولد الشيخ وتم استخدام الإعلام لإيهام المتابعين ان هناك اتفاقاً قد حدث وان وفد صنعاء يعرقل .
وايضاً اتجهت السعودية وعن طريق ادواتها الى محاولة الحديث عن خلافات بين انصار الله والمؤتمر ثم اتجهت لتأليب السفراء ومعهم دولة الكويت ضد الوفد وهذا ايضاً فشلت فيه .
حاولت السعودية الظهور على انها مستعدة لطبخة اعدتها هي حتى تفسد ما انجزه الوفد في الجولة الأولى والحيلولة دون استفادته مما حدث في تلك الجولة التي بلغ فيها الأمر ان يتوزع كلاً من المؤتمر وأنصار الله اللقاءات مع ممثلي المجتمع الدولي نظراً لحجم الإهتمام فكان عبدالسلام في مكان والزوكا في نفس الوقت يلتقي أشخاصاً آخرين في مكان آخر حتى ان سفراء كانوا يقولون للسعودية هؤلاء جاءوا ومعهم حل متكامل ماذا لديكم انتم ؟ وهناك سفراء لم يترددوا في دعم الرؤية وان لم يتم التصريح بذلك اعلامياً وتمكن الوفد من تفنيد القرارات الاممية التي يتشبث بها الوفد الآخر لتبدو في نهاية الامر داعمه للحل التوافقي كما يقول جوهرها الذي يتضمن الإشارة ايضاً للسلم والشراكة وهنا أعيد صياغة مفهوم المرجعيات بما يتفق مع روحها ومضمونها كحزمة واحدة .
ولهذا حاولت السعودية امتلاك اكثر من خيار اذا فشلت الخيارات السابقة المتمثلة في عدم اتاحة الفرصة لوفد الإنقلابيين كما يحلو للعربية تسميته البناء على ما تم في الجولة الأولى فعمدت الى اجراء تعديل في وفد ما يسمى الشرعية وسرعان ما اتجهت لتقديم عروض من تحت الطاولة تحمل من الترغيب والترهيب الكثير وبحماقة ومحاولة تمرير خطتها فضلت ان تتجه نحو إفشال المشاورات مقابل استمرار التصعيد العسكري وهذا ايضاً جعلها في موقف محرج فكما واجهت في الكويت صلابة في موقف الوفد الوطني وحنكة ودبلوماسية تواجه في الميدان مقاتلين اشداء لا يعرفون الهزيمة والإنكسار .
وما بين السياسة والعسكرية تبدو اليمن اكثر تماسكاً من ذي قبل فالوفد يرى ان ما يطرحه من حلول هي الاقرب للواقع اليمني الذي يحتاج لمعالجات حقيقية وليس الى مسكنات ومهدئات إلى إتفاق يستجيب لتطلعات الشعب اليمني وليس لطموحات القوى واطماع الخارج .
وبالتالي فطريق السلام يبدأ بوقف العدوان ورفع الحصار وتشكيل سلطة توافقية تضم الجميع. .