هل من شرعية شعبية لقمم العرب؟
بقلم / هشام الهبيشان
يقال إن رؤساء وأمراء وملوك العرب بمن بقي منهم ومن أضيف إليهم سيجتمعون بقمة عربية جديدة بالعاصمة الموريتانية “نواكشوط” ، بالحقيقة هذا الخبر لن يشكل أي عامل تفأول لدى الشعب العربي الذي أعتاد على مشاهدة مملة لفصول هذه القمم بل سيزيد من عوامل الاحباط العربي ،فمنذ انعقاد أولى هذه القمم العربية “المسرحيات الهزلية” منذ عقود مضت كنا نقرأ بالتاريخ دسائس تأمر العرب فيها على بعضهم البعض كما كنا نقرأ ونشاهد حجم تغلغل اليد الصهيو -أمريكية فيها ، مع العلم ان هذه اليد هي التي تحرك الكثير من حكام العرب ومن خلف الكواليس أو بالعلن لافرق بذلك، وبالفترة الأخيرة لهذه القمم أصبحنا نشاهد وبوضوح حجم تأمر بعض حكام “العرب” العلني على أبناء الامة العربية وأتساع حجم ومدى عمالتهم للمشروع الصهيو -امريكي ، وكل ذلك بمقابل بقائهم على عروش اغتصبوها وكراسي لم يستحقوها ، و يعلم أغلب المتعمقيين بتاريخ هؤلاء الحكام كيف أن الكثير منهم وصلوا لكراسيهم وعروشهم على حساب مقايضات قذرة عكست بجملة ما تعكس حالة الارتهان للمشروع الصهيو -امريكي الذي تعيشه الأمة العربية والاسلامية بهذه المرحلة لهذه المشاريع.
والمتوقع مع نهاية هذه القمة هو إعلان الحرب على إيران وقوى المقاومة، والهدف من إعلان الحرب على قوى المقاومة بالتزامن مع نهاية هذه القمة العربية هو بناء الأرضية والتحضير لبداية مشروع “رومانسي كلاسيكي” ومضمون هذا المشروع هو تشكيل جيش عربي موحد “ناتو عربي “، ولكن السؤال الذي يبحث عن إجابات عند من وضعوا هذا المقترح، “هو ما الهدف من تشكيل هذا الجيش ؟؟ ومن الاشخاص والعروش التي سيحميها هذا الجيش ؟؟ ، ومن سيدير هذا الجيش ، وما هي بوصلة هذا الجيش ؟؟ “، هي مجموعة أسئلة تتفرع من سؤال رئيسي ، والجواب عليها ببساطة هو أن تشكيل هذا الجيش العربي الموحد كما يسمى، ليس بهدف تحرير فلسطين أو نجدة القدس أو غزة، أو نجدة العراق ، أو نجدة سورية بحربها مع دول الشرق والغرب، أو، أو، وو…ألخ ، ولكن هدف هذا الجيش العربي الموحد هو حماية بعض عروش وكراسي بعض حكام العرب الذين يخشون من خلعهم عنها، وخصوصآ بعد التطورات والتغيرات والتبدلات الاخيرة بالمنطقة والإقليم كل.
اليوم من الواضح كذلك أن فلسطين قضية العرب المركزية كما يدعون قد غابت بشكل كامل عن قمم العرب ، مع أنهم يدعون بقممهم أنهم دائمآ بخندق الفلسطينيين ، وينادون دائمآ بأقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 ويتغنون دائمآ بمبادرة السلام العربية التي اطلقها الملك الراحل السعودي عبدالله بن عبد العزيز عندما كان وليآ للعهد بقمة بيروت عام 2002، وحينها يذكر العرب كيف أن رئيس الوزراء الصهيوني المقبور أرئيل شارون قد صفع وصعق العرب، عندما قال إن هذه المبادرة لاتساوي الحبر الذي كتب بها ، بل ورد على العرب كذلك حينها بمذبحة جنين التي سماها عملية “السور الواقى” ، وهذا ماردده كذلك نتنياهو بألامس عندما قال بصريح العبارة “لا حديث اليوم عن أقامة دولة فلسطينية”، ليقدم صفعة جديدة للعرب بمسلسل الصفعات واللطمات الصهيونية المستمرة للعرب طيلة سنوات التاريخ الحديث، وهذا مايؤكد حقيقة ان حديث العرب عن قضية فلسطين بقممهم هو جزء من حبكة مسرحية القمم العربية ، فبدل الحديث الفارغ عن قضية فلسطين وعن المبادرات حولها ، لماذا لايتم تحويل الاموال التي يحولها بعض العرب لتدمير سورية والعراق واليمن وليبيا، الى غزة والقدس ومختلف المدن الفلسطينية لأدامة الصمود الفلسطينيي في هذه المدن، ولأعادة اعمار قطاع غزة المنكوب الذي كان بعض العرب شركاء بتدميره والحرب عليه بعملية “الجرف الصامد -2014″ وفق ما تقول دوائر صنع القرار الصهيوني.
بألمحصلة، يقول البعض أن بعض العرب اجتمعوا بقمتهم العربية ليحتفلوا بشراكتهم الفعلية مع قوى الصهيونية العالمية بالحرب على اليمن واستكمال مشروع تدمير سورية وليبيا والعراق ، فهم قدموا سورية والعراق وليبيا واليمن كفريسة سهلة ولقمة صائغة سهلة للعدو الصهيوني ، فالعدو الصهيوني يتحكم ويدير ومن خلف الكواليس بتفاصيل هذه الحروب المفروضة على الدول المذكورة أعلاه ،ومن الواضح ان الكيان الصهيوني المسخ قد أستطاع أن يحقق وبالشراكة مع بعض العرب ماعجز عن تحقيقه منذ عقود ، وهو الوصول الى نشر الفوضى والدمار الممنهج بهذه الدول ، بعد أن أنجز مخططه وايضآ بالشراكة مع العرب بضرب وحدة واستقرار وقوة العرب المركزية، وكل ذلك موجود برؤية الصهاينة التلموذية الاستراتيجية لطبيعة مستقبل المنطقة ككل ، وورد كل ذلك بوثيقة كيفونيم الاسرائيلية الصادرة عام 1982 والتي تحدثت عن أطر عامة يجب أن يعمل بها قبل اعلان قيام دولة اسرائيل الكبرى ، فتدمير سورية والعراق ولبنان والاردن ومصر ونشر الفوضى والدمار بها هوجزء من مشروع كبير يستهدف تعبيد الطريق امام قيام دولة أسرائيل الكبرى على انقاض هذه الدول التي يجري تدميرها بشكل ممنهج وبالشراكة مع بعض العرب بهذه المرحلة تحديدآ.
ختامآ ،الجملة الوحيدة التي تصلح اليوم لوصف قمم العرب هي قصيدة الشاعر العراقي مظفر النواب “قمم –قمم ” والتي مطلعها “قمم قمم،معزى على غنم ….”فاليوم فإن أي حديث عن أجتماع للعرب بقمم ومسرحيات عربية “كلاسيكية رومانسية” ماهو الاحديث فارغ من أي مضمون ، فالعرب كعادتهم سيجتمعون اليوم وغدآ وبعد عام وبعد عامين ، وسيستمرون بمنح صكوك الطاعة والولاء لاسيادهم بالاقليم وبالغرب ، فهذه الجامعة العربية ولدت منذ تأسيسها ميته ولكن تتنظر من ينعاها بشكل رسمي …….
* كاتب وناشط سياسي -الأردن.
نقلا عن رأي اليوم