الخبر وما وراء الخبر

الحديدة تستغيث

216

بقلم / عبدالمجيد التركي

إنهم يقهرون القتلة، ولن يستسلموا لانعدام الكهرباء وشدة الحرارة..
يذهبون إلى المدرسة أنصاف عرايا، لأنهم في زمن الأنصاف..
هؤلاء هم الذين يعوِّل عليهم الوطن، وينتظرهم مستقبل نظيف كنظافة عقولهم وأجسادهم التي تحتمل كل هذا الجحيم..
إنهم أطفال مدينة الحديدة.. أطفالٌ بحجم الضوء وعظمة البحر..
قصف العدوان السعودي محطات الكهرباء، وقصف بصواريخه مطار الحديدة ليوقف الحركة نهائياً، وقصف السفن وقوارب الصيد أكثر من مرة، ومؤخراً قام بسحب باخرة محمَّلة بوقود تشغيل كهرباء الحديدة إلى جيبوتي، ليجعل المواطنين يموتون من الحر.. ورغم الضرر الكائن في بقاء الناس دون كهرباء في هذا الصيف القاتل، وبقاء المستشفيات دون كهرباء أيضاً، إلا أن هذا العدوان لم يستطع إيقاف الحياة.
من يرَ الأطفال في فصولهم الدراسية وهم يهزمون الحرَّ بأجسادهم النحيلة العارية، ويلوِّحون بأقلامهم لمدرِّسهم حين وضع سؤالاً ورفعوا أيديهم جميعاً، يدركْ أنه أمام جيل لا يُهزم.. جيل ذكي يريد أن يهزمه غباء البترول والصحراء.
الإمارات لن تتبرَّع للحديدة بمولد كهربائي واحد، لأنها تريد ميناء عدن، وليست الحديدة بحاجة للإمارات أو سواها، فهي مدينة غنية بثرواتها، ولو أنها اعتمدت على مداخيلها ومواردها لأصبحت أهم مدينة اقتصادية..
الحديدة ترزح تحت وطأة صيف قاتل، لا أحد يستطيع تشغيل المكيفات إلا من يمتلك مولداً كهربائياً، والطاقة الشمسية بالكاد تشغل المروحة لساعتين فقط..
الأطفال والكبار يعانون، وبعض المواليد وكبار السن يموتون.. والحديدة لم تعد بحاجة لتنظيرات أو لتشكيل لجان أو لإطلاق نداءات لإغاثتها بقدر حاجتها إلى إسعافيها بتشغيل الكهرباء أو بمولدات كهربائية كبيرة تقدر على هزيمة الحر.. وبإمكان اللجنة الثورية العليا التعاون مع تجار الحديدة وأبنائها الطيبين لإنهاء هذه المعاناة.