أنا من جراحك يا كويتُ | صلاح الدكاك
صلاح الدكاك
إلى الصديقين السيد محمد السبتي و الدكتورة هيلة المكيمي
غجريةٌ ذبّاحةُ الأهداب؛ تدعك لؤلؤ الزمن الخليِّ بِعاجِ نهديها ..الكويتُ
..هي الكويتُ
جنِّيَّةٌ من جِنِّياتِ البحر ينكأُ ذيلُها الفضيُّ ذاكرةَ المرافئ في مُشاعِ خليجِ غُلْمَتها ..الكويتُ
..هي الكويتُ
لا السندبادُ يموتُ في شفةِ المكانِ و لا حكاياهُ تموتُ
……
من “نوتةٍ” وُلِدَ المكانُ و مَوَّلَ الرملُ الصموتُ
من أغنياتٍ دوْزَنتها الريحُ أقْلَعَتِ المراكبُ و اليُخوتُ
من عاشقٍ نهشَتْ ضباعُ البِيْدِ مِزهَرَه فأودعَ ما تَفلَّتَ من مخالبها ؛ رمالَ “الكُوْتِ” ؛
شَرَّشَتِ اللحونُ و شرَّعتْ شجناً ضفائرَها التكايا و التُّخوتُ
لم يسرق الكحلَ الحميمَ القارُ من عين المكان و لا الزيوتُ
….
بـ”مباركيَّتها” الكويتُ هي الكويتُ
صقَلَتْ مفاتنها و لم تخلع هويتها..
الحوانيتُ العتيقةُ و الأزقَّةُ و المقاهي و البيوتُ
عربيةَ الأنفاسِ لم تزل الملامحُ و النُّعوتُ
الأعينُ البدويّةُ النجلاءُ و الزُّرْقُ الـ”كيوتُ”
الفاترُ الهفهافُ و الجينزُ المنتَّفُ و التنانيرُ القصيرةُ و العباءاتُ القَنوتُ
يتسوَّرُ الخشبُ المُدَخَّنُ طفرة الرقميِّ ؛
تضبطُ وَقْعهُ الطاغي “البُشوتُ”
جدلٌ وجوديٌّ مميتُ
و أنا مجازٌ في اختلاج الحاضر المنثورِ و الأمسِ المُقَفَّى؛
ما رَسَوْتُ
….
أنا من جراحك يا كويتُ
و مَن جنى يوماً عليك جنى عليَّاْ
و الخنجرُ الفاشيُّ ذاتُ الخنجر الفاشيِّ
يوْلِمُ بي على شرف الهويةِ؛
يحتسيني ؛ يقتفي الأشباحَ فِيَّاْ
ويشقُّ أوردتي ليجتليَ المُهَجَّنَ و النقيَّاْ
كنا سويّاْ
أنا أنت لا كنتِ “الجليلَ” و لا أنا “شيرازُ”
كنا الوُجهةَ المُثلى ليستويَ الدَّعيُّ
على خراب الواقعِ القوميِّ فحلاً يعربيَّاْ
…..
إن شئتُ أعتبُ يا كويتُ
يلومني فيك العَتَبْ
لك أنت وحدك مُطْلقُ الدعوى
علينا و الغضَبْ
أَنَّا ارتشفنا شهدك الصافي
و بدَّدْنا سُلافَك و الحبَبْ
تُهنا و عربدنا و خلَّفناك
في أوجِ التعبْ
لـِ”الخنجر الفاشيِّ” ؛ لم نأبَه
و لم نَرْعَ الفنون و لا الأدبْ
أَنَّا اتخذنا منك محضَ “عروبةٍ تحت الطلبْ”
و أوانَ جارَ الجارُ هلَّلْنا
و أنكرنا القرابةَ و النَّسبْ
فعلامَ نعتبُ يا كويتُ؟!
و نحن من خُنَّا العروبةَ
في دمائك و العربْ
باسم العروبة و العربْ
.
.
و اليوم نجني رغم كلِّ الشوكِ
من يدكِ العنبْ
….