الخبر وما وراء الخبر

من ذكريات العدوان : مأساة مدرسة 22 مايو بذمار … دفع رسوم الإختبارات ليُغيبه العدوان الى الأبد

699

ذمار نيوز- نقلاً عن صحيفة الثورة:

في الوقت الذي كان يحاول ثله من طلاب مدرسة 22 مايو بمنطقة ذمار القرن غربي مدينة ذمار, الهرب من صوت إحدى طائرات العدوان, كانت قائدها يوجه إحدى الصواريخ نحو رؤسهم, ليبعثر أجسادهم, تماماً, كما بعثر كتبهم ودفاترهم المدرسية, “صالح عبد الكريم المرادي- 17 عاما” في الصف الأول الثانوي, وأحد من شهداء ذلك اليوم الحزين.

عندما كانت الساعة تشير الى الثامن صباحاً من يوم 6/5/ 2015م, إستيقظ قاطني مدينة ذمار على دوي الإنفجارات وتتالي أزيز الصواريخ التي لا تعرف لها وجهه غير أجساد الأبرياء, على عدة أماكن في الجزء الغربي من مدنية ذمار, وعندما تجلا غبار ذلك الصباح كان عدد الشهداء وصل الى 12 شهيداً و17 مصاباً, بين الشهداء طلاب مدرسة.

مأساة مدرسة 22 مايو, كبيرة, ففي لحظة عابره فقدت عدد من طلابها بين قتيل وجريح, لتبقى ذكرى عامر باللحظات الحزينة ليوم ايضاً حزين.

“صالح” ذهب الى المدرسة من أجل تسديد رسوم الأختبارات, وعندما بدأ القصف على مركز تدريب أفراد الشرطة, هرب كما عمل الجميع, وبعد لحظات لم يبقى من جسدة سوا بعض الاشلاء, وبقايا ذكريات موجعه ترافق اقربائه وزملائه. قتل في تلك اللحظات صالح وطفل أخر كما أصيب عدد أخر, ليضافوا جميعاً الى قائمة ضحايا الحرب.

” متفوق وفي الصف الثالث الأعدادي حصل على المركز الثالث في المدرسة”, قال شقيقة مراد عبد الكريم, وزاد: هو الذي معانا بين اخوتي متفوق علمياً.

لم يتوقف الوجع هنا, بل أمتد الى الأسرة جميعاً, فقد داهم مرضي ” الضغط والسكر” والد “صالح”, كما زُرع الحزن في حدقات أمه التي ما تزال في حالىة صدمة تستيقظ من نومها مزوعه, فعند علمها بالخبر لم يفصل يوم ولادتها وبين إستشهاد إبنها غير بضعة أيام.

” الطفل الصغير يشبه تماما الشهيد صالح, كنا نريد ان نسميه صالح لكن لكي تحاول خالتي – زوجة أبي- تناسي صالح اسمينه عابد”, يسرد “مراد” تلك التفاصيل, ولدى إستحضار حالة البؤس التي تحاول قوى العدوان محاصرتنا به, أختصر حديثه, وقال : ظلم وعدوان, خسرت أخي لو كان الجاني شخص ما يكفيني غير القصاص, لكن ليس لدينا سوا ان نرفع ايدينا الى الله وبدعاء أمهات الشهداء وصبر الرجال, الله لن يخذلنا.

مضيفاً: كان أكبر أشقائي من زوجية أبي, وأحبهم الى قلبي, لإختلافه وأخلاقه الحسنة وخلقه النبيل, كان وما يزال إستشهاده غصه في حلقي ما حييت.

غاب على الحياة ” صالح”, وعندما وري الثراء كان ما يزال يتكفن بعض جسده بثياب المدرسة, كحالة يتقاسمها العشرات من طلاب المدارس الذين تحولت ثيابهم المدرسة الى اكفان ومدارسهم الى قبور, هم ضحايا في حرب ليس في مخيلتهم مدى دمويتها ووجعها.

وينظر التربوي والمدرب الوطني “جمال المصعبي” الى إستهداف العدوان للمدارس والمؤسسات التعلمية بأنه ” إستهداف لإحلام ومستقبل الأجيال المقبلة “, متسائلاً في حديث لـ( قضايا وناس): أين المنظمات الدولية والحقوقية العالمية من إستهداف الأطفال والمدارس ولماذا هذا الصمت المريب مما يحدث في اليمن.

وقال المصعبي : هنالك إتفاقيات دولية تجرم قتل الأطفال وقصف المدارس والمنشأت التعلمية, لماذا لا يتم تفعيلها؟, أم ان أطفال اليمن ليسوا أطفال, لكم سئمنا من تدريب تلك الإتفاقيات وإعداد ورش العمل الخاصة بها, لكنها للأسف تحولت الى حبر على ورق عندما تعلق الأمر بحياة أطفال اليمن.

مؤكداً ان الجيل الحالي – أربع سنوات الى الثامنة عشر- , سيضل في ذاكرته أثار الحرب ومن الصعب محوها على المدى البعيد.