أطفال اليمن
د/ عبدالعزيز صالح بن حبتور*
أرواح أطفال اليمن تطارد المشمولين في قائمة العار.
صدر قرار الأمين العام للأمم المتحدة بإدراج التحالف العسكري بقيادة المملكة السعودية المعتدي على اليمن ضمن قائمة العار أو القائمة السوداء للدول التي تنتهك حقوق الإنسان وقتلها للمدنيين ومنهم الأطفال ، وسبق لهذه القائمة أن ضمت دولة الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني وجنوب إفريقيا العنصرية وكمبوتشيا بزمن الإرهابي / بول بوت ودول إِفريقية عديدة بسبب التصفيات العرقية العنصرية وتقف حكومة السودان على رأسها بقيادة الرئيس ( الشرعي ) عمر أحمد البشير المطلوب جنائياً لمحكمة العدل الدولية بسبب جرائمه كما ضمت دول عديدة بالعالم أخرى.
محتوى القرار يدين السعودية وشريكاتها في تحالف العدوان بقتل الأطفال اليمنيين، لكن السعودية هاجت وأزبدت وأرعدت في هيستيريا غير محسوبة العواقب ضد هيئة الأمم المتحدة وأمينها العام وهددت بوضوح بقطع المساعدات المالية على جميع المنظمات الخيرية للأمم المتحدة بهدف توقيف وشل أنشطتها، وما يؤسف له بأن المنظمة بأمينها العام رضخ لذلك التهديد ورفع مؤقتاً اسم حكومة السعودية من قائمة العار الإنساني، وقال السيد بان كي مون في تصريحه الشهير حينما تراجع عن قراره: (إنه واحد من أكثر القرارات الصعبة والمؤلمة التي اضطر إلى اتخاذها في حياته)، وهذه ليست زلة لسان للأمين العام ، بل إنها فضيحة أخلاقية مدوية تفقد الأمم المتحدة مصداقيتها لدى شعوب العالم قاطبة.
لكن السؤال الكبير، في ما هي الآثار السياسية المترتبة على رد فعل السعودية الهيستيري تجاه القرار الأممي من ناحية واستمرار العدوان على اليمن من ناحية أُخرى؟
أولاً:
السعودية في تصرفها ورد فعلها العنيف و(هنجمتها) أظهرت للعام كله مدى تغول هذه الحكومة في توظيفها للمال المسموم على مصائر الأمم والشعوب وبالذات الشعوب العربية لمحاولة شراء أي موقف وإسكات أي رأي يظهر عيوبها وجرائمها، وهي تتشابه إلى حدٍ كبير مع العدو الإسرائيلي الصهيوني حينما ترتكب أية جريمة بحق أطفال أهلنا بفلسطين ولبنان وقبلها في مصر وسوريا الصامدة تكون محمية ومسنودة من النظام الغربي في مجمله، لكن الفرق بأن دويلة إسرائيل تعيش فوق القانون الدولي ومحمية من فيتو الإدارات الأمريكية المتعاقبة بحكم هيمنة اللوبي اليهودي الأمريكي وغيرها من جماعات الضغط، أما السعودية فهي محمية من (البترودولار) ليس إلا، وبعد أن ضعف دعم حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية.
ثانياً:
السعودية دخلت الآن في معركة مفتوحة مع العديد من منظمات حقوق الإنسان في العالم ومع الصحف العالمية الكبيرة وحتى مع أطراف بالإدارة الأمريكية ذاتها في سجال لا نهاية له حول مدى صدقية قرار السحب المؤقت من القائمة.
ثالثاً:
السعودية دخلت في مأزق خطير الآن مع أرواح ودماء الأطفال (لعنة أرواح أطفال اليمن)، باعتبارها قاتلة مباشرة لهؤلاء، فكيف يتسق هذا الفعل الإجرامي الفاضح مع إدعائها المستمر بأنها حامية حمى الحرمين الشريفين وهي أمكنة مقدسة عالية القيمة الأخلاقية لدى عموم المسلمين جميعاً، أليس في ذلك تناقض بيِّن؟.
رابعاً:
شنت السعودية عدوانها بكل هذا الجبروت والقسوة بهدف معلن (إعادة الحكومة الشرعية) إلى صنعاء، وتفاجأت بأن مقاومة اليمنيين لها كانت بمستوى رد الفعل الصادم لها من كل الجوانب، المعنوي، التسليحي الجاهزية العالية غير المتوقعة، علاوة على أن الحاضن الشعبي اليمني كبير وواسع، أليس هناك من مستشار أمين يقدم النصح الصادق لمتخذ القرار بالسعودية، بأن الاستمرار في الحرب على اليمن بها مضرة أخلاقية ودينية وإستراتيجية على نظام الحكم لديهم في قادم الأيام؟.
خامساً :
لن يغفر التاريخ مطلقاً لمن تغول وتنمر من الجو على أرواح اليمنيين ، وأن التستر خلف مغالطات إعلامية لن يعفي مُتَّخِذ القرار من الحساب الإلهي والوضعي، وأن الاتكاء في رهانهم على جوقة من المرتزقة تبرر لهم عدوانهم لم ولن يفيد حينما يحصحص الحق، وكل المؤشرات تسير إلى أن الحق اليماني قد حصحص ونتائجه بينك لم ذي لُب وعقل.
سادساً:
إن بقيت السعودية في سجل العار أو أُخرجت منه سيان؛ لأن التاريخ قد سجل الحدث الذي ستتداوله الأجيال اليمنية جيلاً بعد جيل ولا أشك بأن الأجيال اليمنية المتعاقبة ستنسى الجريمة، لا بل ستتحوّل دماء وأرواح أطفال اليمن إلى قناديل مُضيئة تنير دروب الأجيال الطامحة في الحرية والانعتاق، ولكنه بالمقابل سيكون درساً للمراجعة والتعديل في السياسات القاتلة لدول العدوان كلها.
سابعاً :
وبعد أن تضع الحرب أوزارها سيُبنى وسيُشاد مبنى لنصب تذكاري كبير في كل عواصم المحافظات اليمنية يرمز لهؤلاء الشهداء من الأطفال ، وسيكون مزاراً هاماً يتعلم منه أطفال اليمن قيم المقاومة والصمود والكبرياء.
هذه مؤشرات معلنه لا لَبْس فيها ولا تحتاج إلا للعودة للعقل والرشاد لِلَجْم وكبح جموح المتهورين الذين لا يستمعون إلا لأهوائهم الساذجة ومحاطين بعقول ونفسيات مريضة ونفعية ينفخون في كير الحرب لاستمرار اشتعالها لإراقة المزيد من الدماء والتمتع بمناظر الأشلاء في هذا الشهر الكريم شهر رمضان المبارك الذي تُصفد فيه شياطين الحرب ومصاصي الدماء.
?وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ)
محافظ عدن – رئيس جامعة عدن
نقلا عن صحيفة الثورة