الخبر وما وراء الخبر

احتلال الجنوب من خلال الانفصال واعادة الشرعية

205

ذمار نيوز -النجم الثاقب 14 يونيو 2016م

فى عام 1821م عقدت بريطانيا مع امام اليمن معاهدة تقضى بالسماح لبريطانيا بتصريف متاجرها فى اسواق هذه البلاد ,الا ان محمد على راى فى ذلك تهديد لمصر ومصالحها الاستراتيجيه حيث ستؤدى الى سيطرة بريطانيا على مياه البحر الاحمر ولذا فقد عقد العزم على فتح اليمن لاستئصال النفوذ الاجنبى منها قبل ان يستفحل اثره ويصعب اقتلاعه , ومن ثم قام محمد على بفتح اليمن 1835 فيما عدا عدن التى قام الانجليز بالاستيلاء عليها 1839 لضرب محمد على وارغامه على الانسحاب من اليمن وهو ماتم بالفعل عام 1940
وهنا انفردت بريطانيا وحدها بمقدرات جنوب اليمن كله وبدأت إنجلترا عشية احتلالها لعدن في تنفيذ سياسة التهدئة في المنطقة حتى تضمن استقرار الأمور في عدن بما يحقق مصالحها الاستراتيجية والتجارية والبحرية فعقدت معاهدات مع شيوخ المنطقة ثم دفع الرواتب المجزيه ومنح الألقاب والنياشين ومنح الهدايا لهؤلاء الشيوخ.
هذا ولم يكن الاستيلاء على عدن هو غاية ما تبغيه بريطانيا في المنطقة، وإنما كان هذا الاستيلاء بمثابة نقطة للتوسع وبداية الانطلاق لتأكيد النفوذ البريطاني في جنوب اليمن والبحر الأحمر وعلى الساحل الشرقي الإفريقي وكذلك لإبعاد أي ظل لقوى أخرى حيث كانت عدن محط أنظار كثير من الدول الطامعة في إرساء قواعد لها على البحر الأحمر والخليج العربي ومن ثَمَّ السيطرة على المحيط الهندي والساحل الشرقى الافريقى والتجارة الشرقيه .
وبعد طرد البريطانيين من قبل ابناء الجنوب الذين عرفوا مامعنى الأحتلال والذين ذاقوا الأمرين من هذا الأحتلال في جنوب اليمن هاهو المجال الآن يفتح لكثير من الدول ومن ضمنها الولايات المتحد وفرنسا وغيرها من السيطرة واحتلال الجنوب مرة اخرى لاجل موقعها الاستراتيجي لكن هذه المرة دخلوا بلعبة جديدة تحت غطاء “اعادة الشرعية” والذي اعتبر اكثر المحللون السياسيون هذه الخطوة مدروسة ومخطط لها من قبل.
حيث أن فرار هادي من صنعاء الى عدن كانت المحطة الأولى لشن عدوان غلى اليمن، و كانت في اطار انفصال الجنوب من الشمال وكل هذا العدوان جاء في سياق تقسيم اليمن الى دويلات مجزئة والسيطرة على اهم المناطق الاستراتيجية في الشرق الاوسط، ولم يتحقق هذا الامر الا باحتلال الجنوب مرة اخرى ولكن بصيغة اخرى وهو الانفصال واعادة الشرعية.
الانفصال ليس بالضرورة ان يكون الحل الاوحد او الامثل او الافضل،  بل ربما يكون اسوأ حل أو ربما يزيدها تعقيداً و يطيل معاناة الجنوبيين و يزيد من التشققات في بنيانهم الاجتماعي، كما انه لن يعيد لهم كيانهم السياسي، بل لم ينشأ لهم كيان متكامل و صلب رغم المحاولات ما قبل 1967، و ما بعدها..
التلازم بين القضية الجنوبية والانفصال خطاء؛ أدى الى انقسامات و تعقيدات جعل منها القضية المستحيل، و جعل كيان الحراك كيان هزيل يسهل التلاعب به..
في نهاية المطاف يجب حل القضية الجنوبية حلاً عادلاً بعيداً عن التدخل الأجنبي او الأحتلال الامريكي السعودي الأماراتي؛ و هذا الحل بالتأكيد لن يكون في الانفصال، و هذا ما يعرفه و يدركه كل القياديين الجنوبيين.