الخبر وما وراء الخبر

تركيا.. مسرحية أم غباء انقلابي..!!

184

عبدالله الصعفاني

لا أظن أن الانقلابيين في تركيا مجاميع من الأغبياء.. ولذلك أميل إلى الرأي القائل بأن رجب طيب أردوغان إنما قدم مسرحية مثيرة وقصيرة في أحداثها المنظورة أراد بها القضاء على خصومه بالجملة والتجزئة، لكنه أغفل حقيقة أن تركيا ما بعد الإنقلاب وتصفية الخصوم هي بكل تأكيد تركيا أخرى تدفع محبيها للقول: الله يستر.
أما مبعث التشكيك في “الشو الإعلامي” الانقلابي فهو أن القادة العسكريين الذين يرى إعلام الربيع العربي أنهم انقلابيون كانوا يدركون أن زمن الانقلاب بالاستيلاء على التلفزيون والإذاعة وإعلان البيان الأول هي فكرة قديمة أكل عليها الدهر الإليكتروني وشرب وتبوّل.
العبد لله لا يخفي إعجابه بأردوغان ونقلاته الاقتصادية والتنموية -وهذه حقيقة- كما أنني ضد الإنقلاب على الشرعيات الذي أسس له الربيعيون العرب في تونس ومصر وسوريا وليبيا واليمن ثم اكتشفوا بعد ذلك أنهم ضحايا في المسافات الممتدة من القاهرة إلى صنعاء وحتى اسطنبول إذا سلمنا بالانقلاب على أردوغان تحديدًا.
وليس المتباكون على شرعية مرسي وعبدربه وأردوغان إلا غارقين في الانقلاب على شرعية الرئيس وأستاذ الجامعة وحصانة مؤسسات احترقت بالشرعية الثورية هنا وهناك فتكاثر عدد المؤسسين الضحايا والقتلة الضحايا في زمن لعب الإعلام الإليكتروني دوره في توحيد اللحظة التاريخية لكل من أراد الثورة أو الإنقلاب.
وعذراً فقد تماهى الفرق واحتدم الاختلاط بين الحاج أحمد وأحمد الحاج، فهل من اللائق أن ينكر من قصفوا الشرعيات على الإنقلابيين القادمين دون أن يقعوا في انتكاسة التناقض؟
وفي ذات نقاش حالة وقوع الطوبة في المعطوبة على الطريقة التركية يبقى الراصد في حاجة لإثبات أن أردوغان لم يشارك في الإنقلاب للتخلص من خصومه العسكر وآلاف القضاة الذين لم أفهم كيف أن لهم دور مكير وخطير في انقلاب عسكري.

ومن السابق لأوانه ربما الحديث حول معنى اتجاه أردوغان لمطالبة حليفه الأمريكي برأس المعارض فتح الله غولن مذكراً إياهم بأنه قدم للأمريكيين كل من طلبهم من تركيا وحدانا وزرافات.
أيضاً من السابق لأوانه معرفة خفايا وزوايا قول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري: أين الدليل على انقلابية فتح الله غولن؟، وما هو سر إغلاق فرنسا لسفارتها في تركيا قبل يومين على الانقلاب المزعوم؟، وماذا قصدت المستشارة أنجيلا ميركل بتأكيدها على ضرورة التزام أردوغان بالديمقراطية وبالقانون في التعاطي مع تداعيات الشكل والمتن الإنقلابي .
وبالانتقال من حالة التشكيك أو تأكيد الانقلاب الإصطناعي الذي قصد منه تهيئة أردوغان الملعب لقادة حزبه بعد أن يغادر موقعه تاركاً حزبه لقادة لا يتمتعون بذكائه ، فإن التداعيات التركية ستكون أقوى وأخطر من حديث الإنقلاب بحقيقته وحتى وهمه.. ما قد يعني أن ربيعاً تركياً قد جرى تدبيره بانقسام عسكري ومجتمعي ومؤسساتي لا تكفي مائة قناة مثل الجزيرة لإنكاره على المدى الزمني غير البعيد وهو أمر نأمل أن لا يحدث لأن تداعياته لن تشبع سوى رغبة المراهقين العرب الذين يتمنون أن تصبح نور ونجمات الجمال التركي لاجئات في مدن الشبق العربي.. وهذا ما لا أتمناه لعل وعسى أن تصبح تركيا محضر خير في محيطها العربي والإسلامي الذي أرهقته وقد تكون هي الأخرى إحدى ضحاياه..

والله أعلى وأعلم.