الخبر وما وراء الخبر

من ذكريات العدوان : “جُود” قتلها العدوان وفشل في إطفأ إبتسامتها

676

ذمار نيوز- نقلاً عن صحيفة الثورة:

كانت ستمضي أيام ” جُود” هنيةً في كنف أسرتها, وتكمل تعليمها لتصبح ما تريد, لكن العدوان حول جسدها الغض الى اشلاء متفحمه, لتبقى صورة موجعة ليوميات الموت في اليمن.

جوُد محمد جمال السنباني ذات خمس سنوات, أطفأت أبتسامتها طائرة كانت تخمر في مساء منطقتها وفي ثواني حولت مراسيم العرس الذي كان جُود إحدى ملائكته الصغيرة الى وجع ما تزال جراحة دامية, لم تبرد بعد.

عندما عاثت طائرات العدوان, فسادها في اليمن, كانت أسرة “غوبة” تحضر لعرس ثلاثة من ابنائها في قرية سنبان بمديرية ميفعة عنس بمحافظة ذمار, ولم يكن في حساب أحد ان يكون العرس هو الهدف التالي في قائمة القتل العبثي لتلك الطائرات, ” إهتز منزلي الواقع باطراف القرية وتعبثر كل شيئ امامي من شدة الإنفجار, لحظتها اعتقدت ان منزلي قصف, وعندما تلاشئ الغبار تعالت اصوات النحيب وتسرب الخوف الى أطرافي”, يصف محمد السنباني اللحظات الأولى لتلك المأساة, ويزيد حديثه بوجع: إختلطت كل الأشياء ببعضها وصعب التمييز بين الاشلاء.

لحظات فقط هي الفاصلة بين منزل “محمد صالح غوبة” قبل القصف وهو يحاط بالزغاريد ورائحة الفل واصوات الفرح, وبعد القصف الذي حوله الى انقاض تجثم على اشلاء وجثث العشرات من الأبرياء, في تلك الليلة الدامية, راح ضحيتها 134 شهيدا وجريحا, بينهم عروس وعروستة, وعشرات الأطفال بينهم “جوُد”, ووالدتها واخوانها وجدها, وحشد هائل من اقربائها.

لم تستطع قرية سنبان تحمل أرقام الموت في تلك المجزرة, بل إضيف اليها  سقط نحو (17) شهيدا من قرية “الخربة”، معظمهم من النساء، ومن قرية “صباح” شهيدان، وطباخان اثنان استشهدا مباشرتاً, لم تكتمل مراسيم ذلك العرس لكن تفاصيله تجول حالياً في ذاكرة اليمنين.

وقال رئيس غرفة الرصد والتوثيق لجرائم العدوان وحصر النازحين بمحافظة ذمار(عبد الرحمن القادري), انه تم توثيق إستشهاد 54 بينهم خمسه أطفال في مجزرة سنبان لتكون بذلك اروع مجزرة تشهدها المحافظة منذ بداية العدوان على اليمن.

مشيراً الى أصابة 78 شخص جل المصابين من النساء والأطفال, حيث وصل عدد المصابين من الأطفال 11 طفل عدد منهم لديهم إصابات دائمة وعاهات.

وعن الأضرار المادية قال القاداري, ان الغارة دمرت كذلك ثلاثة منازل, و 15 سيارة ودراجة نارية, تعود ملكيتها لاسرة آل الغوبة وأهالي قرية سنبان والخربة.

وصباح يوم السبت 14-4-2015م, شهدت مدينة ذمار, أول الغارات الجوية مستهدفه مدرسة تدريب قوات الحرس الجمهوري غربي مدنية ذمار, ومساء ذات اليوم تم إستهدف ذات المكان, نتج عن تلك الغارة إستشهاد شخص واحد وإصابة ثلاثة اخرين, طال الخراب مدرسة تدريب الحرس و سبعه منازل جوار المكان.

وبحسب القاردي انه تم رصد خلال الفترة 14-4-2015م حتى 3-2-2016م عدد(41)غارة جوية. وتابع: قتلت تلك الغارات 151 شخص وسببت بإصابة 234 بين المصابين 2 إعاقة دائمة, كما طال التدمير 256 منزل و17 محل تجاري, 3 اليات نقل, و22 سيارة, و 42 منشأة حكومية, و3 طرق عامة, وممتلكات زراعية, وثلاث مركبات حكومية, ثلاثة عنابر تتبع القطاع الخاص, ومصنع مواد غذائية.

مستنداً بتلك الأرقام الى توثيق لغرفة الرصد والتوثيق التي يرأسها.

لم تتوقف بشاعة العدوان عند هذا الحد, بل ايضاً الى ماهو ابعد من ذلك, قتل المواشي والدواجن, ففي فترة عملية الرصد,  قتل في تلك الغارات (80) رأس من الماشية, وقتلت ايضاً نحو مئة الف دجاجة في سلسلة غارات إستهدفت مرزعة مهرس للدواجن.

أهالي سنبان, فقدوا مأوىً وأحبّة في تلك المأساة, هم ليسوا أرقامًا، ولكنهم كثيرو العدد، من يكترث لسماع قصص شخصية عن كل ضحية يمني يموت تحت الانقاض او بفعل القصف المباشر لطائرات العدوان, مع ذلك تسرب الحزن الى قلوب المواطنين في ذمار, وضج العالم لدى سماعه تلك القصص الإنسانية عن المجزرة, لتتبنى منظمات دولية حملات لكشف حقيقة تلك القصة الموجعه في تاريخ العدوان, وثير القضية في الكثير من المحافل الدولية, “جنيف” ايضاً كانت الوجهة, فقد نشر نشطاء حقوقيين صور عن تلك المأساة, لتكشف مدى وحشية ما يواجهه اليمن.

وبينما اصوات تثير نقاشات عميقة عن المجزرة وتفاصيلها الموجعه, كانت هناك ايضاً اصوات نشاز تتحدث بتفاصيل تجانب دائما الحقيقة, للفت إهتمام الناس نحو اتجاه مجانب للواقع, وإدخارهم لمعارك كلاميه لامتصاص غضبهم المتزايد من جرائم العدوان في اليمن.

“هو صاروخ حوثي”,” العملية إستهدف فيها شخصية سياسية”,” قبل دقائق كانت شخصيات كبيرة تمر من المنطقة”, تلك بعض الأنباء التي روجت لها للتخفيف من حده وجع الناس, والتي كشفت تتالي الأيام انها عارية تمام من الصحة.

“الكعك” الذي عُد خصيصاً كوجبات خفيفة لضيوف العرس, تناثر في اجراء المكان, ولم يعد يكثرت له احد بعد ان إختلط بدماء من صنعنه. 

جمال السنباني,, نقيب الكادين والعمال:

طوال سنوات عمره وهو يناضل من أجل العمال والكادحين والبسطاء ومطحوني المجتمع, وفي مساء صاخب اطفئت طائرة العدوان ضد اليمن, صوته الى الابد” ذلك هو المناضل والنقابي الأول “جمال صالح السنباني” الذي قتل مع مجموعة من افراد اسرته اثناء حفل زفاف في منطقة سنبان في 7 اكتوبر 2015م, في مجزرة بحق المدنيين والابرياء, لم يسبق لها مثيل في تاريخ اليمن الحديث.

هو أبو النقابات العمالية الذمارية, منذ تأسيسها على يديه في بداية سبعينات القرن الماضي, عندما أسس وتولى زمام قيادة نقابة النقل المخصصة لأصحاب وسائل المواصلات.

يتذكر المناضل “على المسعدي” أن جمال السنباني يعتبر أب لكل السائقين ويتابع قضايهم في كل المستويات وعند كل الجهات مختلف مسمياتها, لدى تاسيس النقابة ليكون مرجع لكل النقابيين عند تأسيس اتحاد عمال اليمن. كان النقابي العمالي الاول بالمحافظة بدون منازع, وأكثرهم نشاطاً وقدرةً على رفد مسيرة العمل النقابي المنظم بالافكار والمشاريع الناحجة.

يعد مقتله إنطفأ صوت عمالي صادح بالحق ومطالب بالحرية والعدالة والمساوة ومتعاون مع الجميع.

تدرج في سلم العمل النقابي ليصل الى كرسي نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن, ومكان قيادي عملاق في جسد اتحاد يناضل من اجل عمال اليمن. منذ سنوات عمره الاول عشق طريق الحق والكفاح من اجل الاخرين, والدفاع عن مصالحهم وحقوقهم, ليكون مؤسس مدرسة ذمارية في العمل النقابي ترعى حق العمال وتدفع عن العامل وتسعى الى ترسيخ مبداء ” العامل صانع الغد”. انطفأ صوت هذا الرجل العصامي, وسط صرخات الوجع والنوح والدموع, ليكون بطلاً في ذاكرة الاجيال القادمة, وسمش ذمارية لا تنطفي.

– بتصرف من مشروع “وجوه ذمارية”.

ملاحظة:

الصور : خاصه بـ(غرفة الرصد والتوثيق لجرائم العدوان وحصر النازحين بمحافظة ذمار )