الخبر وما وراء الخبر

تُرى ما السبب؟

119

  د. جمال محمد الشهاري

– تُرى ما السبب الذي جعل هذا البلد يصمد ويتحدى عدوانا ظالما تقوده أمريكا وتباركه إسرائيل، وتنفذه أغنى الدول كالسعودية ودول الخليج، وتدعمه دول عديدة أخرى؟ ويُجندُ له مجلس الأمن والمنظمات الدولية؟

– تُرى ما السبب أن الدولة في ظل هذا الحصار الخانق، والحرب الضروس المدمرة لا زالت إلى الآن تصرف مرتبات أبناء المحافظات الجنوبية وتقوم بواجباتها كدولة مسئولة؟ – ترى ما السبب أن الأمن متحقق في المحافظات الشمالية، ولم يتحقق في المحافظات الجنوبية التي قيل أنها تحررت من الميلشيات التي تنشر الفوضى والدمار؟ – ترى ما السبب أننا لم نكن نشهد تصنيعَ مجرد مسمار، أو ملعقة طعام، واليوم أصبح لدينا تصنيعا حربيا، والجيل الأخير منها يمثل نقلة نوعية في التصنيع الحربي؟ – ترى ما السبب أن وفدنا الوطني الذي شارك في مفاوضات الكويت، حوَّل الأمم المتحدة ومبعوثها الدولي، وسفراء الدول الدائمة العضوية والدول الخليجية، وكذلك وفد مرتزقة العدوان إلى مجرد أقزام، غيابهم أفضل وأشرف لهم من حضورهم؟

– ترى ما السبب الذي جعل اليمن يكشف الوجه القبيح الكاذب للمنظمات الدولية، وخصوصا الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، ويفضح شعاراتها الزائفة الكاذبة، وأنها مجرد سمسرات أسواق تُباع وتشترى بالمال؟ – ترى ما السبب الذي جعل الأمم المتحدة تتعرض لأكبر فضحية في تاريخها، وجعل أطفال اليمن، يمرغون أنفها في وحل الخزي والعار، ويتصدقون عليها بما لديهم من نقود علَّها تخجل ولو قليلا، وتصدق ولو في نصف كلمة مما تدعيه من شعارات زائفة عن حقوق الإنسان، وحقوق الأطفال في الحياة والتعلم والصحة والعيش الكريم؟

– تُرى ما السبب الذي جعل هذا البلد يسقط الكذابين، الذين كانوا يتدثرون كذبا بشعارات الوطنية، والديموقراطية، والاشتراكية، ويتغنون ليلا ونهارا بحب الوطن، وكانوا يصمون السعودية بالتخلف والرجعية، ويتحدثون في وسائل الاعلام عن جرائمها في البلاد والعالم، ثم بعد ذلك يرتمون أذلاء خانعين تحت أقدامها، ينتظرون فضلات الكبسة والمال، وباعوا كل الشعارات، والمقدسات، والكرامة والأوطان؟

– ترى ما السبب الذي جعل هذا البلد يُسقط الأقنعة الزائفة عن وجوه تجار الدين أرباب النفاق، الذين يهزون لحى الكذب والدجل، ويتباكون كذبا على حال البلاد، ثم لا تجد منهم إلاّ فتاوى الفتنة والتكفير والتدمير وسفك الدماء والنكاح؟ ترى ما السبب الذي مكن أهل هذا البلد الكريم من كشف وتعرية النفاق والمنافقين؟ وأصبح المنافق مكشوفا مفضوحا ملعونا بدعمه عدوانا تقوده أمريكا، وينفذه بنو سعود، وتباركه إسرائيل؟

– ترى ما السبب الذي مكن هذا البلد من كشف المتخاذلين الذين في قلوبهم مرض، الذين يزعمون أنهم قد اتخذوا موقفا حكيما، من التزام الحياد بين أحزاب متحاربة وكأنه صراع داخلي بحت، وهم يرون عدوانا خارجيا شارك فيه الصهاينة بالطيران والدعم المباشر؟ ثم ما علاقة الجنجويد والبلاك ووتر والداين قروب وغيرهم بصراع حزبي داخلي؟ وما علاقة صراع داخلي بالتوغل الأمريكي في البلاد؟

– ترى ما السبب أننا لم نعد نرى أولئك الأعفاط من أبناء بعض مشايخ السوء، الذين كانوا يدوسون الناس بسياراتهم الفارهة في الشوارع والطرقات؟ ومن وراءهم سياراتٌ مقفصة بابها الخلفي مفتوح، تُقلُ مجموعة من المسلحين القتلة، الذين يتلهفون للنزول سريعا لامتهان المواطنين ودوس كرامتهم؟

– ترى ما السبب في اختفاء ظاهرة البسط، والتي كانت ظاهرة يومية معتادة؟ فلم نعد نرى أولئك الأوباش من بعض الضباط والمشايخ والنافذين الذين يأتون للبسط على أرضك أو بيتك، جهارا نهارا، ثم لا يكون بمقدورك إلا تُقتل على تراب أرضيتك، أو أمام منزلك وأطفالك، أو العيش على الضيم، أو الموت قهرا وتعبا في أروقة المحاكم بحثا عن أحكام لا تهش ولا تنش؟

– ترى ما السبب في اختفاء العشرات من التقطعات القبلية، وتقطعات الثأر والسلب والنهب في الطرقات أمام المسافرين؟ وترى ما السبب في حل كثير من مشاكل الثأر، والمشكلات القضائية التي تجاوز بعضها أكثر من عشرين عاما؟

– ترى ما السبب أنك الآن تستطيع أن ترفع صوتك في وجه أكبر مسئول، دون خوف من سيارة تقطع طريقك، ويخرج منها بعض المسلحين ليقتادوك إلى المجهول؟

– ترى ما السبب أنك الآن أصبحت آمنا على تجارتك، ولم يعد هناك “الشريك العفط”، الذي يشاركك نصف تجارتك عنوةً، بحجة حمايتك من مشاركة عفط آخر لك؟

– تُرى ما السبب؟ … والقائمة تطول.